جنى جبّور

جبيل على أوتوستراد الثورة... نصب خيم حتى انتهاء الـ72 ساعة!

19 تشرين الأول 2019

02 : 07

كغيرها من المناطق اللبنانية، شهدت جبيل أمس احتجاجات مطلبية واسعة، شارك فيها شبابها بطريقة سلمية رفضاً للأوضاع الاقتصادية التي وصلت إليها البلاد، مطالبين بإسقاط الحكومة التي لم تقدم لهم أي شيء غير الفقر والتجويع، وتهجير ما تبقى من شبابها إلى بلدان الاغتراب.

منذ ليل الأول من أمس قُطع أوتوستراد جبيل في الإتجاهين الشرقي والغربي، وبدأ المحتجّون بالتوافد الى المكان شيئاً فشيئاً، الى أن امتلأت الساحة بالمئات. أقفلت المحال التجارية أبوابها، أُشعلت الاطارات لقطع الطرق، تم فتح مسلك واحد لمرور الآليات العسكرية والدفاع المدني والصليب الاحمر.

علم واحد رفرف في المكان، لا شيء سوى العلم اللبناني. على صوت الأغاني الوطنية والثورية رقص المحتجون، وبصوت واحد غنوا النشيد الوطني اللبناني، ولم تخلُ الساحة من حضور بعض الحزبيين من "القوات اللبنانية" و"الكتائب" و"التيار الوطني الحر"، و"حزب الله"، و"حركة أمل".

نسأل شربل أبي عقل منسق جبيل السابق وعضو المجلس المركزي في حزب "القوات اللبنانية" عن سبب إحتجاجه، فيجيب: "لمَ لا؟ فنحن من الشعب، ونتشارك الوجع نفسه، إجتمعنا لنعبر عن مطالبنا التي تبدأ من الأمور السيادية الى الأخرى الحياتية اليومية والاقتصادية. ولا نرى حلاً سوى باستقالة الحكومة، وتشكيل حكومة إختصاصيين. وفي طبيعة الحال، لم يعد باستطاعة الشعب تحمل ما آلت اليه الأمور في الفترة الأخيرة، ولن نخرج من الشارع قبل أن نلمس تغييرات حقيقية وجذرية في البلد".

على سطح سيارة رباعية الدفع يقف شاب في العقد الثاني من عمره منذ الأول من أمس، ويقول: "الكل يعرف إنتمائي الحزبي، إلّا إني في الشارع منذ أكثر من 20 ساعة كمواطن لبناني، وأدعو الجميع للتخلي عن كل الانتماءات لمصلحة الوطن". وأضاف: "ماذا قدم لنا "بي الكل" بعد أن وصل الى الرئاسة، غير الجوع والتهجير؟ وأين هو اليوم وما رأيه من كل ما تشهده شوارع لبنان؟ بكل بساطة هو نائم. ولمن يقول إننا هنا لضرب العهد فقط، أقول له إنّ هذا صحيح، فنحن سنضربه كما ضُربنا تماماً. وأطلب من المسؤولين أن يجدوا حلاً سريعاً، فأنا ولدت في لبنان، ولن أموت الاّ في لبنان، ولن أهاجر ليعيش أولاد المسؤولين بسلام في وطني". يقاطعه محتج آخر ليقول: "نحن لسنا ضد العهد، بل ضد الجميع. ولدينا الكثير من المشكلات التي تجمعنا جميعاً، ونريد أن نعرف من سرق أموالنا، ونطالب بمحاسبة الجميع قبل استقالتهم، عندها نتكلم عن ثورة لبنانية حقيقية".

إزداد عدد المحتجين في ساعات بعض الظهر، وأبدوا انتظاماً عفوياً سلمياً. آثار حرق الدواليب كانت واضحة المعالم على وجوه وأجساد وعيون المحتجين، ما دفعهم لاحقاً الى إطفاء الاطارات المشتعلة واستبدالها بالسواتر الترابية. مع الاشارة، الى أنّ صيدلية قريبة من مكان الاحتجاج، كانت قد وزعت كمامات مجانية للجميع. كذلك، بادر بعض الشبان الى تقديم الأكل والشرب للمحتجين.

قرابة الساعة السادسة مساء، نصب المحتجون خيماً على الأوتوستراد. ولم تشفِ كلمة الرئيس سعد الحريري غليل المتظاهرين في جبيل، الذين أكّدوا البقاء في الشارع وافتراشهم الأرض طوال الـ72 ساعة المقبلة، مشيرين الى أنّ "الذي لم يستطع تحسين الوضع طوال السنوات الماضية، لن يتمكن من تغيير أي شيء في هذه الساعات القليلة، مطالبين بإسقاط الحكومة، وتشكيل حكومة إختصاصيين، لحل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية".


MISS 3