مايا الخوري

ملتزم سينمائياً بواقع لبنان

سمير حبشي: نعيش حرباً شرسة من دون قذائف

13 أيلول 2021

02 : 00

يؤمن المخرج اللبناني سمير حبشي بإستمرارية لبنان رغم الأزمة الصعبة التي فُرضت عليه. وهو يتطلّع إلى المستقبل معوّلاً على الوعي الإجتماعي القادر وحده على إنقاذ الوطن.  يتحدث حبشي إلى "نداء الوطن"، عن التأثير الإيجابي للدراما وعن التحديات الحالية لإستمرار الإنتاج التلفزيوني كما يرى المرحلة الحالية صالحة سينمائياً.



كيف تقيّم مرحلة الإنتاج الدرامي في العامين المنصرمين منذ إنتشار وباء "كورونا" وما تبعه من ظروف اقتصادية صعبة؟


لم تتوقّف الحركة الإنتاجية، بل عُرضت أعمال عدّة في خلال العامين المنصرمين. ما من شكّ في إنعكاس "كورونا" على الإنتاج المحلي، كأنّ المحطات إستسلمت في تلك الفترة. إنما إستمرّ الإنتاج العربي المشترك خصوصاً بعدما أصبح التصوير في لبنان أقل كلفة بفعل إنهيـار العملة اللبنانية لصالح الدولار.



أي تحديات تواجهون في التصوير من الناحيتين الإقتصادية والإجراءات الصحيّة؟

نواجه تحديات جديدة حتماً، مثل إخضاع فريق العمل لفحص " PCR" دورياً أثناء التصوير وعند الإنتقال من مكان إلى آخر، خصوصاً أنّ الجميع يعود إلى منزله ويختلط. إضافةً إلى أزمة البنزين التي تعرقل وصول فريق العمل إلى مكان التصوير. لا يمكن فصل الدراما عن الوضع الإجتماعي العام، لذا نتأثر كسائر الناس.



نال مسلسلاك "أسود" و"ثواني"، إهتماماً جماهيرياً واسعاً، فهل تكفي النجاحات المحلية في هذه المرحلة لضمان الإستمرارية أم يتوجّب التطلع نحو الأعمال المشتركة؟


عندما أتلقى عرضاً معيناً لا أفكّر بوجهته، لكن من الطبيعي تفضيلي لعمل يُعرض عبر الشاشة العربية فينتقل من خلالها إلى العالم. شاءت الظروف ألا يتحقق هذا الأمر بعد.



يتخرّج سنوياً جيل جديد من كلية الفنون الجميلة، أي مستقبل ينتظره في وطن يفتقد للأفق؟


لا يستوعب لبنان كبلد صغير كل الطاقات المتخرجة في الإختصاصات كافة. لكنني ألاحظ بأن طلاب السينما والتلفزيون يجدون فرص عمل في لبنان والعالم العربي. أوفّر دائماً فرص عملٍ لطلابي في كلية الفنون لأنهم ممتازون وموهوبون. أنا أدعمهم للإنطلاق في وطنهم.



كيف تتعايش مع الظروف الصعبة في لبنان، صحيّاً وأمنياً وإقتصادياً ومالياً؟

لست مميّزاً عن سائر الناس، لكنني مؤمن بالمستقبل، وواثق بأن لبنان سيعود حتماً ولن ينتهي. أدعو من يشكك بمستقبل هذا البلد وإستمراريته، لرؤية علاقة المزارع بأرضه، وتجذّره بالتراب مثل الشجر العتيق. أحدٌ لا يقنعنا بزوال هذا الوطن. لا بدّ للأزمة الصعبة التي نمرّ بها أن تنجلي وتنتهي، هكذا تقول حركة التاريخ، لذا متأكّد بأن الغد سيكون أفضل من اليوم.




