جاد حداد

Four to Dinner... مميز رغم غرابته

13 كانون الثاني 2022

02 : 00

بدأت شبكة "نتفلكس" السنة الجديدة بنجاح بفضل فيلم Four to Dinner (أربعة على العشاء). إنها قصة رومانسية لطيفة ومؤثرة محورها السؤال التالي: توأم الروح حقيقة أم خيال؟ يضفي هذا العمل منحىً جديداً على قصص الكوميديا الرومانسية، لكنه يحافظ في الوقت نفسه على جوانب مألوفة من هذه الفئة السينمائية.

تتطور الأحداث في إطار حفل عشاء لم يصل إليه بعد أربعة من الضيوف. بانتظار وصولهم، يبدأ النقاش حول وجود توأم روح لكل شخص في هذه الحياة، فيسرد "لوكا" (فلافيو فورنو) قصة تؤكد بشكلٍ قاطع على رأيه القائل إن مفهوم توأم الروح مجرّد وهم. هو يروي أنه دعا مع زوجته أربعة أشخاص إلى العشاء في إحدى الأمسيات وكانا ينويان تعريفهم الى بعضهم، مع أنهما لم يتفقا على طريقة توزيع الثنائيات. ثم ينقسم الخط السردي إلى جزءين، فنشاهد قصة كل ثنائي على مر سنة تقريباً.

في المرحلة اللاحقة، تتطور القصة خلال فترتَين زمنيتَين مختلفتَين. في القصة الأولى، يتواعد "داريو" (جوزيبي ماجيو) مع "شيارا" (إيلينيا باستوريلي)، و"ماتيو" (ماتيو مارتاري) مع "غيليا" (ماتيلدي جيولي). وفي القصة الثانية، يتواعد "داريو" مع "غيليا"، و"ماتيو" مع "شيارا". تُعرَض القصتان بطريقة متزامنة، وقد نعجز في النهاية عن تحديد الأحداث التي حصلت فعلاً نظراً إلى الغموض الذي يطغى على أجواء القصة. بعبارة أخرى، يستطيع المشاهدون أن يُحددوا بأنفسهم الثنائي الأكثر تناسقاً.

يكون "لوكا" مقتنعاً بأن أحداً ليس مُقدّراً له أن يكون مع شخص واحد، بل يمكن أن يصبح أي إنسان شريكاً مثالياً لنا. يطرح الفيلم هذه الفكرة على شكل رسالة واعدة وإيجابية لأن كل ثنائي يواجه تقلبات مستمرة وينجح في علاقته لأسباب مختلفة، بغض النظر عن الفترة الزمنية التي نختار تصديقها في الفيلم. تتغير كل شخصية حين تُغيّر شريكها، فتنطلق في مسار مختلف من حياتها مع أن بعض الأحداث متشابهة.

من الغريب أن يبتكر "لوكا" فترة زمنية مختلفة بالكامل لإثبات فكرته بما أن كل صديق له واعَد شريكة الطرف الثاني في نهاية المطاف. تتشابه القصتان من حيث مدة العرض والتفاصيل. حين يبدأ "لوكا" سرد القصة، تثبت ردة فعل زوجته "سارة" (مارتا جاستيني) أنها ليست المرة الأولى التي يرويها. إنها لحظة غامضة بقدر النهاية، فلن نعرف مثلاً الوقت الذي خصّصه "لوكا" للتفكير بردة فعل كل صديق له على قصصه إذا انتهى به الأمر مع شريكة صديقه الآخر.



يدخل هذا الفيلم في خانة الكوميديا الرومانسية ويشمل بعض اللحظات المضحكة، لكنه متماسك جداً ويفتقر إلى الواقعية السحرية التي نتوقعها في هذا النوع من الأعمال. القصة عميقة وواقعية، وهذا ما يميّز العمل قبل كل شيء، إذ يسهل أن نتعلّق بالأحداث في القصتَين معاً. كان يمكن أن تتخذ القصة منحىً سخيفاً، لكن لم يحصل ذلك.

في النهاية، ينجح الفيلم في عرض قصة ممتعة ومؤثرة وعميقة بدرجة معينة. إذا كنتَ تستطيع التغاضي عن بعض الجوانب الغريبة، لا مفر من أن تستمتع بمشاهدته... على أمل أن تحافظ "نتفلكس" على هذا المستوى المرتفع من الأعمال في العام 2022!


MISS 3