جورج الهاني

"السلة" اللبنانية تتخطى الصعوبات وتحجز مكانها بين عمالقة القارّة الآسيوية

26 تموز 2022

02 : 01

منتخب لبنان لكرة السلة

لم تكن الأيام التي عاشها اللبنانيون في الأسبوعَين الأخيرَين تشبه ما قبلها، فمنتخب لبنان لكرة السلة للرجال الذي توّج بفضيّة بطولة كأس آسيا التي إختتمت أول من أمس الأحد في إندونيسيا، بدّد أجواء اليأس والكآبة التي تحيط بأبناء هذا البلد الذين يعيشون أسوأ أزمة إقتصادية ومالية وإجتماعية، وزرع في نفوسهم بعضاً من الأمل بمستقبل أفضل وأجمل لهم ولأبنائهم.




عرقجي ضمن التشكيلة المثالية


قلّة من المراقبين والمحلّلين الرياضيين توقّعت وصول لبنان الى نهائي البطولة، لا سيما أنّ منتخبات قوية وعريقة في اللعبة تفوق لبنان تصنيفاً على المستويَين القارّي والدوليّ شاركت في هذا الإستحقاق الكبير بعدما وُضعت في تصرّفها كلّ الإمكانات وتوفّر لها الدعمان الماليّ والمعنويّ، فيما شارك اللاعبون اللبنانيون في ظلّ ظروف إستثنائية صعبة، وكان من المتوقّع أن تؤثر سلباً بشكل أو بآخر على نفسياتهم وأدائهم ومعنوياتهم، إلا أنّ الأبطال خالفوا كلّ التوقّعات وكادوا يفجّرون المفاجأة الأبرز ويصعدون الى أعلى منصّة التتويج لولا تعثّرهم في المباراة النهائية بفارق سلّة واحدة فقط أمام منتخب أستراليا المدجّج بالنجوم والمصنف الأول آسيوياً والثالث على مستوى العالم. من غير العدل – بل من الظلم القول – إنّ لاعباً واحداً له الفضل في الإنجاز المهمّ الذي تحقق في إندونيسيا، وعلى رغم أنّ النجم وائل عرقجي قدّم أداءً خارقاً لا مثيل له وسرق الأضواء من باقي اللاعبين اللبنانيين والآخرين من المنتخبات المنافسة، إلا أنّ يداً واحدة في النهاية لا تصفّق، وبالتالي فإنّ جميع لاعبي وطن الأرز الذين شاركوا كأساسيين أو دخلوا من مقاعد الإحتياطيين هم شركاء حقيقيون في هذا الإنجاز، ويستحقون لقب الأبطال عن جدارة.



وائل عرقجي



عرقجي: مستوى ثابت

وإذا أردنا إلقاء الضوء على أداء اللاعبين اللبنانيين في بطولة آسيا، نجد أن عرقجي قدّم مستوى عالياً وثابتاً طوال أدوارها الأولى والنهائية، وكان المنقذ الفعليّ في كلّ مباراة، حيث كان يسجّل بأعصاب باردة وثقة عالية بالنفس من أصعب المراكز وفي أدقّ اللحظات فيمنح الفوز لوطنه والفرحة لأبنائه، وقادته عروضه القوية لاختياره أفضل لاعب في كأس آسيا على رغم وجود أسماء كبيرة منافِسة من منتخبات أستراليا ونيوزيلندا والصين والأردن وغيرها، ليصبح بذلك أول لاعب عربيّ يحرز هذه الجائزة منذ انطلاقها.



بروفايل عرقجي

* ولد في 4 أيلول 1994

* بدأ مزاولة اللعبة في أكاديمية «هارلم» التي كان يشرف عليها اللاعب الدولي نزيه بوجي تحت قيادة المدرب المعروف أحمد فران حتى سنّ الـ15، ثمّ انتقلا معاً الى النادي الرياضي بيروت حيث تدرّج من فريق الشباب الى الفريق الاول، ولم يكن يتجاوز الـ17 عاماً.

* إستمرّ مع فريق «القلعة الصفراء» لسبع سنوات متتالية، وحصد معه أربعة ألقاب محلية كان آخرها في العام 2019، إضافة الى لقب بطولة الأندية الآسيوية 2017.

* انتقل هذا الموسم الى فريق «بيروت فيرست» وساهم في إحرازه لقب بطولة لبنان 2021-2022 للمرّة الأولى في تاريخه.

