جورج بوعبدو

كان يحلم بأن يكون طيّاراً حتى اكتشف شغفه بالكوميديا

ماريو باسيل: "السوشيال ميديا" غيّرت قواعد اللعبة

14 آب 2021

02 : 00

يعيش المواطن اللبناني في ظروف صعبة، فالمشاكل اليومية اللامتناهية تنغص حياته. يهرب البعض من الواقع المرير الى الكوميديا فيما يشعر البعض الآخر أن الظروف الحالية والكآبة التي تسيطر على يوميات اللبناني لا تترك مجالاً للابتسامة. "نداء الوطن" إلتقت بماريو باسيل أحد أرباب فن الكوميديا في لبنان، فدار حوار مشوّق حول وضع المسرح الكوميدي وهموم البلد بشكل عام.

أنت كوميدي من الصف الاول هل كان ذلك حلمك أساساً؟

كنت أحلم ان أكون طياراً ولكن رغبتي لم تتحقق لمعاناتي من قصر في النظر وهكذا تبخّر الحلم. ما كان التمثيل وارداً في حياتي في البداية خصوصاً أنني كنت بارعاً للغاية في مادة الرياضيّات فكان من البديهي أن أصبح مهندساً مثلاً. تعددت الاختصاصات التي اطلعت عليها أيام الجامعة ولكني لم اقتنع بها. وذات يوم شاركت في مسرحية لطلاب "فن التواصل" أديت فيها دور "دب" فأعجبني الموضوع وشعرت بشغف كبير تجاه السينما والأفلام وكانت تلك بداية عشقي لهذا العالم.



ماريو باسيل مع والدته نهاد


اخبرنا عن "ماريوكا" ولماذا البرنامج بهذا الاسم؟

لأنني شعرت ان العهر السياسي لا بد من ان يقابله عهر اعلامي، فجاء برنامج "صوت ماريوكا انترناشيونال" ليفي بالغرض. قرّرت ماريوكا المواجهة وتستضيف في كل حلقة سياسيّاً تحاوره لتظهر للجمهور نواياه المبطنة. وأستخدم في نصّي عبارات وايحاءات مسنّنة تصيب سهامها السياسيين والسلطة الفاسدة. أوضح هنا انني أتناول في برنامجي الساخر جميع السياسيين وبالتالي لا يجوز الزعل خصوصاً انني لا اتهجم مجاناً بل انقل الواقع بصدقٍ لأظهر بشاعته المستترة، فبسبب هؤلاء السياسيين وإجرامهم المستفحل بتنا نعيش ظروفاً مأسوية في بلدنا.



... ومع زوجته اليكساندرا


هل "ماريوكا" أكثر شخصيّة نالت محبة الناس؟

اعتقد انها الأنجح خصوصاً أنها تعكس كيف يضطر اللبناني لممارسة الموبقات ليعيش. شخصية "مستر بهيم" أيضاً نالت استحسان الجمهور. كذلك قدّمت شخصيات مختلفة في “Celebrity Duets” وفي "منع في لبنان"، عدا المسرحيّات والأعمال الخاصّة. لا بدّ من أن أشير هنا الى أنّ عالم الكوميديا تغيّر مع مرور الزمن. في أيامنا كانت السطوة للتلفاز وحده أما اليوم فنشهد جبروت "السوشيال ميديا" الذي غيّر قواعد اللعبة فبات الممثل مرغماً على تسويق نفسه وبذل جهد أكبر ليصل الى أكبر عدد ممكن من المتابعين. نحن في زمنٍ غريب عجيب، اذ هناك اجتياح هائل للقطاع من ممثلين غير كفوئين. بوسع أي كان اليوم أن يطرح نفسه كوميدياً عبر وسائل التواصل. اختفت الكوميديا الحقيقية بهذه المعادلة.



في مسرحية Tv or not Tv


أخبرنا قليلاً عن تفاصيل برنامجك الجديد SMI؟

دور"ماريوكا" أساسي في البرنامج، على عكس ما كان عليه الامر في المسرح سابقاً. فالناس احبت ماريوكا بشعرها الأشقر وخفة ظلّها لأنها كانت تضفي نكهة خاصة على المسرحية. أما هنا فيرتكز دورها على الشؤون السياسية ووضع البلد ككلّ. هي اذاً صاحبة حوار متقن ورسائل مبطّنة وهدفها إظهار ما نعيشه من معاناة وألم. يعاونني في البرنامج الممثل الكوميدي شادي مارون الذي رافقني في أعمال كثيرة كمسرحية Comedy Night وغيرها، فهو ممثل رائع ومبدع. انضم الينا ايضاً الممثل ميشال أبو سليمان بدور مخرج البرنامج الذي يدير الدفّة وينبّه "ماريوكا" الى الأخطاء.



