حاربوا الالتهابات بمنتجات القهوة الثانوية

02 : 19

تستنتج دراسة جديدة أن الجلود والقشور التي ينزعها مصنّعو القهوة خلال عملية الإنتاج تشمل مركّبات مفيدة. صحيح أن الدراسة أولية، لكن قد تنعكس نتائجها إيجاباً على الصحة البشرية والبيئة معاً.

القهوة من أكثر المشروبات شيوعاً في العالم، ويتطلب إنتاجها بكل بساطة تحميص حبوب البن. للحصول على تلك الحبوب، ينزع المزارعون القشرة الخارجية الصلبة والجلد الرفيع الذي يغطي البذرة، ويميلون إلى ترك القشور في الحقول.

تحتوي هذه المنتجات الثانوية المتروكة على مواد كيماوية مثل الكافيين، والعفص، وحمض الكلوروجينيك. وقد تطرح هذه العناصر مخاطر على البيئة.

ينتج المصنّعون حوالى 0.68 طن من مخلفات القهوة الخضراء لإنتاج طن من القهوة الطازجة، لذا من المنطقي أن نجد طرقاً مختلفة لاستعمال تلك المنتجات.

استكشف باحثون من جامعة "إيلينوي" في "أوربانا شامبين" منافع تلك المخلفات وخصائصها الناشطة بيولوجياً.

فاستعملوا خلاصات من الجلود والقشور لمعرفة مدى قدرة تلك المنتجات الثانوية على تقليص جزء من مؤشرات البدانة البيوكيماوية، واختبروا أيضاً عناصر فينولية فردية مستخرجة من الجلود.

نُشِرت النتائج حديثاً في مجلة "الغذاء والسموم الكيماوية".

توضح المشرفة على الدراسة، إلفيرا غونزاليس دي ميخيا، سبب اهتمام العلماء بمنتجات القهوة قائلة: "هذه المواد المشتقة من البن مثيرة للاهتمام بسبب تركيبتها، فقد تبيّن أنها غير سامة. كما أن مواد الفينول تتمتع بقدرة فائقة على مكافحة الأكسدة".

تزداد البدانة شيوعاً لكنها مشكلة معقدة: لا تقتصر الحالة على تراكم فائض من الأنسجة الدهنية، بل تترافق أيضاً مع التهاب مزمن خفيف قد يطلق ظاهرة مقاومة الأنسولين، ما يعني أن تصبح خلايا الجسم أقل تجاوباً مع الهرمون.

ترتبط مقاومة الأنسولين أيضاً بزيادة البلاعم (خلايا مناعية ترصد مسببات الأمراض وتقضي عليها) في النسيج الدهني، وتؤدي هذه الزيادة إلى إطلاق مواد كيماوية تعمل على تعزيز الالتهاب وتطلق حلقة مفرغة.

كذلك، يبدو أن الالتهاب المرتبط بالبدانة يؤثر على المتقدرات، أي "مخازن الخلية". ويرتبط خلل المتقدرات اللاحق بتراكم الدهون داخل الخلايا الدهنية وبمقاومة الأنسولين أيضاً.

تحليل الالتهاب المرتبط بالبدانة

إذا كان تخفيف الالتهابات ممكناً، يظن المشرفون على الدراسة الجديدة أن هذا الوضع قد يعطّل المسارات المترابطة بين البدانة ومقاومة الأنسولين والالتهاب، ما يؤدي إلى تراجع حجم الأضرار عموماً.

استعمل الباحثون خلايا مزروعة لتحليل آثار خلاصات القهوة على الالتهاب المرتبط بالبدانة، واختلال المتقدرات، ومقاومة الأنسولين، وتكوّن الشحوم (أي نشوء الخلايا الدهنية إنطلاقاً من خلايا بدائية).

زرع العلماء الخلايا الدهنية والبلاعم معاً لإطلاق تفاعلات "حقيقية" بين الخلايا. يوضح المشرف الرئيس على الدراسة، ميغل ريبولو هيرنانز: "لقد قيّمنا خلاصتَين وخمس عينات من مواد الفينول الصافية، ولاحظنا أن الفينول المؤلف في معظمه من حمض الكاتيكيك البروتوني وحمض الغاليك أعاق تراكم الدهون في الخلايا الدهنية من خلال تحفيز مسار تفكيك الدهون وإنتاج خلايا دهنية مائلة إلى اللون البني أو الأبيض الباهت.

تحتوي الخلايا الدهنية البنّية على أعداد كبيرة من المتقدرات وتحرق الدهون. يضيف ريبولو هيرنانز: "لاحظنا أن مواد الفينول نجحت في تخفيف إفراز العوامل الالتهابية، لكنها أضعفت أيضاً الإجهاد التأكسدي. في ظل وجود هذه المواد، نعرف الآن أننا نستطيع تخفيف حدة الالتهاب، وكبح تكوّن الشحوم، وإعاقة "الحلقة" التي تسهم في نمو هذين النوعين من الخلايا وتطوير مركّبات تنعكس سلباً على الجسم كله".

في هذه الدراسة، استعمل الباحثون خلايا مزروعة. صحيح أن معظم الأبحاث الطبية تبدأ بهذه الطريقة، لكن لا يزال المسار طويلاً قبل التمكن من طرح مقاربة فاعلة. وتتعلق مشكلة أخرى بميل الجسم إلى تفكيك مركّبات الفينول قبل أن تصل إلى النسيج الدهني.

على صعيد آخر، قد تستفيد البيئة أيضاً من استعمال منتجات القهوة الثانوية، لذا تستحق هذه الفكرة التطوير.

حين يدرك منتجو القهوة قيمة تلك المواد، لن يعاملوها كمخلفات بل كمقادير فاعلة.

في النهاية، تستنتج دي ميخيا: "يجب أن تتعاون المؤسسات الأكاديمية ومجال الصناعة والقطاع العام لحل هذه المشكلة، لكنّ السوق مستعد لاستقبال هذه المنتجات".


MISS 3