مايا الخوري

طارق يعقوب:نشهد حركة نهضوية مسرحية وسينمائية وتلفزيونية رغم كل الظروف

20 نيسان 2022

02 : 00

مشهد من broken keys
إنطلق الممثل طارق يعقوب من الشاشة الصغيرة وخشبة المسرح نحو العالمية من خلال الأفلام التي شارك فيها ونالت جوائز في مهرجانات عدّة مثل فيلم "كتير كبير" (لميرجان بو شعيا) و" broken keys" (لجيمي كيروز) الذي سيُعرض في نهاية نيسان الجاري في الصالات اللبنانية. عن مسرحية "طلب تعيين" وأعماله السينمائية والدرامية تحدث إلى "نداء الوطن".

تزامن عرض "طلب تعيين" مع اليوم العالمي للمسرح، كيف تقيّم واقع المسرح اللبناني؟

عُرضت مسرحيات بعد الإقفال العام في البلد وبدء الأزمة الصحية والإقتصادية، شهدت إقبالاً لطيفاً، إنما للأسف لا ثقافة مسارح في لبنان، خصوصاً بعدما أُقفلت أبواب صالات عديدة. قد نحتاج إلى توعية وثقافة ذاتية حول قيمة المسرح، لأن الإهتمام الجماهيري يصبّ لصالح التلفزيون فحسب.

كاتب المسرحية الأساس فرنسي الأصل، "ميشيل فينافير"، هل يتماهى نصّه مع الواقع اللبناني؟

كُتب النص إثر الإنهيار الإقتصادي في فرنسا واندلاع الثورات، لذا يتماهى مع الأحداث التي نعيشها حالياً. عمل المخرج حمزة حمادة مع الداماتورج باسل شلغين على لبننة النص وتقريبه من بيئتنا ولغتنا. حين بدأت قراءات المسرحية عام 2019، كان النصّ طليعياً نوعاً ما، إنما اضطررنا بسبب كوفيد أن نوقف التمارين ونؤجل العرض حتى الآن. حالياً، هو يترجم الواقع كأنه كُتِب لتجسيد هذه المرحلة.

قدّمت في الفترة الأخيرة مجموعة من الأعمال عبر منصات رقمية، مثل "وعيت" و"باب الجحيم"، ما سبب غيابك عن الدراما التلفزيونية؟

غيابي ليس مقصوداً عن الشاشة الصغيرة، إنما انشغلت بفيلم "Broken keys" الذي سيُعرض بدءاً من 13 نيسان في فرنسا وفي 28 نيسان في لبنان، فضلاً عن جزء ثانٍ من "باب الجحيم" ومشاريع أخرى. عندما عُرض عليّ مسلسل "وعيت" إستلمنا النصّ الكامل، فتمكّنا من مراجعته مع المخرج مازن فياض وتحضيره وتركيب الشخصية من ضمن قراءات قبل انطلاق التصوير، وهذه استراتيجية اعتمدها أيضاً أمين درّة في "باب الجحيم". تكمن مشكلة المسلسلات الدرامية التلفزيونية في استمرار الكتابة من ضمن فترة اطلاق التصوير. فوجدت نفسي غير راضٍ عن النتيجة الفنيّة التي أطمح إليها بسبب عدم اكتمال العناصر المطلوبة. لكنني لاحظت في المقابل، أننا إذا قدّمنا مادة صحيحة من ضمن استراتيجية عمل صحيّة، وإذا أُعطي العمل قيمته من وقت ومجهود، سنحقق مستوى درامياً جيّداً.

ما هي المطالب التي تراها أساسية تجاه الإنتاج المحلي؟

أطالب بإقرار المراسيم التطبيقية لقانون تنظيم المهن الفنية، لربما تصبح الأمور تكنوقراطية، ما يفسح في المجال أمام حماية القطاع من الطارئين على المهنة، من خلال تحديد نسبة 10% فقط للممثلين غير المنتسبين إلى النقابة. برأيي يتحقق التطوّر عندما نسعى فعلاً لتقديم عمل فنيّ بكل ما للكلمة من معنى. على كلٍ نشهد حركة مسرحية، سينمائية ودرامية جيّدة تؤسس لنهضة رغم كل الظروف في لبنان.

حققت نجاحات متتالية، ما هي المعايير التي تحدد خياراتك المقبلة؟

حققت النجاح بفضل الحظّ أولاً والإصرار لاحقاً على ألا أقبل عملاً غير مكتمل النصّ. يجب أن يقرأ الممثل نصه لتفكيك مضمونه وتركيب شخصية حقيقية وواقعية، هذه هي الإستراتيجية التي أعتمدها في العمل، فضلاً عن إيلاء وقتٍ للتمكّن من تحديد عادة خاصة بالدور. إنها تقنية يعتمدها كثيرون أيضاً فيتعاونون معاً لتقديم مادة فنية قيّمة.