في دور "روز"


هل تأثرت بوضع البلد؟

حالي كحال جميع المواطنين. الوضع مبكٍ وحزين، من فاجعة انفجار المرفأ، الى جائحة كورونا، الى الإقفال العام، الى الثورة وتدنّي سعر صرف الليرة "شو بدنا نحكي"! نعيش المآسي في كلّ لحظة. نحاول اليوم أن "نصنع" الضحكة. نضحك على مصائبنا علّنا نتقبلها أكثر. معقول ما حصل لنا في السنتين المنصرمتين؟ حتى أيوب تفوقنا عليه صبراً. غريب كم نحن قادرون على الصمود رغم الشدائد والمصاعب كلها.

ماذا عن وضع المسرح الكوميدي؟

يعدّ المسرح في لبنان من الكماليات. همّ الفرد اليوم أن يؤمن لقمة العيش وتعليم أولاده، ناهيك عن الكهرباء والانترنت والدواء والبكاء على الاصدقاء الذين رحلوا. ولا ننسى كورونا الذي زاد الطين بلة. حاولت المغامرة حين كنت بـPlay Room ولكن الحالة الأمنية والسياسية حالت دون تأسيس أي مشروع جدي كان "بيجيك كفّ من هون كفّ من هونيك".

ماذا عن مشاريعك اليوم؟

باشرت بتحضير Mini Comedy Night وسيبصر النور قريباً مع فريق متجانس من الممثلين أذكر منهم: الممثل شادي مارون، الممثلة تتيانا، الممثل جوي عطا، وهو عبارة عن سهرة مليئة بالفن والكوميديا والابداع وأتمنى ان ينال اعجاب الجمهور.




ما هي رسالتك للكوميديين الجدد؟

تتعدّد مدارس الكوميديا في لبنان. حافظ البعض على الاطار الكوميدي التقليدي فيما اعتمد البعض الآخر طريقة الـ Stand up Comedy. أنصح الكوميديين الجدد بعدم التكبّر والانجراف الى زيف أضواء الشهرة،. على الممثل أن يكون ذكياً ومتواضعاً كي يتمكن من الاستمرار فالغرور مقبرة الفنان. من جهة اخرى ليس الوضع الفني في لبنان سليماً من حيث العلاقات بين الفنانين فهي غير قائمة على التعاضد والتكاتف كما هي الحال بين الكوميديين في فرنسا مثلاً، حيث تشعر أن الكوميديين «قلبٌ واحد»، على عكسنا نحن الذين لا نجيد المنافسة الشريفة التي تعطي أجمل صورة عن الكوميديا.

طوال مسيرتي كان هدفي الدائم بأن نتكاتف لنزداد قوة كـالـ Broadway في نيويورك والـWest end في لندن، حيث تسمح الأرضية بإنتاج فرصٍ مناسبة لجميع الكوميديين وباكتشاف مواهب الجديدة.

انتقلت أخيراً الى القفص الذهبي هل أعجبتك التجربة؟

لقد عشت عازباً والمغامرات المختلفة كلها وانتقلت اليوم الى مرحلة مختلفة من حياتي. حان وقت تأسيسي لعائلة وأنا متأكد من صوابية خطوة الزواج وليس عندي أدنى شكّ حول هذا الموضوع.

لا بدّ لكلّ شخص من أن يعيش تجربة تأسيس العائلة لأنها مميزة. الفارق الوحيد هو أنني انتقلت من شراء الويسكي والكحول الى شراء الخضار والفاكهة والحليب (يضحك). ثمة ايجابيات وسلبيات في كلّ ما نمر به في حياتنا ولكن عموماً الانتقال الى الكنف العائلي أمر لا بدّ منه ويمدك بسعادةٍ لا توصف وأنا سعيد لاتخاذي هذا القرار.


MISS 3