طوني فرنسيس

غياب النقابات وحضورها

19 تشرين الثاني 2019

02 : 00

لعبت نقابات عمالية ومهنية دوراً مهماً وأحياناً حاسماً في تحقيق التحولات السياسية التي شهدتها دول عربية.

في تونس كان الاتحاد العام للشغل (النقابات) صمَام الأمان في قيادة الانتقال من ديكتاتورية الرئيس بن علي الى نظام برلماني تعددي، وفي السودان تولت النقابات المهنية (محامون وأطباء ومهندسون) مهمة التفاوض مع الجيش إلى جانب أحزاب عريقة، من أجل العبور بالبلد من خراب البشير إلى احتمالات السلام والديمقراطية والتقدم.

لم تشهد ليبيا أو سوريا دوراً مماثلاً للنقابات، لسبب بسيط أن ما يسمى نقابات في هذين البلدين لم يكن سوى لجنة أو خلية حزبية تابعة للنظام القائم، وقد ورث لبنان عن السيطرة السورية البائدة نقابات عمالية تهتف باسم القائد الذي عينها. فانتهى الاتحاد العمالي العام الذي قاد عمال لبنان منذ 1946إلى كائن ديكوري أحفوري تابع للزعماء الطائفيين، وتحولت النقابات المهنية العريقة إلى مسرح تقاسم بين قوى السلطة، المستعدة لمهاجمة بعضها البعض بأحقر الأوصاف لكنها تلتقي على دعم عنصر "نقابي" يضبط تحول النقابة إلى عامل مؤثر في الحياة العامة.

في الانتفاضة اللبنانية الراهنة غابت النقابات بشكل مريع. فقط، نقابتا الأطباء والمحامين في الشمال كان لهما، ولا يزال، حضور في الساحات وفي تبني الدفاع عن المحتجين.

نتيجة هذا الواقع غير النقابي، جاء انتخاب ملحم خلف نقيباً للمحامين في بيروت خبراً ساراً للانتفاضة وفي سياقها.

فانتخابه هو نتيجة للتحولات الجارية في الجسد اللبناني، يفتح الأبواب أمام استعادة المواطنين لمؤسساتهم، وفي النهاية لدولتهم.


MISS 3