جورج بوعبدو

المطرب سمعان بو سمرا: لولا التبذير لكنت أغنى الفنانين

16 أيار 2022

02 : 00

ولد وترعرع في رأس الحرف قضاء بعبدا عام 1963 المعروفة بحب أهلها الفن وتشجيعهم على صقل المواهب وإبرازها. وفي العشرين من عمره عام 1988 شارك مصادفة في برنامج ليالي لبنان بتشجيع من أصدقائه، ليفوز بالمرتبة الأولى عن محافظة جبل لبنان، من ثم عن كل المحافظات عن فئة وديع الصافي. أولى أغنياته "رشوا الورد بكل الدار" من كلمات جورج أبي نادر، تعرف بعدها على الملحن جورج مارديروسيان وإيلي بيطار وإدوار يمّين وأمين هيمو ليبدأ مشواره الفني بأغنيات ما زالت خالدة حتى يومنا هذا، نذكر منها "خلقتي بعيوني" و"ما هي الدنيا ثواني" و"آه الألم" و"ارحم يا جميل" و"يتيم الحب". توالت النجاحات محلياً وعربياً فتربع على عرش الفن وغدا نجم الرقم الصعب آنذاك. إلى أن هاجر إلى دنيا الاغتراب عام 1992. "نداء الوطن" إلتقت الفنان سمعان بو سمرا في حوار مشوّق.

أخبرنا كيف كان انطباعك عندما بدأت بأغنيتك الأولى. وكيف تطور نشاطك الفني؟

"رشوا الورد بكل الدار" كانت أغنيتي الأولى. كاتبها كان مدير بنك ولكنه ذو موهبة في التأليف والتلحين. وعندما دخلت الأستوديو ذهلت بصوتي مع موسيقى، فكان شيئاً جميلاً وشعوراً لا يوصف. من ثم قررت إنتاج المزيد من الأغاني. فكرّت السبحة مع الملحن أمين هيمو والشاعر إدوار يمّين بأغنية "ارحم يا جميل" ومع الملحن فؤاد حرّاقة والشاعر بديع يزبك في "يتيم الحب" و"يا بحار عالمينا" ومع الكاتب والملحن غسّان الأسعد في "اشتقلك الدار" و"عالعالي العالي" و"كرمال عيونك يا جارة" ومع الملحن جورج مارديروسيان والشاعر ايلي بيطار في "خلقتي بعيوني" و"ما هي الدنيا ثواني" و"ما تقولي ليه" و"أيوه بحبك حتغيب ليه " وآه الألم" و"سهارى".





كيف عشت فترة الزمن الجميل كما تطلق عليه التسمية. وهل كان حقاً جميلاً؟

كانت فترة الأحداث اللبنانية أجمل فترة في حياتي بالرغم من الفوضى والمشاكل والأزمات المتلاحقة وما تبعها من دمار وعدم أمان واستقرار. كنّا نعيش البحبوحة فالمصارف شغالة والسياحة ناشطة. كنا نذهب إلى الشاطئ تحت القصف وكان يعجّ بالناس والمطاعم والملاهي الليلية، فكانت أجمل الأيام فنياً ومعيشياً. محبة الناس لبعضهم كانت طاغية على الحرب والدمار خلافاً عن يومنا هذا "فنحن نعيش السلم ولكن البغض معشعش في القلوب".


هل من حوادث طريفة حصلت معك في حفلاتك ويمكنك مشاطرتنا إياها؟

غالباً ما كانت تحدث المشاكل في أجواء السهر والليل فالكل ثمل وهو شيء عادي في هكذا أجواء. يتبادر إلى ذهني حادثة حصلت معي ذات يوم حين أصرّ عليّ شخص بأن أغني له بعد انتهاء الحفلة وبالقوة. وقتها كنت في بداياتي ولم أكن أعرف سوى أربع أغنيات. حاولت التغاضي عن الأمر بالرغم من صراخه في وجهي ولكن محاولتي باءت بالفشل. قررت مواجهته وحصل خلاف حاد يومها. سأتطرق أيضاً إلى حادثة أخرى طريفة، عندما كنت ذاهباً لحفلة في مطعم "الصومعة" حراجل وكان صديقي يقود سيارتي "الرينج روفر". كنت أرتدي بذلة جديدة وكل شيء كان منسقاً حسب الأصول. ولكن لسوء الحظ ركن صديقي السيارة على مقربة من بركة زيت، وعندما هرعت من السيارة لألتقي الجمهور سقطت داخل الحفرة المليئة بالزيت.