ما المطلوب من الشعب اللبناني حالياً، الصمود أم المواجهة؟

مطلوب الوعي الإجتماعي الذي يطوّر الحياة ويُنقذ الأوطان. يقول بعضهم إنّ الحكّام فاسدون. إنبثق هؤلاء من الناس، الذين يتصرفون أفظع من حكّامهم. ليفكّر كل مواطن بأفعاله، ويسأل نفسه عمّا إذا كان فاسداً أو شبّيحاً تجاه دولته أم لا، فيُصلح أفعاله، ويعي بأن لبنان وطنه. إذا لم ترتفع درجة الوعي عند الناس، ستستمرّ معاناة الوطن، لذا أعتبر بأن الوعي الإجتماعي هو الخلاص، لكننا لم نبلغ هذه المرحلة بعد، بسبب المحازبين التابعين للزعماء من دون نقاش أو محاسبة. أمّا القلة التي حققت الوعي وبدأت المحاسبة، فهي لا تستطيع التغيير وحدها.



ألن يتحقق التغيير بإنتخابات نيابية مبكرة؟

برأيي سينتخبون الأشخاص أنفسهم مجدداً.



ما رأيك بإنقسام الفنانين ما بين مؤيّد للثورة ومناهض لها؟ هل ينعكس هذا الإختلاف على علاقتهم أثناء التصوير؟

أبداً، لأن الإختلاف في الرأي موجود في أي مظاهرة إجتماعية أو سياسية. أمّا لناحية الثورة، فأسأل عما حققته. أعلنت المصارف إفلاسها بعد أسبوعين من إنطلاقها في الشارع. فهل توافر محرّك خفيّ لإنطلاق الأزمة وإفلاس المصارف؟ تساءلت دائماً في الشارع عن كيفية إشعال الدواليب في الوقت نفسه في طرابلس والزوق وعكار وجل الديب وخلدة وبعلبك. وتساءلت عن إختفاء من يدير هذه التحرّكات، وعما إذا كان يهدف إلى ضرب القطاع المصرفي في لبنان الذي هو الأهم في الشرق الأوسط. أين ذهبت عروس الثورة وحرق الدواليب والثوّار؟ أنا واثق من هدف الثوار الشريف وإندفاعهم بحماس من أجل التغيير، إنما أين إختفى المحرّك غير المباشر؟ ضُربنا ضربة إقتصادية مؤلمة، ما أوقف الإنتاج ورفع الدولار حتى دخلنا في الإنهيار. إلى ذلك، يتألف لبنان من شعوب، لا من شعب واحد، وهو خاص لا يشبه مصر أو ليبيا أو تونس. لهذا السبب، حين إنتفض شعب وثار، إعترض شعب آخر. وحين تنتفض طائفة معيّنة، تقف طائفة أخرى ضدّها.


إنطلاقًا من هذا الواقع، يرتكز الأفق الوحيد برأيي على الوعي الإجتماعي، أي أن يفكّر المواطن بمواطنته، لا بطائفته أو حزبه، ومن ثم ينتخب من يحقق الأهداف التي تصبّ في مصلحة الوطن. عندما تظاهر الناس في الشارع بسبب 6$ على الواتساب، تراجعت الحكومة عن قرارها، وحين نزلوا ضد إرتفاع الأجور تحققت الأهداف أيضاً، إنما نحن لم نحقق شيئاً في ثورتنا. تحمّسنا وإنغشّينا ولم نفكّر بوعيٍ.



هل نعيش في مرحلة حرب بلا قصف واقتتال؟

نحن في حرب شرسة جداً من دون أن نسمع صوت القذائف، لكن ما نعيشه أفضل من الحياة في الملجأ.



على غرار فيلمي "الإعصار" و"دخان بلا نار"، هل تستحقّ هذه المرحلة توثيقها في فيلم سينمائي؟

طبعاً، إنها مرحلة مهمّة من لبنان. طلبت من أحد المؤلفين كتابة فيلم عن هذه المرحلة. أنا ملتزم سينمائياً بواقع البلد. صوّرت فيلمي "الإعصار" عن الحرب اللبنانية، و"دخان بلا نار" عن مرحلة الوجود السوري في لبنان بعد الطائف. لذا من المفترض أن أعبّر عن إنطباعاتي في هذه المرحلة أيضاً وطرح الأسئلة ليفكّر الجمهور بها.


MISS 3