طوني فرنسيس

عندما أرادوا إسكات مروان حماده

1 تشرين الأول 2019

10 : 32

قبل 15 عاماً بدأ مسلسل القتل بهدف كمّ الأفواه وتدجين اللبنانيين ومنعهم من الحلم بأن بلدهم يمكن أن يستعيد يوماً استقلاله وسيادته وحريته.

كانت كل الظروف مهيأة لتحويل الحلم إلى واقع: الاسرائيليون انسحبوا من الجنوب المحتل، ما يعني أن صيغة المواجهة معهم اختلفت وأن على الدولة أن تمسك بحدودها بعد مرحلة امتدت منذ نهاية الستينات، تحولت المنطقة الجنوبية خلالها إلى ساحة تجارب مفتوحة لقوى الثورة الفلسطينية وحلفائها من جهة، وأرض تجارب خصبة للعدوانية الإسرائيلية من جهة ثانية.

أطلق نداء بكركي، بعد الانسحاب الاسرائيلي صرخة الاستقلال الثاني. كان البطريرك صفير الأجرأ في تحديد الهدف، انسحب الاسرائيليون فلم يعد للسوريين ما يفعلونه، وهم أصلاً لم يلتزموا حرفاً مما تعهدوا به عن حماية الثورة الفلسطينية، ومع الانسحاب الاسرائيلي كان النظام السوري في طريقه إلى التحول إلى قوة احتلال صافية للبنان لن تخرج إلا بعد "إجماع" اللبنانيين على خروجها!

منع الإجماع بات هدف النظام السوري بعد نداء بكركي، غير أن النداء فعل فعله في مناخ غطرسة سورية أرادت حكم البلد أو تكسيره على رؤوس أهله. وكان مروان حماده أحد وجوه الإجماع. هو في سلوكه وتجربته وموقعه يختصر تيارات متقاربة، يدوزن خطاها ويقرّب بين مواقفها، من قربه إلى وليد جنبلاط إلى علاقته الشفافة برفيق الحريري إلى موقعه في مؤسسة النهار الإعلامية ودورها الفاعل، إلى إطلالته من موقع الحزب "التقدمي الاشتراكي" على رفاقه في اليسار اللبناني... كل ذلك جعله في مرمى التصويب. اختاروه ليكون الضحية الاولى التي تصيب جنبلاط والحريري واليسار والإعلام الاستقلالي الحر، وقصدوا قتله في مثل هذا اليوم قبل 15عاماً، ليسكتوا هؤلاء جميعاً.

نجا مروان بأعجوبة، واندلعت معركة الاستقلال الثاني ودفع اللبنانيون ثمنها غالياً، لكنهم حققوا ما أرادوه فلم يبقَ بلدهم محتلاً، ويستمر مروان حماده معنا صوتاً، كما كان دائماً، من أجل الحرية والسيادة والاستقلال.


MISS 3