إشادات أممية وحقوقية بـ"الحكم التاريخي": يوثّق انتهاكات نظام الأسد

ألمانيا: السجن المؤبد لضابط مخابرات سوري سابق

02 : 00

رسلان خلال مثوله أمام المحكمة العليا في كوبلنس أمس (أ ف ب)

في قرار وصفه حقوقيّون بأنّه تاريخي، إذ يأتي في سياق أوّل قضية في العالم مرتبطة بفظائع منسوبة إلى النظام السوري، أصدر القضاء الألماني أمس حكماً بالسجن مدى الحياة على الضابط السابق في المخابرات السورية أنور رسلان لإدانته بارتكاب «جرائم ضدّ الإنسانية».

وقضت المحكمة الإقليمية العليا في كوبلنس (غرب ألمانيا) بأنّ رسلان (58 عاماً) مسؤول عن مقتل معتقلين وتعذيب آلاف آخرين في معتقل سرّي للنظام في دمشق بين 2011 و2012. وفي هذا الصدد، أقرّ القضاة بذنب رسلان في مقتل 27 شخصاً في هذا المركز الذي أُشير إليه على أنه تابع لقسم التحقيقات - الفرع 251، ومعروف باسم «أمن الدولة - فرع الخطيب» في دمشق.

والتزم رسلان، الذي كان يرأس شعبة التحقيقات في الفرع 251 من جهاز أمن الدولة الواسع الإنتشار، الصمت طوال جلسات هذه المحاكمة التي بدأت في 23 نيسان 2020. واستمع صباح الخميس إلى حكم المحكمة الذي تُرجم ترجمة فورية إلى العربية، من دون أن يبدو عليه الإنفعال، وفق ما أفادت وكالة «فرانس برس».

وقد أقرّت المحكمة في قرارها بـ»هجوم موسّع وممنهج ضدّ المدنيين» يشنّه نظام الأسد على السوريين منذ أن نزلوا إلى الشارع مطالبين بالديموقراطية في آذار 2011. وفي سابقة من نوعها، عُرضت أمام المحكمة صور من «ملف قيصر»، وهو أمر لم يسبق حدوثه في أي محاكمة حتّى اليوم.

وفي ردود الفعل، أشادت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه بالحكم، معتبرةً أنه يُشكّل «قفزة تاريخية إلى الأمام» في المسعى إلى الحقيقة والعدالة والتعويضات عن «الإنتهاكات الخطرة لحقوق الإنسان التي ارتُكبت في سوريا على مرّ أكثر من عقد».

كما أشادت منظمة «هيومن رايتس ووتش» بهذا الحكم، واصفةً إيّاه بـ»التاريخي»، فيما اعتبر مسؤول منظمة العفو الدولية في ألمانيا ماركوس بيكو أن المحكمة «ثبتت بشكل واضح ورسمي ظروف الإعتقال غير الإنسانية وأعمال التعذيب المنهجية والعنف الجنسي والقتل في سوريا».

وفي الجزء الأوّل من هذه المحاكمة التي حظيت باهتمام هائل من الجالية السورية الكبيرة في المنفى، قضت المحكمة الإقليمية العليا في كوبلنس في شباط 2021 بسجن إياد الغريب، العضو السابق في جهاز المخابرات، 4 سنوات ونصف السنة، إثر إدانته بتهمة اعتقال متظاهرين في 2011 ونقلهم إلى سجن فرع الخطيب، حيث تعرّضوا للتعذيب.

ولمحاكمة هؤلاء السوريين، تُطبّق ألمانيا المبدأ القانوني للولاية القضائية العالمية، الذي يسمح لقضائها بمحاكمة مرتكبي الجرائم الخطرة، بغضّ النظر عن جنسيّتهم أو مكان ارتكاب الجرائم.

ولم يُحاول رسلان إخفاء ماضيه عندما لجأ إلى ألمانيا مع عائلته سنة 2014، لا بل أنّه طلب بنفسه من الشرطة في برلين أن تحميه في شباط 2015 وأخبرها بأنّه كان ضابطاً في المخابرات السورية.

وافتضح أمر هذا الضابط السابق حين تعرّف إليه في أحد شوارع العاصمة الألمانية مواطن سوري آخر هو أنور البنّي، المحامي والمعارض الذي يقوم الآن بمطاردة المتعاونين السابقين مع النظام اللاجئين في أوروبا. وأوقف رسلان في شباط 2019 ووضع رهن الحبس الاحتياطي.

ومن المرتقب أن تنطلق الأسبوع المقبل في فرانكفورت محاكمة أخرى على صلة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد، تطال طبيباً سوريّاً لجأ إلى ألمانيا.


MISS 3