"قسد" تنسحب من "رأس العين"

02 : 54

آليّات عسكريّة أميركيّة تعبر مدينة تل تمر في محافظة الحسكة بعد إخلائها مطار صرين أمس (أ ف ب)

تطبيقاً للاتفاق الأميركي - التركي بخصوص وقف إطلاق النار في شمال شرقي سوريا، انسحب مقاتلو "قسد" بشكل كامل أمس من مدينة رأس العين المحاصرة من القوّات التركيّة وحلفائها، فيما أكّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تغريدة نقلاً عن وزير الدفاع مارك إسبر أن الهدنة التي سعت إليها واشنطن في سوريا "صامدة". ونقل ترامب عن إسبر أن "وقف إطلاق النار صامد. وقعت مواجهات محدودة انتهت بسرعة. الأكراد يُعيدون انتشارهم في مناطق جديدة". وأوضح أن "الجنود الأميركيين غير موجودين في مناطق المعارك أو مناطق وقف إطلاق النار". كما أعرب وزير الخارجيّة الأميركي مايك بومبيو عن تفاؤله بالوضع في سوريا. وقال: "هناك معارك قليلة نسبيّاً، بعض القصف المتقطّع بالأسلحة الخفيفة وبعض قذائف الهاون".

ورفض بومبيو اتهامات مفادها أن الاتفاق الذي تفاوض في شأنه ونائب الرئيس مايك بنس مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يصبّ في مصلحة أنقرة، بينما أقرّ كبير موظّفي البيت الأبيض ميك مالفاني في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" بأنّ قرار ترامب أغضب الجناح المحافظ في الحزب الجمهوري. وأكّد أن الرئيس "يُدرك أن قرار سحب القوّات الأميركيّة لا يحظى بتأييد سياسي" في واشنطن، لكنّه "خاض حملة من أجل ذلك". ولدى سؤاله في شأن تصريحات لترامب أكّد فيها إعادة هؤلاء الجنود إلى الولايات المتّحدة، علماً أنّه في الواقع تقرّر إبقاؤهم في منطقة الشرق الأوسط، أجاب مالفاني أن "أسرع طريقة لإبعادهم عن الخطر كانت بنقلهم إلى العراق".

وفي هذا الاطار، انسحبت القوّات الأميركيّة أمس من أكبر قواعدها العسكريّة في شمال سوريا، تنفيذاً لقرار واشنطن الأخير بسحب نحو ألف جندي من تلك المنطقة. وشاهد مراسل وكالة "فرانس برس" أكثر من سبعين مدرّعة وسيّارة عسكريّة ترفع العلم الأميركي وتعبر مدينة تل تمر في محافظة الحسكة، بينما كانت مروحيّات برفقتها تُحلّق في الأجواء، فيما أوضح مدير "المرصد السوري" رامي عبد الرحمن أن القافلة أخلت مطار صرين، الذي اتّخذته القوّات الأميركيّة قاعدة لها، على بُعد نحو ثلاثين كيلومتراً جنوب مدينة كوباني (عين العرب). ولفت عبد الرحمن إلى أن قاعدة صرين هي "الأكبر للقوّات الأميركيّة في شمال سوريا، وهي القاعدة الرابعة التي تنسحب منها" خلال نحو أسبوعَيْن. وباتت كلّ القواعد التي اتّخذتها القوّات الأميركيّة في شمال محافظة الرقة وشمال شرقي حلب خالية، بينما لا يزال الأميركيّون يحتفظون بقواعد في محافظتي دير الزور والحسكة، بالإضافة إلى قاعدة التنف جنوباً.

إلى ذلك، شاهد مراسل وكالة "فرانس برس" في رأس العين خمسين سيّارة على الأقلّ، بينها سيّارات إسعاف، أثناء مغادرتها مستشفى في المدينة، يُشكّل خط تماس بين القوّات التركيّة وحلفائها من جهة وبين "قسد" من جهة أخرى. وأشار إلى أن القافلة، التي ضمّت شاحنات صغيرة من طراز "بيك آب"، أقلّت عشرات المقاتلين بلباس عسكري وعبرت قرب نقاط لمقاتلين سوريين موالين لأنقرة، أطلقوا هتافات احتفالاً بالانسحاب. كما شاهد المراسل ألسنة النيران تتصاعد من المستشفى بعد وقت قصير من انطلاق القافلة، في حين أعلن المتحدّث باسم "قسد" كينو كبريئل في بيان أنّه "في إطار اتفاق الوقف الموَقت للعمليّات العسكريّة مع الجانب التركي وبوساطة أميركيّة، تمّ إخلاء مدينة رأس العين من مقاتلي قوّات سوريا الديموقراطيّة بشكل كامل"، مضيفاً: "لم يعد لدينا أيّ مقاتلين داخل المدينة".

توازياً، قُتِلَ جندي تركي وأصيب آخر بجروح في هجوم نفّذه مقاتلو "قسد"، بحيث أعلنت وزارة الدفاع التركيّة مقتل جندي وجرح آخر في "هجوم بأسلحة خفيفة ومضادة للدبّابات نفّذه إرهابيّون أثناء مهمّة استطلاع ومراقبة" في منطقة تل أبيض، في وقت شدّد أردوغان على أن بلاده "لا تشعر بالحاجة لأخذ إذن من أحد عندما يتعلّق الأمر بالوطن واستقرار شعبنا"، مضيفاً: "المنطقة الآمنة التي حدّدتها تركيا ستكون من جرابلس إلى حدود العراق بطول 444 كيلومتراً وبعمق 32 كيلومتراً". وكرّر الرئيس التركي وعيده باستئناف عمليّة "نبع السلام" فور انتهاء مهلة الـ120 ساعة، في حال عدم تنفيذ البنود الـ13 التي تمّ الاتفاق عليها مع الولايات المتّحدة. وفي هذا الصدد، دعت أنقرة واشنطن، على لسان المتحدّث الرئاسي التركي ابراهيم كالين، إلى استخدام نفوذها لدى "قسد" لضمان انسحابها المنظّم من شمال شرقي سوريا، مؤكّداً أن لا نيّة لدى أنقرة في احتلال هذه المنطقة الحدوديّة.وفي غضون ذلك، رأى المتحدّث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف أن تطوّر الأحداث في شمال شرقي سوريا قد يضرّ بعمليّة التسوية السياسيّة، فيما أجرت رئيسة مجلس النوّاب الأميركي نانسي بيلوسي ومجموعة من النوّاب الأميركيين محادثات مع الملك عبد الله الثاني في الأردن. وقالت بيلوسي في بيان: "مع تفاقم الأزمة في سوريا بعد التوغّل التركي، أجرى وفدنا محادثات مهمّة في شأن تأثير ذلك على الاستقرار الإقليمي وتزايد تدفّق اللاجئين والثغرة الخطرة التي أعطيت لتنظيم "داعش" وإيران وروسيا". وأشار البيان إلى أن الوفد الأميركي الزائر هو "من الحزبَيْن"، بالرغم من أن عضو الكونغرس ماك ثورنبيري هو الجمهوري الوحيد المسجّل على جدول الزيارة.


MISS 3