* تدرّج في صفوف المنتخبات الوطنية حتى وصل الى المنتخب الاول، ومعه نال الشهرة الواسعة من خلال أدائه الرائع وألعابه المميّزة، وحظي بشرف قيادة منتخب الأرز في كأس آسيا الاخيرة.

* إحترف أربع مرات خارج لبنان، بدأها عام 2018 في الدوري الصيني مع فريق بايجينغ لفترة شهر، ثم انضمّ بعد سنة الى فريق الشمال القطري ولعب معه في الدور نصف النهائي وساهم في إيصاله الى الدور النهائي.

* إنتقل عام 2021 الى الدوري التونسيّ وتحديداً الى فريق المنستيري وفاز معه بلقب الدوريّ، كما دافع عن ألوانه في مسابقة دوريّ أبطال افريقيا.

ثمّ لعب هذا الموسم مع نادي الجهراء الكويتي من دون نيل أيّ لقب رسميّ.

* تـوّج أول من أمس بجائزة أفضل لاعب في كأس آسيا وأفضل لاعب في مركزه، كما اختير ضمن التشكيلة المثالية للبطولة.



حيدر: تصاعدٌ تدريجيّ

بعد غيابه عن الدور الأول من البطولة لأسباب خاصة، إلتحقَ لاعب الارتكاز علي حيدر بزملائه في المنتخب اللبناني (المصنف 54 عالمياً و9 قارياً) إبتداءً من الدور ربع النهائي، لكنّ أداءه كان تصاعدياً، بحيث كان بعيداً عن مستواه المعهود في المواجهة ضدّ الصين، قبل أن تتحسّن عروضه تدريجياً فساهم بشكل فعال في الفوز على الأردن في الدور نصف النهائي، وبذل جهداً كبيراً في المباراة النهائية لا سيما من الناحية الهجومية مسجلاً 23 نقطة، لكنّ البعض يأخذ عليه تسرّعه في تسديد الكرة من دون تركيز من مسافة بعيدة في ختام المباراة أمام أستراليا، علماً أنه كان يتبقى ثانيتان من زمن اللقاء وكان بالتالي يستطيع الإقتراب من السلة الأسترالية أكثر أو تمريرها لأحد زملائه الماهرين في الرميات الثلاثية.

آرليدج: "البلوك شوت" ضدّ الصين يكفي

قدم اللاعب الأميركي المجنّس جوناثان آرليدج مستوىً متذبذباً خلال مراحل البطولة، فكانت أرقامه تتصاعد وتتراجع بين مباراة وأخرى، فيما كان مقلقاً أداؤه في المباراة النهائية، إذ شارك في 11 دقيقة لم يحرز خلالها أيّ نقطة أو أي ريباوند ولا حتى تمريرة حاسمة واحدة، لكن في المقابل يكفيه ما فعله في المباراة الصعبة أمام الصين حين قطع "طائراً" رمية ثلاثية كانت متوجّهة الى السلة اللبنانية في الثانية الأخيرة تماماً، ما حرم الصينيين فرصة خوض وقت إضافيّ والفوز باللقاء ربّما. وفور انتهاء البطولة بدأت تعلو أصواتٌ من هنا وهناك تطالب باستبداله بمجنّس آخر بمواصفات فنية أعلى قبل حلول موعد التصفيات الآسيوية النهائية المؤهلة لبطولة العالم 2023.

درويش وشمعون: ثنائي مميّز

قام سيرجيو درويش وإيلي شمعون بواجبهما كاملاً، قد يكونان قد قصّرا في بعض المهام التي أوكلت إليهما، لكنّهما كانا دائماً حاضرَين لتنفيذ تعليمات المدرّب القدير جاد الحاج، وغالباً ما كانت رمياتهما الثلاثية الموفّقة تبعث الأمل والحماس في نفوس زملائهما وتشجّعهم على بذل المزيد من الجهد لحسم النتيجة وإكمال المسيرة القارّية الناجحة.

كيوكجيان وخياط

ربّما كانت الآمال المعقودة على هايك كيوكجيان ويوسف خياط أكبر مما قدّمه اللاعبان في البطولة، إلا أنّ الجميع يتفق أنّ هاتين الخامتَين هما ضرورة لمنتخب لبنان، خصوصاً أن إستحقاقات كثيرة داهمة تنتظره، والمدرّب الحاج بحاجة ماسة الى خدماتهما وموهبتيهما الكبيرتين.

