خلايا دماغية جديدة تُذكّرك بالأغراض المفقودة!

02 : 00

اكتُشِف نوع جديد من الخلايا العصبية المتنقلة في دماغ الثدييات، ويبدو أنه يغيّر بشكلٍ جذري نظرتنا إلى علاقتنا بالأغراض المحيطة بنا.

نعرف أصلاً كيف نُحدد موقعنا داخل بيئة معينة، بفضل اكتشافٍ حائز على جائزة نوبل للخلايا المكانية والشبكية التي تشكّل نسخة مشابهة لنظام تحديد المواقع داخل الدماغ.اليوم، يزيد نوع ثالث من الخلايا التي تم اكتشافها حديثاً لدى الفئران درجة تعقيد هذا النظام. إنها خلايا التعقب التوجيهية التي ترتبط بالأغراض الموجودة في محيطنا أكثر من البيئة بحد ذاتها.

تصبح تلك الخلايا ناشطة حين يشاهد الفأر غرضاً، فتساعده على تقييم مدى بُعد ذلك الغرض عنه والمسافة النسبية التي تفصله عن أغراض أخرى ضمن مجال رؤيته.

تنشط هذه الخلايا حتى لو لم يعد الغرض المستهدف مرئياً أو رغم إزالته، وقد تبقى في هذه الحالة الناشطة لساعات. بعبارة أخرى، تساعدنا خلايا التعقب التوجيهية (إذا افترضنا أنها موجودة في الدماغ البشري) على تذكّر آخر مكان رأينا فيه الغرض المستهدف.

اكتشف ستيفن بولتر وزملاؤه من جامعة "دورهام" في بريطانيا الخلايا الجديدة عن غير قصد. كانوا يعملون على تجربة تتطلب وضع العوائق (قناني نبيذ في هذه الحالة) في طريق الفئران، تزامناً مع مراقبة النشاط في أدمغتها، لا سيما في منطقة الحُصين المرتبطة بالذاكرة وتفسير الأماكن.

يوضح بولتر: "في مساء معيّن، حذفتُ قنينتَين وراقبتُ الاستجابة العصبية، فبقيت على حالها". افترض في البداية وجود خطأ في البرنامج، لكنه أدرك سريعاً أن مجموعة من الخلايا تبقى ناشطة طوال الوقت، وكأن قنينتَي النبيذ لا تزالان هناك.

ثم تأكد الباحثون، عبر تجارب أخرى على مر أربع سنوات، من أن الخلايا التي تتابع نشاطها تنتمي إلى نوع غير معروف من الخلايا العصبية.

يقول كولين ليفر، عضو في فريق البحث من جامعة "دورهام" أيضاً، إن الخلايا لا تستطيع تحديد الأغراض، لكنها تتحقق من المسافة الفاصلة بينها. بالتالي، تكون المعلومات التي تنتجها وتُخزّنها متشابهة، بغض النظر عن نوع الغرض المستهدف (كنبة، طاولة...).

كذلك، يبدو أن الخلايا لا تُميّز بين الأغراض والعوائق. تُنشّط قطعة القرميد التي يستطيع الفأر الزحف عليها الخلايا العصبية مثلما تفعل قنينة النبيذ التي يضطر الحيوان للالتفاف حولها. وحتى الخط المرسوم على الأرض يُنشّط تلك الخلايا بالطريقة نفسها.

باختصار، تنشط الخلايا حين نشاهد الغرض، وتبقى ناشطة عند إزالته.

يشتبه ليفر بأن تكون خلايا التعقب التوجيهية جزءاً من الدماغ البشري، وتثبت أدلة غير مباشرة أصلاً وجودها لدى البشر. إنها عناصر محورية لتحديد نظرتنا إلى أي غرفة أو مساحة بحسب رأيه.

تقع خلايا التعقب التوجيهية لدى الفئران في منطقة المرفد داخل الحُصين. إنها واحدة من أوائل المناطق الدماغية التي تتدهور لدى المصابين بمرض الزهايمر. قد تفسّر هذه المعلومة، برأي ليفر، ما يجعل نسيان مكان الأغراض من أول أعراض المرض.يقول أليستير سميث، من جامعة "بليموث" في بريطانيا، إن هذه النتائج تُبعدنا على ما يبدو عن نظامٍ يبلغنا بمكاننا في مساحة محددة وبموقع أغراض أخرى في المساحة نفسها.

أما نيل بورغيش من جامعة "كوليدج لندن"، فيعتبر اكتشاف تلك الخلايا إثباتاً لنظريات قديمة حول الذاكرة المكانية.


MISS 3