بالرغم من وعود السلطة بإصلاحات

الثوّار العراقيّون يملأون الساحات

10 : 58

الثوّار يرسمون غداً أفضل لأولادهم (أ ف ب)

لم يأبه العراقيّون لوعود سلطتهم بإصلاحات سياسيّة، ولا بطرحها تعديلاً وزاريّاً، أو حتّى عرضها مهلةً زمنيّة لتحقيق مطالبهم، بل عادوا لافتراش الساحات، مصرّين على استكمال "ثورتهم" حتّى تحقيق مطلبهم الكامل بإسقاط النظام "الفاسد والمرتهن للخارج". ولعلّ "حكمة" السبعيني أبو حيدر، تختصر المشهد كاملاً: "الشباب لا يؤمنون لا بتعديل، ولا بإصلاحات، ولا بزيادة رواتب. يؤمنون بشيء واحد: إلغاء الحكومة، والبرلمان، والدستور".المشهد هو هو منذ مطلع تشرين الأوّل: مئات آلاف العراقيين من الأعمار كافة، ينتفضون في بغداد ومدن الجنوب، ضدّ الطبقة السياسية "الفاشلة" في إدارة بلد غني بالنفط، لكنّ شعبه يغرق بالفقر والبطالة. وما تواصُل الاحتجاجات التي سبقت جلسة البرلمان أمس، سوى دليل على عدم اكتراث المتظاهرين بنتائجها سلفاً، إذ إنّ "الثقة بين السياسيين والشعب فُقدت، وحتّى لو ملّكوا كلّ عراقي قصراً من ذهب، لن يُفيدهم ذلك"، قالت إحدى النساء المشاركات في الاحتجاجات، مضيفةً أن "الإصلاحات لهم وليست لنا". وعمّت التظاهرات أمس "ساحة التحرير"، التي تُشكّل نقطة الثقل الأساسيّة للثورة، فيما شهدت مناطق عدّة في جنوب البلاد احتجاجات متواصلة، حيث أغلقت دوائر حكوميّة ومدارس في مدن الكوت والنجف والديوانيّة والناصريّة والحلة وكربلاء. وفي محافظة البصرة الغنيّة بالنفط، قطع متظاهرون الطرق المؤدية إلى حقول للنفط وموانئ البلاد، بحرق إطارات سيّارات لمنع وصول العاملين إلى تلك المواقع. وأغلق المحتجّون مجدّداً مدخل ميناء أم قصر، وهو الميناء الرئيس للعراق على الخليج، ما أدّى إلى تراجع العمليّات بنسبة 50 في المئة. وأتى تواصل الاحتجاجات غداة اجتماع للكتل السياسية التي تُمثّل أطرافاً رئيسة في الحكومة، صدرت في ختامه اقتراحات لخطوات إصلاحيّة حتى نهاية العام الحالي. وضمّ الاجتماع الرئيس العراقي برهم صالح، رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، وقادة كتل سياسيّة بينهم رئيسا الوزراء السابقان حيدر العبادي ونوري المالكي، وقادة في قوات "الحشد الشعبي"، المواليــة لإيران، لكن بغياب رئيس الحكومة الحالي عادل عـبـد المـهـدي.وأمهل المجتمعون الحكومة 45 يوماً تنتهي بنهاية العام 2019، لتنفيذ الإصلاحات التي وعدت بها "وفي حال عجزت عن ذلك سيتمّ سحب الثقة عنها"، وتعديل قانون الانتخابات الحالي "بشكل عادل لتوفير فرص متكافئة لفوز المرشحين المستقلّين". كما أمهلوا مجلس النوّاب المدّة الزمنية نفسها "لإقرار القوانين التي طالب بها المتظاهرون"، وإلّا سيدعون إلى انتخابات تشريعيّة مبكرة. لكنّ الواضح أن هذه الاقتراحات لم تلقَ صدى لدى المتظاهرين، الذين سَئِموا الوعود المتكرّرة من سلطة يحكمها "سياسيّون يتكرّرون منذ 16 سنة"، وفق ما عبّر طالب الماجستير حيدر كاظم (25 سنة) من "ساحة التحرير"، قائلاً إنّ "قانون الانتخاب يتعدّل والأشكال نفسها تعود. يلعبون بنا شطرنج، يُحرّكون القطع يميناً ويساراً".

تزامناً، عقد البرلمان العراقي أمس جلسة كان على جدول أعمالها مسودة قانون انتخابي جديد، وتمّ التصويت خلالها على اقتراح قانون إلغاء الامتيازات الماليّة للمسؤولين في الدولة. وشارك فيها رئيس الوزراء المأزوم عادل عبد المهدي، الذي قال الناطق باسمه إنّه سيُقدّم خلالها تعديلات وزاريّة إصلاحيّة تشمل لائحة بعدد من الوزراء، حتّى يشغلوا حقائب مرتبطة بالخدمات والاقتصاد، بما يستجيب لمطالب المتظاهرين ويخمد نيران الاحتجاجات الأكبر منذ سقوط نظام صدام حسين العام 2003.


MISS 3