يوسف منصور

بعلبك - الهرمل تسأل عن ثوّارها

من تحركات بعلبك - الهرمل بداية الثورة

هل رُفع الحرمان عن بعلبك الهرمل ووفّر للمواطنين كل متطلبات العيش الكريم؟ وهل جميع مطالب الناس القديمة الجديدة من أمنٍ وأمان وإقتصادٍ وإنماء تحققت ليخف وهج الثورة في بعلبك؟ وهل أحزاب المنطقة وممثلوها في الحكومة والمجلس النيابي وفوا بوعودهم وبرامجهم الإنتخابية وأصبحت المنطقة تعيش الرخاء على كل الصعد؟

على مدى أيام الثورة التسعة عشر لم تغب صرخة أهالي بعلبك والهرمل عن الساحات وإن كانت بوتيرةٍ خفيفة جداً ووجوه اعتادت الناس أن تراها يومياً تنزل لرفع الصوت، ولم تغب معها مطالب الناس المحقة والمتراكمة منذ سنواتٍ خلت، يضاف إليها المطالب السياسية التي نزل كل لبنان لأجلها بدءاً بتغيير الحكومة والعهد وليس آخرها إجراء انتخابات نيابية مبكرة.

من يرى حجم معاناة أهالي بعلبك - الهرمل المحرومة والحرمان الذي يرافقهم حتى أصبح ملازماً لإسم المحافظة، كان يظن أن المنطقة هنا ستثور كما ثارت طرابلس وأكثر وستنتفض بوجه الأحزاب والسياسيين طلباً لأبسط مقومات العيش التي يفتقدها كثر وللتغيير في الوجوه التي تمثّل المنطقة على مر سنوات ولم تفلح في نشلها من جور الظلم الإجتماعي، وستنتفض لغياب الإنماء الذي كان شمّاعة البرامج والوعود، غير أن التركيبة الطائفية للمنطقة وسيطرة الأحزاب والفلتان الأمني والسلاح الذي ينتشر بين أيدي المواطنين من دون رادع قانوني أو أخلاقي، كلها أسباب جعلت الصوت في بعلبك يبقى منخفضاً من دون انتشار رقعة الإنتفاضة على الواقع.

منذ سنوات وبعلبك تئن تحت مطرقة السلاح المتفلت والعشائرية المنتشرة بمفهومها الرجعي، ولا يُبنى على العادات والتقاليد، الغلبة فيها دائماً للأقوى والمدعوم حزبياً حيث لا تطال يد القانون أولئك الأشخاص الذين يرعبون المدينة وأهلها وينتكس معهم الإقتصاد والسياحة وغيرها، ويكون المتضرر منها دائماً من هم خارج دائرة الأحزاب، فكان هؤلاء ينتفضون لساعات وبأعداد قليلة فتعطى لهم جرعات التخدير لأيام ليعود الوضع كما كان عليه، ودائماً وأبداً تحت مرمى عين تلك الأحزاب. كذلك الأمر غياب الإنماء والمشاريع للمنطقة والوظائف وغيرها كلها عناوين استدعت من الأهالي رفع الصوت لرفع الحرمان.

لا جدية في التعاطي مع ملفات المنطقة، أمر لمسه الأهالي من قبل المعنيين بشؤون المنطقة وشجونها، فلا حلول جذرية ولا مطالب ترضي طموح الناس في العيش الكريم، والحرمان الذي تشتهر به بعلبك الهرمل لا يقتصر على طائفة أو منطقة أو حي، فالكل سواء بمن فيهم المنتسبون للأحزاب، غير أن الولاء للزعيم أو للحزب والخدمات الصغيرة التي يقدمها لهم مقابل فقدان الكثير، جعلت الناس تقف بوجه الثورة والإنتفاضة وترضى لنفسها الحرمان على أن ينتقد الحزب الفلاني أو المسؤول لأن الولاء الطائفي والحزبي يشد أواصر الناس لا الفقر والجوع والحرمان.

أكثر من 350 ألف نسمة تعداد سكان بعلبك الهرمل، لم ينتفض منهم خلال الأيام الماضية أكثر من ألف، وفي المقابل وعند الحديث مع المواطنين تجد أن الهم والحرمان يجمعهم، لكن الولاء الحزبي والمذهبي، جعل الناس يقفون إلى جانب أحزاب السلطة التي تمثلها وإن كانت على خطأ. وشهدت المنطقة بعد الخطاب الثاني للسيد نصرالله مسيرات حزبية وحالات هرج ومرج وتكسير، وإجتياح السيارات والدراجات النارية بعلبك وعلى مرأى من المعتصمين الذين يطالبون نيابةً عن كل أبناء المدينة بالحقوق، واعتبر المحتجون أن ما حصل عيّنة من الجهل في الحقوق والتمييز بين الصالح العام ومصلحة الأشخاص الذين يتولون أمورهم.

وحيث أن التغيير والحصول على ما يطلبه الناس كان قاب قوسين أو أدنى في بعلبك الهرمل، يقول قائل انه لا يحق لأهالي المنطقة منذ الآن المطالبة ورفع الصوت بعد الذي جرى، ففي حين أن الفرصة كانت مؤاتية والصوت مسموع، رفض المواطنون الإنتفاضة وفضلوا الخضوع لطائفتهم وحزبيهم.