جاد حداد

Halftime... حياة جنيفر لوبيز تحت المجهر

17 حزيران 2022

02 : 00

غالباً ما تحمل حياة نجوم العالم طابعاً ترفيهياً، ولو أنها تكون جدّية أحياناً. يعرض فيلم Halftime (وقت مستقطع) حياة امرأة لا تتراجع رغم المشقات.

انضمّت جنيفر لوبيز إلى جانيت جاكسون وتايلور سويفت وبيونسيه لطرح فيلم وثائقي عن حياتها ومسيرتها كنجمة بوب، مع أنها قد تعترض على هذا التوصيف كونها نجمة سينمائية وسيدة أعمال وفاعلة خير، كما يذكر فيلم "نتفلكس" الجديد في مناسبات متكررة. يتابع هذا العمل حياة لوبيز بدءاً من احتفالات عيد ميلادها الخمسين، وصولاً إلى العرض الذي قدمته مع شاكيرا في الوقت المستقطع من مباراة نظّمتها بطولة الدوري الوطني لكرة القدم الأميركية في العام 2020.

يمتد الفيلم على أكثر من 90 دقيقة ويقدم خليطاً ممتعاً ومشوّقاً من الأحداث. لا تخفي لوبيز ما يزعجها في أي لحظة. هي تتلقى دعوة لتقديم ذلك العرض، ويَعِدها القيّمون على الحدث بأن يشاهدها أكثر من مئة مليون شخص. لكنها تنزعج من مشاركة شاكيرا ومَنْح كل واحدة منهما المدة نفسها بدل تقديم عرض واحد. تعتبر لوبيز هذه الخطة "أسوأ فكرة في العالم"، ويقول مدير أعمالها بيني ميدينا: "من المهين أن يفكر أحد بأن الحدث يحتاج إلى امرأتين لاتينيتَين لتقديم عرضٍ يقوم به فنان واحد في العادة".

تُمهّد هذه الحادثة لقصة أخرى مثيرة للاهتمام. تنكر لوبيز أنها منحازة لأي طرف سياسياً، لكنها ابنة أبوين من بورتوريكو وقد عاشت في الولايات المتحدة خلال عهد دونالد ترامب، حيث قالت إنها تقيم في بلدٍ لم تعد تعرفه. سرعان ما تشتبك لوبيز مع الرابطة الوطنية لكرة القدم بسبب فكرة العرض، ثم يناقش خطيبها بن أفليك شراسة صحافة الفضائح معها في بداية مسيرتها المهنية. حين يسألها إذا كانت تنزعج من ذلك التعامل، تجيبه قائلة: "أنا امرأة لاتينية، لذا توقعتُ حصول ذلك".

يذكّرنا الفيلم بأن مسيرة لوبيز في عالم التمثيل تحوّلت إلى مادة دسمة للبرامج الكوميدية رغم بدايتها القوية. لكنها احتاجت إلى فيلم Hustlers (المخادعون)، الذي يتمحور حول رقص العمود وأنتجته بنفسها وأدّت دور البطولة فيه، كي يأخذها الناس على محمل الجد في مجال التمثيل. ترشّحت لوبيز لجائزة "غولدن غلوب" وكثرت التوقعات حول ترشّحها لجائزة الأوسكار أيضاً، لكننا سنشاهد خيبة أملها حين تفشل في تحقيق هذا الهدف.

يتخذ الفيلم منحىً شائكاً عند التطرق إلى هذه الفكرة بالذات، إذ يصعب إقناع المشاهدين بأن هذه النجمة المدهشة ومتعددة المواهب في عالم البوب والسينما وسيدة الأعمال الناجحة هي امرأة مستضعفة وتعيسة. لن يتأثر معظم الجمهور مثلاً بالألم المرافق لعدم ترشّحها لجائزة الأوسكار. تريد لوبيز على ما يبدو أن يتقبّلها الآخرون، فتطلب من طبيبها البالغ من العمر 70 عاماً أن يشاهدها في فيلم Hustlers لرؤية قدراتها. وفي واحد من أفضل مشاهد الفيلم، تقرأ لوبيز رسالة جماعية حيث تناقش عائلتها مسار مباراة في كرة القدم الأميركية. ثم تتكلم إحدى شقيقاتها عن التقييم الإيجابي الذي يحصده فيلم Hustlers، فيشيد بها الكثيرون لفترة قصيرة قبل أن يستأنفوا مناقشة مسار المباراة. لطالما كانت علاقة لوبيز صعبة مع والدتها، وقد جعلتها منحنيات جسمها الشهيرة دخيلة على هوليوود في أواخر التسعينات وبداية القرن الواحد والعشرين. كذلك، تراجع تقديرها لنفسها بسبب إصرار صحافة الفضائح على متابعة علاقاتها العاطفية وحياتها الشخصية.

إنها أحداث واقعية، لكن فيما تحاول لوبيز إثبات نفسها حتى الآن، لا يمكن إنكار حقيقة واضحة: هي نجمة مشهورة بكل بساطة. تُذكّرنا مقتطفات من أفلامها السابقة بقوة مسيرتها في هوليوود وبعودتها إلى حصد أعلى الإيرادات على شباك التذاكر. تبدو مشاهد تدريبها للراقصين في فريقها لتقديم العرض في المباراة مدهشة بمعنى الكلمة، ويحتاج الفيلم عموماً إلى بعض الوقت قبل أن يتعلّق به المشاهدون. ينتهي العمل بالعرض الذي تقدّمه خلال حفل تنصيب الرئيس جو بايدن، ثم يعدّد الفيلم نجاحاتها بالأرقام فيعرض مبيعاتها، وإيرادات أفلامها، وإحصاءات حول متابعيها على مواقع التواصل الاجتماعي. لكنّ الجمهور الذي يقرر مشاهدة فيلم طويل عن مسيرتها المهنية لا يحتاج على الأرجح إلى من يقنعه بحجم النجاح الذي حققته في حياتها. ما النفع من هذه الأرقام إذاً؟

تقول لوبيز في بداية الفيلم: "العالم يصغي. ما الذي أريد قوله"؟ سنكون في النهاية أمام فيلم لامع يهدف إلى الإشادة بالنجمة العالمية طبعاً، لكنه صادق وممتع في الوقت نفسه، وهو يكشف جوانب تفوق ما أرادت لوبيز عرضه على الأرجح.


MISS 3