طوني فرنسيس

الإتفاق الإنتخابي والنفاق السياسي

18 كانون الأول 2021

02 : 00

تنبّه قانون الانتخاب الصادر في عام 2017في تنظيمه الإنفاق الإنتخابي الى إحتمال عدم تمكن أحزاب ومرشحين من فتح حسابات مصرفية بسبب العقوبات، فخرج بصيغة مبتكرة تنص على إيداع "الأموال المخصصة للحملة الإنتخابية للمرشح أو اللائحة في صندوق عام ينشأ لدى وزارة المالية ويحلّ محل الحساب المصرفي في كل مندرجاته".

ويفرض القانون (المادة 60المتعلقة بالإنفاق والتمويل) على المرشح "أن يُنفق من أجل حملته الإنتخابية من أمواله الخاصة… ولا يجوز تقديم أية مساهمة في الحملة الإنتخابية لمرشح أو لائحة إلا من قِبل الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين اللبنانيين، ويمنع منعاً باتاً على المرشح أو اللائحة قبول أو إستلام مساهمات أو مساعدات صادرة عن دولة أجنبية أو عن شخص غير لبناني بصورة مباشرة أو غير مباشرة".

هذا هو القانون أما التفيذ فهو شيء آخر. وليست المشكلة في الاستثناء الذي يجعل مرجعية مرشحين في صندوق المالية فقط، بل في التزام سقوف الإنفاق سابقاً، وتأمين السيولة في ظروفنا اللاحقة. فبين 2017واليوم تعطلت المصارف وإقتصر عملها على بلع الودائع ولم تعد وسيلة لتمويل الحملات الا لهؤلاء الذين ساعدتهم في تهريب ملايينهم وملياراتهم. لم يعد فتح الحساب المصرفي شرطاً قانونياً والاستثناء الذي ابتدع صندوق وزارة المالية سيصبح القاعدة والقصة باتت تنحصر في تأمين المال الذي يفترض إيداعه في ذلك الصندوق ، إلا أن ذلك لن يحصل على الأرجح.

الإتفاق الإنتخابي سيتم، وهذا حصل في الماضي، من خارج القانون وضده تماماً.

أحاديث التمويل التي ملأت البلد في السابق، وشملت مختلف اللوائح والأحزاب الرئيسية، تمأسست عشية الإنتخابات المنتظرة وسنّت قوانينها الخاصة، ولا تكفي براءة سؤال رئيس الجمهورية عن التمويل الخارجي لإيضاح الصورة تماماً. طبعاً يدخل مالٌ الى البلد من منظمات دولية تتخذ من العمل الإغاثي والإنساني عنواناً لها. وترفض حكومات ومؤسسات ارسال معوناتها عبر مؤسسات الحكم، وهي تقول ذلك صراحةً، وتبرره بعدم ثقتها بتلك المؤسسات، وهذا موقف تتشاركه مع الغالبية العظمى من مواطني الجمهورية.

غير ان ما يتم تجاهله لولا الأسى الذي أبداه رئيس الحكومة فهو قيام أطراف باستيراد المازوت والأدوية والسلاح والدولار من الخارج وعلى كافة المعابر من دون أن تكون للدولة علاقة من أي نوع، ومن دون الحاجة الى حساب مصرفي أو الى صندوق في وزارة المالية.

القانون هو القانون، إما يُطبَق وإما لا يُطَبق، وليست صحيحة تلك الإجتهادات القائلة ان القوانين وضعت لتُخْرَقْ.


MISS 3