جان الفغالي

السنَّة في لبنان قبل رفيق الحريري ومعه وبعده

22 حزيران 2022

02 : 00

مَن يتذكَّر مَن كان آخر سفير سعودي في لبنان قبل انهاء الحرب؟ صعبٌ التذكُّر! لماذا؟ لأنه كان هناك قرار خارجي، ممن يسمون اليوم «دول الممانعة» ويسمون بالأمس «الأشقاء» بإفراغ بيروت من السفراء، ولا سيما العرب منهم، لتخلو ساحة العاصمة للنظام السوري.

لم يقتصر الأمر على إفراغ العاصمة من الحضور الديبلوماسي، بل كانت الخطة تقضي ايضاً بإفراغها من الحضور السني المؤثِّر: من اغتيال المفتي الشيخ حسن خالد، الى «نفي» الرئيس صائب سلام الذي حين شارك في مؤتمر الطائف، إنتقل إلى مدينة الطائف، ليس من لبنان، كما سائر النواب، بل من سويسرا حيث كان يمضي نفيه الطوعي، وكذلك تخيير القيادات والأقلام بين التدجين والهجرة.

رفيق الحريري كان يراقب هذه الصورة القاتمة، كان يتابع من كثب خطط وخطوات تهميش السنَّة، فكان قراره، بدعمٍ ورعاية ومواكبة من المملكة العربية السعودية، وعلى رأسها «صديقه» الملك فهد، بإعادة إحياء الحضور السني في بيروت.

لم يرتَح النظام السوري لهذه «الصحوة» لكنه لم يكن قادراً على الوقوف في وجهها، فعمل على الإلتفاف عليها لاحتوائها. كان النظام السوري يراقب جيداً فريق عمل الرئيس رفيق الحريري أو بشكلٍ أدق

«مجلسه السياسي» غير المعلن: من السفير السابق جوني عبدو، إلى «المستشار الدائم» نهاد المشنوق، إلى الفضل شلق إلى سمير فرنجيه إلى غسان سلامة إلى آخرين ممن لا يسع المقام لتسميتهم جميعاً.

الجامع المشترك بين هذه الأسماء الآنفة الذِكر، خصومتها مع النظام السوري الذي لم يرتح إلى هذه البيئة اللصيقة بالرئيس الحريري، وكانت على رأسها مرجعيات وشخصيات تُصنَّف على انها على خصومة شديدة مع النظام السوري، وفي مقدمها البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير والنائب نسيب لحود؟

منذ ما بعد الطائف، لم تحمل الاستشارات النيابية الملزمة لاختيار شخصية لشكيل الحكومة سوى شخصيتين من عصر ما قبل الطائف: الرئيس الراحل رشيد الصلح والرئيس سليم الحص، عدا عنهما، الجميع كانوا من رعيل ما بعد الطائف: من الرئيس الشهيد إلى نجله الرئيس سعد الحريري، إلى فؤاد السنيورة إلى عمر كرامي إلى نجيب ميقاتي إلى حسان دياب. منهم مَن كان على خصومة مع «حزب الله» وسوريا، ومنهم مَن كان لـ»حزب الله» ولسوريا الفضل في تسميتهم.

اليوم، في غياب الرئيس الشهيد رفيق الحريري وفي ابتعاد أو إبعاد الرئيس سعد الحريري، وانفراط عقد

«نادي رؤساء الحكومات السابقين»، ضاق هامش المناورة: إما الرئيس نجيب ميقاتي، للمرة الرابعة، وإما أحد التغييريين، لكن التسمية لا تعني التأليف، ففي حال تمت تسمية أحد التغييريين، هل يُسلِّم «حزب الله» بسهولة؟ وهل ما نجح في الاحتفاظ به في السلطة التشريعية، يخسره في السلطة التنفيذية؟


MISS 3