نالت الأفلام التي شاركت فيها مثل "فيلم كتير كبير" و"broken keys" جوائز تقدير عالمية، أي انعكاس لذلك على مسارك الفنيّ؟

حققت هذه الأفلام النجاح بفضل روحية الفريق المتعاون لتنفيذ عمل متكامل وفق الأصول. لذلك اتخذت قراراً وخياراً بعدم المشاركة في أي عمل لا يعكس هذه الروحية الإيجابية التي تنعكس بطبيعة الحال إيجاباً على مسيرتي الفنية.

تخصصت في علم النفس قبل دخول المسرح، كيف تستفيد من تلك الخبرة في تركيب شخصياتك؟تخصصت في علم النفس لأتمكن من النجاح في امتحان الدخول إلى المسرح. أما بالنسبة إلى تركيب الشخصية، فأحاول تحليلها على الطريقة السيكولوجية أولاً، دون الغوص فيها إلى العمق، على حدّ قول الفنان الكبير منير معاصري. أتجه إلى رسم حياة الشخصية الإجتماعية، والخلفية المجتمعية التي انطلقت منها، فأبرر نمط حياتها وأجعلها إنساناً حقيقياً لا من نسج الخيال. كما أحدد لها برجاً شمسياً وآخر صينياً لإهتمامي بالأبراج من باب الفضول.

ألا يجعلك الغوص في تلك التفاصيل لبناء الشخصية، متحداً جداً فيها؟بعد انتهاء التصوير، تبقى أمورٌ عالقة أحياناً معنا، لكنها تضمحلّ تدريجاً وتختفي بعد تمارين وتأملات محددة. مثلما تستغرق الشخصية وقتاً لملئها بالتفاصيل، تستغرق وقتاً للتخلص منها. إحتفظت ببعض الأشياء من شخصياتي الأخيرة، مثل تمارين العزف على البيانو كـ"كريم" في "Broken keys". كما أحضّر بيتزا شهية كـ "جو" في فيلم "كتير كبير" وأحاول التفكير مطوّلاً قبل الكلام.

تعيش حيوات مختلفة ومتنوّعة في التمثيل، هل من دور ترفض أداءه؟أجد صعوبة في أداء شخصيات تجمع عاهات المجتمع كافة بتركيبة غير منطقية، لأن المردود النفسي عليّ سيكون صعباً. إذا كانت الشخصية غريبة عنّي لا تشبهني أستلذّ بأدائها لأنها تحتاج إلى مجهود إضافي، إنما إذا كانت شريرة فيجب تبرير شرها بتركيبة منطقية.

تخاطر في "Broken keys" بحياتك من أجل إصلاح بيانو حطّمه مسلحون متطرّفون، أخبرنا عن هذه التجربة والتفاصيل؟كتب جيمي كيروز الفيلم القصير "nocturne in black" كمشروع تخرّج من جامعة كولومبيا في نيويورك، تمرّنا 3 أشهر قبل تصويره خلال أسبوع. بعد نيله الجوائز، حوّله إلى فيلم طويل هو "broken keys". إختارني جيمي لهذا الدور لأن نظرتي إلى الفن والتمثيل حقيقية ومعاناتي شبيهة لمعاناة كريم الذي يحبّ البيانو، أي الفنّ، ويناضل في قلب مجتمع لا يتقبّل شغفه هذا، وهو إنسان إيجابي في قلب الدمار. برأيي يتنفسّ العالم كله بفضل الفنّ والجمال.

إلى جانب التمثيل أنت شاعر بالفطرة، ألا تفكر بإصدار ديوان شعري؟

قد أقدّم إصداراً أون لاين. إضافة إلى الشعر، خطرت في بالي كتابة فكرة مسرحية أو فيلم، لكنها تحتاج إلى هدوء وتفرّغ من التمثيل. بدأت القراءة والكتابة منذ نعومة أظفاري بفضل إصرار عائلتي على الثقافة والإطلاع والعلم.

ما هي مشاريعك المقبلة؟


قد نعرض مسرحية "طلب تعيين" مجدداً على مسرح آخر. أمّا درامياً، فهناك مسلسل مع المنتج رائد سنان وإخراج فادي وفائي أؤدي فيه دوراً مختلفاً عن أدواري السابقة وهو فريد من نوعه عربياً.

كلمة أخيرة


أتمنى إلغاء الرقابة على الأعمال المسرحية والسينمائية، لأن ثمة أفلاماً لبنانية نالت جوائز تقديرية حول العالم لكنها ممنوعة من العرض في لبنان. لذا يجب أن تقتصر الرقابة برأيي على التلفزيونية والذاتية الفنية لأنها أهمّ، كما يمكن لنقابة الفنانين أن تلعب دوراً رقابياً إذا أقرّ قانون تنظيم المهنة.


MISS 3