"مبروووك، إجانا مشهد ولادة، خلقة كاملة" متكاملة على يد... فيليب أسمر.
شكرا فيليب اسمر. شكراً ، شكراً و"بعد مرة" شكراً. شكراً لأنك أثبت وتثبت لنا في كلّ مشهد ولقطة من أي مسلسل من توقيعك، أنك لست "مايسترو" الإخراج وحسب، بل أحد ابرز اطباء ولادة الدراما اللبنانية الجديدة التي تشفي غليلنا وتروي ظمأنا للابداع.
شكراً، لأن الدراما اللبنانية التي لطالما "روّحت" عليها وعلينا أعمالاً مقبولة الى حد ما، كانت تحتاج بشدة الى طبيب من طينتك، يحسن اجراء عملية قيصرية لها، فتنجب مسلسلات "خلقة كاملة" من دون أي تشوهات نافرة لم تعد مقبولة ولا مسموحة.
شكراً لأنك مختلف، وتصرّ على تقديم المختلف الذي لم يعودنا عليه "بعض" المنتجين والمخرجين في الدراما اللبنانية، بحجج واهية كثيرة، مع اعترافنا بأهمية التمويل الذي ينقص أحيانا لديهم، ومع استنكارنا لكثير من التجاوزات والمبالغات التي يقعون فيها، إرضاء للتسويق او لنجمة ترفض الظهور بصورة لا تليق بجمالها واناقتها، حتى ولو كانت تجسد دور شحادة تبحث عن لقمة تسد بها جوعها في حاوية النفايات.
شكراً فيليب اسمر لأنك لم تختر مجرد كومبارس مثلاً لتقف امام العملاقة ليليان نمري في مشهد الولادة الرائع، ضمن الحلقة الرابعة من مسلسل "للموت 2". شكراً لهذا المشهد الـ"ماستر سين" الذي يجب أن يُدرّس في معاهد التمثيل والإخراج، ولأنك اخترت ممثلة حقيقية، جميلة جداً جداً بموهبتها وقدراتها، (الين الشامي خريجة معهد الفنون والحاصلة على ماجستير في اعداد الممثل)، لتقف أمام ليليان نمري أو بالاحرى لتتمدد امام الحكيمة في مشهد صادم بابهار: فاتحة رجليها، تصرخ وتجعُر، فتقفز شرايين عنقها صادمة الشاشة بوجعها، وينفر بؤبؤا عينيها من وجهها الخالي من المساحيق واحمر الشفاه (سمك مترين) والرموش الاصطناعية (بطول اوتوستراد) وشعرها المصفصف بعرقها، لا بالسبراي، قبل أن يخرج "البوبو" من احشائها الموصولة به بالحبل السُّري. طفل حديث الولادة فعلاً، وليس طفلاً اكمل شهره السادس ولديه شعر وسن بدأ يلوح ويحتاج طبخة "سنينيّة" في القريب العاجل، كما يحدث غالباً. مشهد استثنائي، ومن فرحتي به، كنت على وشك أن "أضيّف المغلي"، فقلبي وقلب كل عشاق الدراما اللبنانية كان ولا يزال يغلي على إخفاقات كثيرة.
شكراً فيليب اسمر لحرفيتك العالية، وموهبتك الاستثنائية التي تعيد لنا الأمل بمسلسلات تنمو بصحة جيدة وتكبّر القلب. شكراً لمساحة ادوار قد لا تكون كبيرة، ولكنها تعلّم وتحوّل مؤدييها ممثلين كباراً، على أمل الا تقتصر مشاركة الين الشامي على مشهد الـ"ماستر سين" هذا فقط، رغم أنه الأهم والاقوى في الحلقة الرابعة كلها. شكرا لهذا المشهد تحديداً، وشكراً على مسلسل "للموت2" كله (من انتاج شركة ايغل فيلمز) الذي سيكون لنا عودة لاحقة اليه والى كل ما يقدمه من اتقان (بالاخراج والحبكة والسيناريو والحوارات والأداء والتصوير والاضاءة والمونتاج). اتقان يجعلنا نرفع رأسنا بالدراما اللبنانية في العالم العربي كله. مجدداً، شكرا فيليب أسمر ومبروك جمال سنان (ايغل فيلمز) لأنك تثق بمخرج قادر أن يجعلنا ننافس العالم كله بالدراما التلفزيونية، وليس لبنان والعالم العربي فقط.
