الدهون المتحوّلة تصيبك بالخرف!

13 : 18

كشفت دراسة جديدة في بلدة يابانية أن ارتفاع مستويات الدهون المتحولة في الدم يزيد احتمال الإصابة بالخرف!

إكتشف الباحثون في الدراسة الجديدة أن المعجنات حلوة المذاق تشكّل على الأرجح أكبر مصدر للدهون الغذائية المتحولة.

ثمة مصدر طبيعي وآخر اصطناعي للدهون المتحولة في الحمية البشرية. يمكن إيجاد الدهون الطبيعية بكميات صغيرة في مشتقات الحليب ولحوم بعض الحيوانات. أما الدهون الاصطناعية، أو الأحماض الدهنية المتحولة، فهي أهم مصدر للدهون المتحولة في الحمية وتنجم عن عملية صناعية تضيف الهيدروجين إلى الزيت النباتي لجعله صلباً.

وفق "جمعية القلب الأميركية"، قد يؤدي استهلاك الدهون المتحولة إلى زيادة مخاطر أمراض القلب والجلطات الدماغية، وحتى النوع الثاني من مرض السكري.

نُشِر تقرير جديد عن الدراسة في مجلة "علم الأعصاب"، حيث وصف الباحثون تجربتهم التي تربط بين الدهون المتحولة وزيادة مخاطر الخرف، استناداً إلى بيانات دراسة صحية مستمرة عن أشخاص يقيمون في بلدة "هيساياما" اليابانية.

يقول المشرف الرئيس على الدراسة، توشيهارو نينوميا، أستاذ في قسم علم الأوبئة والصحة العامة في جامعة "كيوشو"، اليابان: "تعطينا هذه النتائج سبباً إضافياً لتجنب الدهون المتحولة. في الولايات المتحدة، قد تتراكم الكميات الصغيرة التي لا تزال مسموحة في المنتجات الغذائية إذا استهلك الناس حصصاً متعددة من تلك المنتجات، وتسمح بلدان كثيرة أصلاً باستعمال الدهون المتحولة حتى الآن".

إرتفاع بارز في مخاطر الخرف

إستعملت الدراسة الجديدة بيانات 1628 شخصاً في عمر الستين على الأقل. لم يكن المشاركون مصابين بالخرف حين قدموا عينات من دمهم لفحصها بين العامَين 2002 و2003. ثم راقبهم الباحثون طوال 10 سنوات ورصدوا حالات الخرف لديهم. خلال فترة المتابعة، أصيب 377 مشاركاً بالخرف، بما في ذلك 247 حالة من مرض الزهايمر.

لتحليل العينات، قسّم الباحثون المشاركين على أربع مجموعات متساوية، بحسب مستويات الدهون المتحولة في دمهم. بلغ متوسط حالات الخرف 29.8 من أصل كل ألف شخص خلال فترة المتابعة في المجموعة التي شملت أعلى مستويات الدهون المتحولة في الدم.

سجّلت المجموعتان اللاحقتان مستويات مرتفعة من تلك الدهون أيضاً، لكن بدرجة أقل من المجموعة الأولى، وبلغت حالات الخرف فيهما 27.6 من أصل كل ألف شخص. أخيراً، تراجع عدد الحالات إلى 21.3 في المجموعة التي سجّلت أقل كمية من الدهون المتحولة.

أخذ الباحثون بالاعتبار عوامل أخرى قد تؤثر على مخاطر الخرف، منها التدخين وأمراض مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري.

بعد تعديل النتائج، رصد الباحثون زيادة في خطر الإصابة بالخرف بنسبة 52% لدى من حملوا أعلى مستويات الدهون المتحولة في دمهم، مقارنةً بمن سجّلوا أدنى المستويات. وفي ثاني أعلى مجموعة، بلغت نسبة الخطر 74%.

لكن يذكر الباحثون أن هذا الرابط بقي واضحاً بعد مراعاة العوامل الغذائية، على غرار مجموع استهلاك الطاقة وكمية الأحماض الدهنية المشبعة ومتعددة عدم الإشباع.

منعت "إدارة الغذاء والدواء" الأميركية استعمال الدهون المتحولة الاصطناعية في العام 2018، وأعلنت أن نزع جزء من الزيوت المهدرجة في المنتجات المُصنّعة قد يمنع آلاف النوبات القلبية وحالات الوفاة سنوياً.

لكن يشمل قرار المنع بنداً يسمح للماركات بأن تكتب على غلافها أنها تخلو من الدهون المتحولة إذا كانت تحتوي على أقل من نصف غرام من تلك الدهون. بعبارة أخرى، تشمل المنتجات أحياناً كميات ضئيلة من الزيوت المهدرجة جزئياً.

أراد الباحثون استكشاف هذا الموضوع نظراً إلى قلة الدراسات التي حللت الرابط بين الدهون المتحولة والخرف. كذلك، لم يتوصل أحد سابقاً إلى نتائج متماسكة برأيهم، نظراً إلى غياب أي طريقة دقيقة لتقييم الكميات المستهلكة من الدهون المتحولة.

يَصِف الباحثون في تقريرهم أنهم استعملوا مستويات حمض الإليديك في الدم كمؤشر حيوي وموضوعي لرصد الدهون المتحولة الصناعية. يدخل هذا الحمض في خانة الدهون المتحولة الأساسية في الزيوت النباتية المهدرجة جزئياً، ويمكن إيجاده بكميات صغيرة أيضاً في الحليب وبعض أنواع اللحوم.

كجزءٍ من التجربة، ملأ المشاركون استبيانات حول نمطهم الغذائي. ومن خلال ربط هذه المعلومات بنتائج أخرى، تمكّن الباحثون من تحديد أبرز الأغذية التي ترفع مستويات الدهون المتحولة في الدم.

يذكر الباحثون في تقريرهم: "كانت المعجنات حلوة المذاق من أبرز المنتجات المؤثرة، يليها السمن والحلويات الغنية بالسكر (سكاكر، كاراميل، علكة) والكرواسون. شملت النماذج النهائية أيضاً الكريما الخالية من مشتقات الحليب، والمثلجات، ومقرمشات الرز".

لكن من الناحية السلبية، خضعت مستويات الدهون المتحولة في دم المشاركين للقياس في بداية الدراسة حصراً.

وبما أن البيانات تشتق من بلدة يابانية واحدة، لا يمكن تعميم النتائج على جماعات سكانية أخرى لأن أنماط استهلاكها للدهون المتحولة مختلفة حتماً.

أصدرت منظمة الصحة العالمية دليلاً مفصلاً لإزالة الدهون المتحولة الاصطناعية من السلسلة الغذائية العالمية. ووفق تقديراتها، يؤدي استهلاك الدهون المتحولة إلى أكثر من 500 ألف حالة وفاة سنوياً نتيجة أمراض القلب والأوعية الدموية على مستوى العالم.

يقول نينوميا: "دعت منظمة الصحة العالمية إلى التخلص من الدهون المتحولة الاصطناعية في العالم بحلول العام 2023. تسهم هذه الجهود الصحية في الوقاية من حالات الخرف حول العالم، حتى أنها قد تُخفّض أمراض القلب وأي اضطرابات أخرى مرتبطة بالدهون المتحولة".


MISS 3