حصيلة القتلى في صفوف المتظاهرين تلامس الـ200

"حمّام دم" في إيران... وخامنئي يتحدث عن "هزيمة العدو"

02 : 00

من الواضح أن النظام في إيران لا تعنيه أنهر دماء الإيرانيين التي تسيل بغزارة في "ساحات الثورة" وهم يُطالبون بحرّياتهم ولقمة عيشهم، مع ملامسة حصيلة القتلى المئتين، هذا فضلاً عن آلاف الجرحى والمعتقلين، لا بل أنّه من البديهي أن تُواجه السلطات المعنيّة في طهران الانتفاضة الشعبيّة المتفجّرة في وجه نظام الملالي، بالحديد والنار، خوفاً على مصيرها، إذ إن الجمهوريّة الإسلاميّة باتت تعيش في الوقت الراهن، بحسب متابعين للملف الإيراني، أكبر تهديد وجودي منذ الحرب الضروس التي خاضتها مع العراق في ثمانينات القرن الماضي.

وفي سياق إنكار المسؤولين الإيرانيين لحجم الحراك الشعبي المطالب بأبسط حقوقه، اعتبر المرشد الأعلى علي خامنئي أن المواجهات الأخيرة في إيران كانت "مسألة أمنيّة" وليست احتجاجات شعبيّة، مؤكّداً "هزيمة العدو". وقال إنّ "على الأصدقاء والأعداء أن يعرفوا أنّنا تصدّينا للعدو في ساحة الحرب العسكريّة والسياسيّة والأمنيّة"، مضيفاً: "لقد أرغمنا العدو على التراجع وسنهزمه بشكل حاسم على صعيد الحرب الاقتصاديّة"، في حين أفادت "منظّمة العفو الدوليّة" بأنّ تقارير موثوقة تُشير إلى مقتل أكثر من 106 متظاهرين في 21 مدينة، لافتةً إلى أن "حصيلة القتلى الحقيقيّة ربّما تكون أعلى من ذلك بكثير، إذ تُشير بعض التقارير إلى مقتل نحو 200 متظاهر"، علماً أن عدّاد القتلى يتزايد كلّ ساعة مع تواصل التظاهرات والمواجهات في أنحاء إيران كافة.

وإذ أعربت المفوضيّة السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتّحدة بدورها عن "القلق" إزاء تقارير تُفيد عن مقتل العشرات خلال التظاهرات، عبّرت عن قلقها أيضاً إزاء تقارير تُفيد عن استخدام الذخيرة الحيّة ضدّ المتظاهرين، تسبّبت بـ"عدد كبير من الوفيات في أنحاء البلاد". وحضّت السلطات الإيرانيّة وقوّات الأمن على تجنّب استخدام القوّة لفضّ التجمّعات السلميّة. كما دعت المتظاهرين إلى التظاهر بشكل سلمي "من دون اللجوء إلى عنف جسدي أو تدمير ممتلكات"، في وقت ذكرت وكالتا "إسنا" و"فارس" الإيرانيّتان أن ثلاثة عناصر، أحدهم من "الحرس الثوري" والآخران من قوّات "الباسيج"، قُتِلوا "بالسلاح الأبيض"، بعد نصب كمين لهم ليل الإثنين - الثلثاء في محافظة طهران. كما بثّ التلفزيون الرسمي مشاهد جديدة للاحتجاجات من مدينة أنديمشك في جنوب غربي البلاد، وأظهرت المقاطع رجلاً يحمل رشاشاً ويُطلق النار منه، فيما كان عشرات الشبّان يرمون الحجارة.

وفرضت الجمهوريّة الإسلاميّة قيوداً صارمة على شبكة الإنترنت غداة اندلاع التظاهرات، لعزل الإيرانيين عن العالم الخارجي. وأعلنت الحكومة الإيرانيّة بالأمس أنّها ستُعيد الإنترنت فقط عندما تتأكّد من "عدم إساءة استخدام الشبكة" خلال الاحتجاجات الشعبيّة. وذكر موقع "نيتبلوكس"، الذي يُراقب حركة الإنترنت حول العالم، أن "الإيرانيين منقطعون عن العالم".

توازياً، طلب المتحدّث باسم السلطات القضائيّة غلام حسين اسماعيلي من الشعب إبلاغ قوّات الأمن والسلطات القضائيّة عن "المحرّضين والمخرّبين ومن ارتكبوا جرائم". وتحدّث اسماعيلي، من دون أن يُعطي عدداً محدّداً، عن توقيف أشخاص قاموا بحرق مساجد ومصارف، كما عن توقيف "أفراد زوّدوا وسائل إعلام أجنبيّة وأعداء للجمهوريّة الإسلاميّة بمقاطع فيديو ومعلومات"، فيما حذّر الجيش الإيراني من أنّه سيقف بقوّة في وجه أيّ اعتداء من أجل الحفاظ على النظام في إيران. وتحدّث عن "ضرورة يقظة المواطنين للمؤامرات التي يُخطّط لها الأعداء، والتحلّي بالوعي ورفع الجهوزيّة لمواجهة أيّ مؤامرة تُهدّد أمن حدود الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة".

على صعيد آخر، حذّرت وزارة الدفاع الأميركيّة من مواصلة النظام الإيراني تسلّحه الاستراتيجي عبر تطوير برامج صاروخيّة تصبّ لصالح حيازة أسلحة كيماويّة ونوويّة في السنوات القليلة المقبلة، وذلك بعدما أعلنت واشنطن أنّها ستوقف العمل بالإعفاءات من العقوبات المتعلّقة بمنشأة "فوردو" النوويّة الإيرانيّة، لتضع بذلك حدّاً لمكوّن رئيسي من الاتفاق النووي، بعد إعلان طهران استئناف أنشطة تخصيب اليورانيوم، فيما أبلغ الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الكونغرس، بأنّ الولايات المتّحدة سترفع عدد قوّاتها في السعوديّة إلى 3 آلاف عسكري خلال الأسابيع المقبلة، بهدف "حماية المصالح الأميركيّة وتعزيز قدرات الدفاع في المنطقة من أيّ أعمال عدوانيّة من قبل إيران أو عملائها".


MISS 3