ما هو سرّ نجاح أغنية "خلقتي بعيوني" و"ما هي الدنيا ثواني"؟

الأغنيتان من كلمات إيلي بيطار وألحان جورج مارديروسيان. نشأت فكرة "ما هي الدنيا ثواني" عندما استيقظت صباحاً بعد ليلة غناء حافلة فوقع نظري على ساعة الحائط أمامي فأخذت أراقب الثواني وبدأت الكلمات تتبادر إلى ذهني فاتصلت بالشاعر ايلي بيطار لإكمال الفكرة ومن ثم بالملحن جورج مارديروسيان لتلحينها. والحمدلله نالت الأغنية نجاحاً منقطع النظير وما زالت حتى اليوم تغنّى ولي أغنيات أخرى وبعض الناس لا يعلمون إلى اليوم لمن هذه الأغنيات.

أما بالنسبة إلى أغنية "خلقتي بعيوني" فكانت من ضمن الألبوم ولم أكن متوقعاً هذا النوع من النجاح لها وصنّفت الأغنية بعد عقود من أجمل الأغنيات في كل الأزمان.





وما هي الأغنية الأحب إلى قلبك؟
الناس يفضلون أغنية "خلقتي بعيوني" ولكنني أحب أغنية "آه الألم" لأنها أغنية صعبة من ناحية الأداء ورائعة من ناحية الكلمات فهي متكاملة كلاماً ولحناً وأداءً.

يقال إنك كنت الأعلى أجراً بين الفنانين. هل هذا صحيح؟
مررت بفترة ذهبية وكنت فعلاً أتقاضى أجوراً خيالية من حفلاتي التي لم تكن تهدأ طيلة أيام الأسبوع محلياً وعربياً. جنيت أموالاً كثيرة، ولولا التبذير لكنت أغنى الفنانين.

كيف تعيش اليوم في ظل هذه الأزمات المتلاحقة؟
عشت في الولايات المتحدة لفترة طويلة وقمت بتأسيس مشاريع عدّة، ولأنني أحب لبنان وأهوى العيش فيه فرجعت إليه. خسرت في الآونة الأخيرة بعضاً مما جنيته نتيجة إفلاس المصارف ولكنني ما زلت قادراً على التعايش مع هذه الأزمة التي لا بد من أن تزول يوماً ما.

كيف أثر فيك انفجار الرابع من آب؟
عدا عن تأثري الشخصي والفاجعة التي ألمّت باللبنانيين كافة، تبين أننا نعيش في بلد خالٍ من أدنى مقومات الدولة، فمن غير المعقول أن يحصل انفجارٌ بهذا الحجم ويهزّ العالم، ولا تعرف أسبابه حتى الساعة. كيف نستطيع الاستمرار في بلدٍ كهذا يحكمه السارقون والفارون من العدالة. كان لبنان سويسرا الشرق. أما اليوم فأين هو؟





ما رأيك بالثورة؟

الثورة استغلت من الطبقة السياسية الحاكمة التي عملت على إفشالها وشيطنتها، ونجحت بذلك كون هذه الأخيرة غير منظمة ومضعضعة من الداخل. الثورة لتنجح تحتاج إلى قائد ومتحدّث باسمها وإلى عدم تقسيمها إلى مجموعات متنافرة في ما بينها.

كلمة أخيرة للبنانيين:

فرصتنا جدية لتغيير النظام من خلال الاستحقاق الإنتخابي. أرجو أن يكون كل فرد صوّت إلى من يمليه عليه ضميره. إنها فرصتنا الأخيرة لاسترجاع ما تبقى من لبنان، وإلا فعلى الدنيا السلام.