جاد حداد

إكتشف الفرق بين اختبارات الحساسية الغذائية وعدم تحمّل الطعام

28 أيار 2022

02 : 00

أعاني من مشاكل المعدة منذ سنوات عدة. هل يمكن أن ينجم اضطراب معدتي عن حساسية تجاه أغذية معينة؟ أريد أن أتحسّن وأشعر بالفضول حول الاختبارات التي تسمح برصد حالات الحساسية الغذائية أو عدم تحمّل الطعام.



تكون مشاكل الجهاز الهضمي معقدة بشكل عام ويصعب تحديد سبب المشكلة أحياناً. لكن يجب التمييز أولاً بين الحساسية الغذائية وعدم تحمّل الطعام لأن هذين المصطلحين لا يحملان المعنى نفسه.

تشير الحساسية الغذائية إلى استجابة مناعية يطلقها الجسم حين يتّصل الغلوبولين المناعي "ه" (يُعرَف أيضاً بالجسم المضاد للحساسية) بخلية الحساسية. تطلق هذه الخلية عناصر كيماوية اسمها الهيستامين، وهي تنتج ردة فعل معينة خلال دقائق معدودة بشكل عام. في حالات نادرة، قد تتأخر ردة الفعل ولا تظهر قبل مرور ساعتين من الاحتكاك بمُسبّب الحساسية. تتعدد ردود الأفعال التحسسية، أبرزها الحكّة، والقشعريرة، والطفح الجلدي، وردة الفعل التحسسية التي تترافق مع اختلال التنفس.

يصاب ملايين الناس بالحساسية الغذائية، ويبقى الفول السوداني، والمكسرات، والأسماك، والمحار، والقمح، والصويا، والسمسم، والحليب والبيض، من أكثر مسببات الحساسية شيوعاً.

لكن حين تجد صعوبة في هضم الأغذية بالشكل المناسب، تُعرَف هذه الحالة بعدم تحمّل الطعام. تظهر هذه المشكلة في الأمعاء وترتبط بطريقة تفكيك المكونات أو الأنزيمات الموجودة في المأكولات المستهلكة. يُعتبر عدم تحمّل اللاكتوز مثلاً من أكثر الحالات شيوعاً. لا يحمل المصاب بحساسية تجاه هذه المادة كمية كافية من الأنزيمات التي تفكك اللاكتوز الموجود في المأكولات والمشروبات، وهذا ما يفسّر بدء الأعراض. ننصحك إذاً بتدوين مذكراتك الغذائية لتعقب المأكولات المستهلكة قبل ظهور الأعراض. إذا لاحظتَ أي عنصر مختلف في حميتك، حاول أن تتخلص منه.

لا علاقة لجهاز المناعة بظاهرة عدم تحمّل الطعام، ولا تكون هذه الحالة مؤذية. لكنها قد تصبح مزعجة أحياناً. تتعدد أعراض هذه المشكلة، منها النفخة الخارجية، والشعور بشبع مفرط، ووجع البطن أو تشنّجه، وتشوش الدماغ، والصداع، وتغيّر أنماط التغوط (إسهال أو إمساك).

في معظم الأحيان، تطلق الحساسية الغذائية ردة فعل أسرع. أما عدم تحمّل الطعام، فهو يتطور مع مرور الوقت وقد تتراوح مدة ظهور أعراضه بين 30 دقيقة وأربع أو خمس ساعات. إنه متوسط الوقت الذي يحتاج إليه الجسم لنقل الطعام من المعدة.

يصعب على بعض الناس التمييز بين الحساسية الغذائية وعدم تحمّل الطعام، لذا يجب أن يقوم الطبيب بتشخيص الحالة بدقة.

اختبار الحساسية الغذائية

يبقى الاختبار الجلدي المعيار الذهبي لرصد حالات الحساسية. توضع كمية صغيرة من مُسبّب الحساسية على البشرة، وتحديداً الظهر أو الساعد. ثم يخدش الطبيب الجلد بنعومة لإدخال مُسبّب الحساسية إلى البشرة. خلال 10 دقائق أو 15 دقيقة، يطلق الجسم الهيستامين ثم يظهر نتوء أحمر في حال الإصابة بحساسية محتملة. يُحدد حجم الاحمرار أو النتوء على وجود الحساسية وحدّتها.

يجب أن يقوم طبيب الحساسية بهذا الاختبار. يجري بعض المرضى فحص دم يرصد أغذية خاصة بأجسام الغلوبولين المناعي "ه" المضادة. قد يسمح هذا الفحص برصد الحساسية، لكنه لا يؤكد وحده الإصابة بحساسية غذائية، بل يجب أن يفسر الطبيب المختص نتائج الفحوصات المخبرية للتأكيد على الحالة.

اختبار عدم تحمّل الطعام

لا يستطيع اختبار واحد أن يرصد الحساسية الغذائية أو عدم تحمّل الطعام. رغم التسويق لاختبارات عدة، تعترف "الأكاديمية الأميركية لأمراض الحساسية والربو وعلم المناعة"، و"الجمعية الكندية للحساسية وعلم المناعة العيادي"، و"الأكاديمية الأوروبية للحساسية وعلم المناعة العيادي"، بعدم وجود اختبار فعال واحد.

بشكل عام، تستعمل الحزم التي تسوّقها الشركات فحص الغلوبولين المناعي "ج" لرصد أي حساسية غذائية لدى الناس. تزعم هذه الشركات أن أعراض حالات كثيرة تتحسن عند حذف الأغذية الغنية بالغلوبولين المناعي "ج" التي خضعت للاختبار. يقيس هذا الغلوبولين نسبة التعرّض للغذاء ولا يرصد الحساسية، مع أن بعض الأبحاث يربط بين ارتفاع مستويات الغلوبولين المناعي "ج4" وتحسّن القدرة على تحمّل الطعام.

قد تشعر بالإحباط حين تعجز عن إيجاد الأجوبة التي تبحث عنها أو تريد اكتشاف طريقة فعالة لمعالجة الأعراض من دون أخذ الأدوية. لكن لا تدعم الأبحاث اختبارات الغلوبولين المناعي "ج" لرصد الحساسية الغذائية.

قد تؤدي اختبارات الحساسية الغذائية أو عدم تحمّل الطعام إلى توسّع القيود الغذائية غير الضرورية، وزيادة الضغط النفسي والقلق بشأن الأغذية المنتقاة، حتى أنها قد تزيد الخوف من الطعام وتُمهد لمشاكل سوء التغذية وتُرسّخ شعوراً عاماً بالانزعاج. كذلك، قد تُسبب هذه الاختبارات تشخيصات خاطئة لأمراض محتملة، وقد تزيد الأعراض الهضمية سوءاً في بعض الحالات.

إذا كنت مصاباً بمشاكل في المعدة أو الأمعاء وتشتبه بإصابتك بحساسية غذائية، اقصد طبيب الحساسية أو اختصاصي في أمراض الجهاز الهضمي. قد تستفيد أيضاً من استشارة خبير التغذية قبل إحداث أي تعديلات غذائية جذرية.


MISS 3