جاد حداد

True Story... غير واقعي رغم اقتباسه من قصة حقيقية

1 كانون الأول 2021

02 : 00

في المسلسل الدرامي القصير True Story (قصة حقيقية) الذي يحمل توقيع كيفن هارت ويتألف من سبع حلقات على شبكة "نتفلكس"، يصعب ألا نلاحظ التشابه مع ما أصاب الكوميدي هارت في حفل جوائز الأوسكار في العام 2019. تم الإعلان حينها عن تقديمه للحفل قبل أن يضطر للتنحي بعد سيلٍ من التغريدات الكارهة للمثليين وانتشار مقاطع كوميدية شائكة. بعد مرور ثلاث سنوات، أنتجت "نتفلكس" مسلسلاً حول نسخة خيالية من هارت. يرتكب بطل القصة هذه المرة أخطاءً أكثر سوءاً، لكن لا يجيد العمل التطرق إلى ثقافة الإلغاء أو عرض حقيقة ما يحصل في كواليس حياة المشاهير. الأسوأ من ذلك هو أن المسلسل لا يحتمل أن يمتدّ على سبع حلقات ولا تبدو القصة المطروحة "حقيقية" بأي شكل.

يؤدي هارت المحبوب دور "كيد"، وهو كوميدي نشأ في فيلاديلفيا مثله، فيعود إلى بلدته الأم لتقديم أحد عروضه ويجتمع مجدداً مع شقيقه المثير للمشاكل "كارلتون" (ويسلي سنايبس الذي يُعتبر من أكثر الشخصيات إثارة للاهتمام في المسلسل وربما يستحق العمل المشاهدة بسببه هو وحده). كان "كارلتون" و"كيد" قد عاشا صراعات عدة في الماضي (مثل هارت وشقيقه الحقيقي أيضاً)، لكن يبدو أنهما يتوافقان الآن مع أن الشقيق الأكبر يطلب الدخول إلى "غرفة كبار الشخصيات" وراء الكواليس. تبدأ المشاكل في هذه اللحظة بالذات، إذ يُسبّب "كارلتون" المتاعب لشقيقه الرزين، فيستيقظ الكوميدي المشهور بالقرب من جثة امرأة بعد ليلة من الاحتفالات الصاخبة.



يعرف "كارلتون" ما يفعله جيداً. هو يتّصل بشخصٍ اسمه "آري" (بيلي زين بدور مضحك جداً) للتخلص من المشكلة، لكن لا شيء يسير وفق الخطة الأصلية طبعاً. يكون شقيقا "آري" مصابَين بالاعتلال الاجتماعي (جون أليس وكريس ديامونتوبولوس) ويتورطان في هذه الحادثة. تتمحور القصة بشكلٍ أساسي حول محاولات "كارلتون" و"كيد" التخلص من المشاكل لكنهما يقعان في مشاكل أكبر. يزداد الوضع تعقيداً لأن "كيد" يعجز عن الذهاب إلى فريق الدعم الذي يتكل عليه دوماً ويشمل مدير أعماله "تود" (بول أديلستاين)، والحارس الشخصي "هيرشيل" (ويليام كاتليت)، والكاتبة "بيلي" (توني نيوسام)، كما أنه يتعامل مع طلاقه الفوضوي الذي يحصل أمام أنظار الرأي العام. حين يتورط أحد المعجبين (ثيو روسي) في هذه الأحداث، يزداد الوضع سوءاً وغموضاً على مستوى الأفكار التي يريد هارت والمنتج إيريك نيومان (من أعماله Narcos) تقديمها حول العلاقة بين المشاهير ومعجبيهم الأكثر تطرفاً. يقدّم هذا المسلسل المعجبين على شكل متربّصين أو أغبياء، على غرار المعجب الذي قابل هارت على متن طائرة يوماً ولم يمنعه شيء من ترداد أغنية عنصرية أمامه.

تتعلق أكبر المشاكل في هذا المسلسل بمحاولة إعطاء انطباع مزدوج حول شخصية "كيد". قد لا يحبذ الكثيرون الأعمال المبنية على الدروس الأخلاقية، لكن من غير المحبذ أيضاً أن يشعر المشاهدون بأن صانعي العمل لا يعرفون دوافع الشخصية التي يقدّمونها. هل يمكن اعتبار "كيد" رجلاً صالحاً يواجه وضعاً صعباً؟ هذا الانطباع ليس دقيقاً حين نقيّم الخيارات التي يتخذها أحياناً. بل إنه أقرب إلى شخصٍ أناني يهتم بمسيرته المهنية وسلامته الشخصية أكثر من أي شيء آخر. لنتخيّل أن ترتكز القصة على هذه الفكرة، فتُقدّم مشهوراً تنهار قِيَمه كلها تحت الأضواء. في لحظات معينة، قد نشعر بأن الأحداث تسير في هذا الاتجاه القاتم وتوشك على اتخاذ منحىً مثيراً للاهتمام، لكن سرعان ما تتغير الأجواء مجدداً، فيحاول المسلسل دفع المشاهدين إلى التماهي مع "كيد" مع أن أحداً ما كان ليتخذ هذا النوع من القرارات العنيفة والأنانية.

في الوقت نفسه، يمكن وضع هذا المسلسل في خانة الأعمال التي يُفترض أن تُعرَض على شكل فيلم في المهرجانات السينمائية، فهو يقدّم شخصيات ثانوية تفتقر إلى المعالم ولا تتطور على مر القصة. تُعتبر شخصية "بيلي" التي تقدمها توني نيوسام أوضح مثال على ذلك، فهي توحي للوهلة الأولى بأنها مشروع نجمة مستقبلية وقد يمنحها "كيد" يوماً الفرصة التي تنتظرها لتطوير مسيرتها، لكن سرعان ما تختفي هذه الشخصية وتتراجع أهميتها. يبدو أداء أديلستاين وديامونتوبولوس وأليس رتيباً، ووحده ويسلي سنايبس يخطف الأنظار لأنه يقدّم أداءً سلساً ومدهشاً في مسلسل سطحي بامتياز. يتمتع هذا الممثل بكاريزما عالية وموهبة كبيرة لدرجة أن يرفع مستوى أقل المشاهد إقناعاً.

أخيراً، يفتقر العمل إلى تصرفات بشرية واقعية، إذ تتكل القصة على الصدف وأحداث غير مقنعة. من الممتع أن نشاهد هارت بدور شخصٍ غير محبوب، ويكتسب المسلسل زخماً إضافياً حين يصبح "كيد" حقيراً لدرجة أن نتمنى أن يؤدي هارت دور بطل شرير في عمل درامي مستقبلي على شبكة "نتفلكس"... أو ربما يستحق ويسلي سنايبس هذا النوع من الأدوار أكثر من غيره!


MISS 3