جاد حداد

"تسوّق وفق حمضك النووي"... متجرٌ ثوريّ بريطاني لتحسين خياراتك الغذائية

21 تشرين الثاني 2019

11 : 06

يُعرَض شعـار "تسوّق وفق حمضك النووي" فوق رؤوس العملاء في متجر ملفت للنظر في وسط لندن. تصطف على أحد الجدران صفوف من المقصورات متعددة الألوان وفيها أجهزة تشبه آلة الطباعة لاختبار الحمض النووي.

هذا هو متجر DNANudge الذي فتح أبوابه في لندن الأسبوع الماضي ويزعم أنه يساعد الناس على تحسين خياراتهم الغذائية أثناء التسوق بناءً على جيناتهم وعوامل مرتبطة بأسلوب حياتهم، مثل النشاط الجسدي، مع أن فعالية الحميات الشخصية التي ترتكز على الاختبار الجيني ليست مثبتة بعد.

تخضع ضمادات عليها عينات من الحمض النووي للتحليل في المتجر. يفرك العملاء عوداً قطنياً في الجهة الداخلية من خدّهم، ثم توضع العينة في جهاز صغير لتحليلها. تتطلب العملية حوالى ساعة من الوقت وتختبر الجينات المرتبطة بتفكيك الكافيين وقابلية الإصابة بارتفاع ضغط الدم والكولسترول والنوع الثاني من السكري.

ثم تتحوّل تلك المعلومات إلى مواصفات شخصية توصي بالكمية القصــــوى من مختلف المكونات الغذائية، بما في ذلك الملح والدهون والسكر. مقابل 80 جنيهاً استرلينياً، يستطيع العمـــلاء شراء سوار للمعصم لمسـح الرمز الشريطـي على حزم الســوبرماركت. يومض السوار باللــــــون الأحمـر أو الأخضر للدلالة على درجة "تطـــــابق" الغذاء مع مواصفات الشخص الغذائية.

إذا كان الفرد معرّضاً مثلاً لارتفاع ضغط الدم، قد يومض السوار باللون الأحمر للإشارة إلى خيار غني بالملح. ثم يقترح تطبيقاً متّصلاً به على هاتف ذكي بدائل عن ذلك الخيار من الفئة الغذائية نفسها. يملك متجر DNANudge قاعدة بيانات تشمل موادّ موجودة في معظم المتاجر الكبرى البريطانية لتسهيـــل هذه العملية.

عند اختبار سوار مماثل على نوع من حبوب الفطور، أومض باللون الأخضر واقترح رقائق Weetabix الصحية بالشوكولا. من الغريب أن يبلغنا جهاز تقني بسيط بما يجب أن نأكله ومـا يجب أن نتجنبه.

يقول المدير التنفيذي للمتجر، كريس تومازو: "أفضل حمية هي تلك التي لا تعرف أنك تطبّقها. سرعان ما يتخذ الأكل المفرط والمتهور منحىً صحياً". لكن هل يؤثر الحمض النووي على الحمية فعلاً؟

أشرفت نيتا فروحي من جامعة "كامبريدج" على دراسة شارك فيها 21900 شخص في العام 2018. فتبيّن أن الرابط بين الحمية الغذائية والإصابة بالنوع الثاني من السكري لا يتأثر بعوامل الخطر الوراثية المرتبطة بهذا المرض أو بمقاومة الأنسولين أو ارتفاع مؤشر كتلة الجسم. بعبارة أخرى، تكون التوصيات الغذائية نفسها مناسبة للمصابين بالنوع الثاني من السكري، بغض النظر عن اختلاف درجة الاستعداد الوراثي للمرض. لكن حتى الآن، تَقِلّ الأبحاث التي تثبت أن الحمية المبنية على المعطيات الجينية تعطي أي منافع بارزة.

أجرى كريستوفر غاردنر وزملاؤه من جامعة "ستانفورد" في كاليفورنيا دراسة أخرى حول فقدان الوزن طوال سنة، ولم يرصدوا أي اختلافات واضحة بين الحمية الصحية وقليلة الدسم والحمية قليلة الكربوهيدرات، حتى عندما تبنى الأفراد حمية تناسب قابليتهم الوراثية.

توضح فروحي: "الحذر واجب حين تكون الاختبارات الجينية سلبية. لا تعني هذه النتيجة أن يأكل الناس الكميات التي يريدونها من الأغذية المفضلة لديهم". وذكرت دراسات أخرى أن التغذية الشخصية قد تصبح أكثر فعالية حين ترتكز على خصائص مثل الجنس والعمر ومستوى البدانة والانتماء العرقي.

يعترف المسؤولون في متجر DNANudge بأن الحمض النووي ليس العامل المؤثر الوحيد، بل يبقى سوار المعصم مجرد جهاز لتعقب النشاطات، فيومض باللون الأصفر حين يبقى الشخص بلا حركة لفترة طويلة. لا يحبذ تومازو من جهته أي ابتكار يرتكز على الحمض النووي وحده.

يقول متحدث باسم "مؤسسة التغذية البريطانية" المعنية بالعلوم الغذائية: "نحتاج إلى أدلة أقوى لإثبات فعالية التغذية الشخصية ومنافعها الإضافية، بما يتجاوز المقاربات الغذائية التقليدية، كتلك التي تُركّز على زيادة استهلاك الفاكهة والخضار أو تخفيف الأغذية الغنية بالسكريات".

في ما يخص الخصوصية الجينية، لا يجمع DNANudge البيانات الوراثية للأفراد، بل يكتفي بتخزين نسخة مشفّرة من العوامل الغذائية الموصى بــها لكل شخص.

كذلك، يتم تسجيل المواد الغذائية التي يمسحها العملاء من دون الكشف عن هويتهم. يستطيع المتجر بهذه الطريقة أن يطلب من شركات التصنيع وتجار التجزئة التوقف عن بيع المنتجات الخاضعة للمسح إذا كانت لا تناسب جماعات واسعة من الناس. قد يشكّل هذا الابتــــكار أيضاً مصدر معلومات قيّمة حول خيارات التسوق اليومية. يتابع DNANudge التعاون مع سلسلة المتاجر الكبرى Waitrose في بريطانيا لتحليل أثر التكنولوجيا على العملاء في مرحلـــــــة ما قبل السكري.


MISS 3