ولادة فئران من بويضات غير مخصّبة عبر التلاعب الجيني

02 : 00

وُلِد فأر مُعدّل وراثياً من بويضة غير مخصّبة وبقي على قيد الحياة حتى سن الرشد وتكاثر، ما يثبت أن هذا النوع من التناسل ممكن وسط الثدييات.

في عدد كبير من النباتات وبعض أنواع الحيوانات، قد ينبثق الصغار من بويضات غير مخصّبة عبر عملية التوالد العذري. خلال التكاثر الجنسي العادي بين الحيوانات، تندمج بويضة مع المني (يحتوي كل عنصر منهما على مجموعة من المواد الوراثية)، فيحمل الجنين نسختَين من كل جينة. لتجنب الصراعات بين نسختَين من الجينة نفسها، تتعطل جينات معينة في الحمض النووي الخاص بالأم أو المشتق من الأب خلال عملية الطباعة الجينية.

لتحويل بويضة غير مخصّبة إلى جنين، يجب أن تحمل مجموعتَين من الحمض النووي المأخوذ من الأم. يكون نمط الطباعة متشابهاً في المجموعتَين، لذا قد تتصادم الجينات أحياناً أو تبقى غير ناشطة.

إبتكر يان تشانغ وي وزملاؤه من جامعة "شنغهاي جياو تونغ" في الصين بويضات غير مخصّبة لدى الفئران، وهي تشمل ضعف الكروموسومات العادية بعد إضافة الحمض النووي المستخرج في أولى مراحل نمو البويضة.

ثم استعمل العلماء أداة تحرير الجينات "كريسبر" لاستهداف سبع مناطق جينية مطبوعة كانت قد أثبتت أهميتها في نمو الجنين، ولتغيير العلامات فوق الجينية التي تنشّط الجينات أو تعطّلها. نتيجةً لذلك، بدت النسخة الثانية من حمض الأم النووي وكأنها مأخوذة من ذكر، فقامت "بخداع" البويضة ودفعتها للتحول إلى جنين.

يقول توني بيري من جامعة "باث" البريطانية: "يبدو أن هذا العنصر سيكون جزءاً مهماً من الأحجية المرتبطة بآلية نمو الجنين وطريقة تنظيم الجينومات المأخوذة من الأم والأب. حتى أنه قد يكون إثباتاً تقنياً مهماً على قوة هذه الأدوات".

في العام 2004، دمج فريق بحثي آخر بويضتَين غير مخصبتَين من فئران في مراحل مختلفة من النضج واستهدف منطقتَين مطبوعتَين، ما أدى إلى ولادة فأر ونموه. لكن على عكس الجهود التي بذلها فريق وي سابقاً، لم يكن التوالد العذري حقيقياً لأن الجنين ينجم هذه المرة عن دمج خلايا بويضتَين مختلفتَين.

في المحصّلة، عدّل وي وفريقه 227 بويضة غير مخصّبة، ما أسفر عن إنتاج 192 جنيناً. صمد 14 جنيناً فقط حتى موعد الولادة، وبقيت ثلاثة منها على قيد الحياة بعد الولادة. ثم صمد فأر واحد حتى سن الرشد.

كان وزن صغار الفئران ناقصاً مقارنةً بالفئران الطبيعية وقد حملت تشوهات جينية، ما يعني أننا لا نفهم بالكامل بعد جميع المناطق المطبوعة التي تؤثر على نمو الجنين. أو ربما لم يُعْطِ التحرير الجيني كامل مفعوله.

يقول بيري: "من المستبعد أن تُستعمَل هذه التقنية لتطوير أجنّة بشرية بهذه الطريقة في أي وقت قريب. لا تزال المعلومات التي نعرفها عن الجينات المطبوعة لدى البشر أقل بكثير من معلوماتنا عن الفئران. لا يمكننا إذاً أن نجري أبحاثاً عنها بالطريقة التي استعملناها مع الفئران". في السنة الماضية، اكتشف بيري وزملاؤه 71 جينة مطبوعة كانت مجهولة سابقاً داخل أجنّة فئران في المراحل الأولى من نموها.

في مطلق الأحوال، يبقى صمود فأر واحد حتى سن الرشد عبر استهداف الجينات المطبوعة تقدّماً بارزاً جداً.


MISS 3