وليد دمياطي



دمياطي: لهذه الأسباب نجحنا

قائد منتخب لبنان وفريق الرياضي بيروت السابق وليد دمياطي إعتبر لصحيفتنا أنّ ما حققه منتخب الأرز في إندونيسيا هو إنجاز فريد وجديد لكرة السلة اللبنانية، حيث قارع افضل المنتخبات الآسيوية ونجح في تخطي الصين ونيوزيلندا والاردن بجدارة ليواجه ثالث التصنيف العالمي أستراليا ويسقط أمامها بصعوبة بالغة بفارق نقطتين.

أضاف: «لاعبونا نجحوا في مهامهم بامتياز بفضل الروح القتالية العالية والثقة الكبيرة بالنفس والحماس المطلوب، وقد بذلوا كلّ نقطة عرق على أرض الملعب، من دون أن ننسى ما قدّمه المدرب الشاب جاد الحاج الذي تُرفع له القبعة فعلاً، إذ عرف كيف يتعامل مع كلّ مباراة بهدوء أعصاب ورويّة وحكمة على رغم مواجهته منتخبات تحضّرت فنياً ونفسياً لهذا الاستحقاق»، معتبراً أنّ النتيجة التي تحققت هي بحدّ ذاتها انتصارٌ مدوٍّ نظراً للظروف المأسوية والاوضاع الصعبة التي تمرّ بها البلاد من مختلف الجوانب، مبدياً تفاؤله باستمرار الإنجازات مستقبلاً.

وتابع دمياطي: «لا بدّ أن أثني على أداء المجنّس جوناثان آرليدج الذي قدّم كلّ ما عنده من إمكانيات فنية، لكن اتمنى في المستقبل القريب ان يتمّ البحث عن لاعب بديل بمستوى رفيع لتجنيسه لكي يتناسب مع حاجات وتطلعات لاعبينا الذين هم بأمسّ الحاجة الى لاعب ارتكاز صريح، لا سيما أننا على أبواب التأهل للمرة الرابعة الى نهائيات كأس العالم 2023».




جاسم قانصو


قانصوه: تحيّة للمدرّب الحاج

من جهته، أشار رئيس نادي هوبس جاسم قانصوه لصحيفتنا الى أنّ لاعبي منتخب الأرز تميّزوا بالروح القتالية العالية، فاستطاعوا مقارعة أفضل المنتخبات الآسيوية نتيجة التعاون والتجانس في ما بينهم، ناهيك عن أنّ الخطط التي وضعها المدرب جاد الحاج ضمن استراتيجية دفاعية بحت مع كلّ مباراة أعطت ثمارها.

وتابع: «اللافت أنّ اللاعبين أحسنوا تطبيق الخطط الدفاعية بحذافيرها، وربما للمرة الاولى نجد 12 لاعباً يلعبون «على الموجة ذاتها» فنياً ومعنوياً وذهنياً، وقد شكّلوا مجموعة متناسقة عرفت من أين تؤكل الكتف». وأردف: «على العموم هذه المجموعة الشابة تبشر بالخير في المستقبل، مع التذكير بأنّ بعضهم تدرّج في نادي هوبس ومنهم من عرف الشهرة في صفوفه وآخرهم علي منصور الذي انتقل الى النادي الرياضي وتألق بشكل لافت هذا الموسم».

وواصل: «أحيّي لاعبينا فرداً فرداً من دون أن ننسى المدرّب الحاج فشهادتي به مجروحة، كونه انطلق من نادي هوبس واستلم الفئات العمرية وفرق السيدات والرجال ونجح بالعلامة الكاملة معهم، وهو مدرب محترف يعرف ما يريد، وعمل على تطوير نفسه من خلال المتابعة اليومية لكلّ شاردة وواردة، كما أريد ان أثمّن دور إتحاد اللعبة الذي وضع ثقته الكاملة بالمدرب الحاج على رغم صغر سنه ونجحَ رهانه عليه، لأننا بصراحة لم نكن نتوقع ان نحقق هذه النتائج التي جعلت اللبنانيين يلتفون حول منتخبنا وينتظرون بفارغ الصبر انطلاق المباريات لتشجيعه ومؤازرته كونه المتنفس الوحيد لهم في هذه المرحلة الصعبة».

MISS 3