الأسبرين والستاتين بعد الخامسة والسبعين... هل هي آمنة؟

10 : 47

الأسبرين والستاتين أدوية شائعة وغير مكلفة لتجنب اثنَين من أهم أسباب النوبات القلبية: الجلطات الدموية، والصفائح المليئة بالكولسترول التي تسدّ شرايين القلب. في السنوات الأخيرة، ساعدت الدراسات الخبراء على تعديل توصياتهم حول الفئة التي تستفيد من أخذ هذه الأدوية وتلك التي يجب أن تمتنع عن أخذها.

لكن يصعب في المقابل طرح توصيات مثبتة للناس في منتصف عمر السبعينات وما فوق. تاريخياً، شملت معظم التجارب الدوائية عدداً صغيراً من المشاركين فوق عمر الخامسة والسبعين، نظراً إلى تراجع أعداد الناس في هذه الفئة العمرية. كذلك، يميل كبار السن إلى الإصابة بمشاكل صحية مزمنة أخرى. لذا قد يصبحون أكثر عرضة لآثار الأدوية الجانبية، وهذا ما يفسّر تردد الأطباء في إشراكهم في التجارب العيادية. في المتوسط، يأخذ الناس في عمر الخامسة والستين وما فوق خمسة أدوية طبية يومياً، وتميل أعداد الأدوية المأخوذة إلى التزايد مع التقدم في السن. يقول كريستوفر كانون، أستاذ طب في جامعة "هارفارد": "غالباً ما يقلق الأطباء الذين يعتنون بكبار السن من هذه النزعة إلى الإفراط في أخذ الأدوية". وبما أن الأسبرين بجرعة منخفضة لا يتطلب وصفة طبية ويصفه الأطباء على نطاق واسع منذ عقود، يكون جزءاً من معظم العلاجات الدوائية اليومية. وفق استطلاع من العام 2017، يأخذ حوالى نصف الراشدين غير المصابين بأمراض القلب، في عمر السبعين وما فوق، الأسبرين يومياً.

الأسبرين: بين الإيجابيات والسلبيات


إذا تعرضتَ لنوبة قلبية أو جلطة دماغية بسبب تخثر الدم، تسمح لك جرعة منخفضة يومية من الأسبرين (81 ملغ) بمنع تجدد المشكلة. تتفوق المنافع على مخاطر النزيف بسبب الأسبرين والاضطرابات المحتملة التي تتراوح بين مشاكل خفيفة مثل ظهور الكدمات، ومضاعفات نادرة مثل حصول نزيف في الدماغ أو الجهاز الهضمي. لكن إذا لم تُصَب سابقاً بنوبة قلبية أو جلطة دماغية، قد لا تتفوق منافع الدواء على مخاطر النزيف. في ما يخص كبار السن، تصبح الحسابات أكثر تعقيداً.

يوضح كانون: "مع التقدم في السن، تصبح الأوعية الدموية تدريجاً أكثر هشاشة، وبالتالي أكثر عرضة للتسرّب. كذلك، يكون الناس في هذا العمر أكثر عرضة لحوادث السقوط والنزيف". في وقتٍ سابق من هذه السنة، أصدرت "جمعية القلب الأميركية" و"الكلية الأميركية لأمراض القلب" توجيهات مستحدثة لا تحبّذ أخذ الأسبرين بشكلٍ متواصل بعد عمر السبعين. لكن ترتفع مخاطر النوبات القلبية مع التقدم في السن، لذا تبقى الجرعة المنخفضة اليومية من الأسبرين مبررة لدى أكثر الأشخاص عرضة للخطر. في مطلق الأحوال، يجب أن يستشير جميع الراشدين، بغض النظر عن عمرهم، الطبيب قبل بدء علاج الأسبرين أو التوقف عن أخذه.

ماذا عن الستاتين؟

توصي توجيهات "جمعية القلب الأميركية" و"الكلية الأميركية لأمراض القلب" راهناً بأن يأخذ المصابون بأمراض القلب أو المعرّضون لها أدوية الستاتين. يُخفّض هذا العلاج مخاطر النوبات القلبية أو أي مشاكل خطيرة أخرى في القلب والأوعية الدموية بنسبة تتراوح بين 25 و40%. لكن على غرار الأسبرين، تبقى الأدلة التي تدعم استعمال الستاتين بعد عمر الخامسة والسبعين لدى غير المصابين بأمراض القلب محدودة.

مع ذلك، تذكر دراسة واردة في "مجلة القلب الأوروبية" في 30 تموز الماضي أن وقف أدوية الستاتين في عمر السبعينات قد لا يكون محبذاً. اتكل الباحثون على سجلات صحية لأكثر من 120 ألف شخص في عمر الخامسة والسبعين وما فوق. لم يكن المشاركون مصابين بأمراض في القلب وكانوا يأخذون الستاتين منذ سنتين على الأقل. خلال سنتين ونصف تقريباً، زاد احتمال دخول المستشفى بسبب نوبة قلبية أو جلطة دماغية بنسبة 33% لدى من أوقفوا أخذ الستاتين، مقارنةً بمن تابعوا العلاج.

غالباً ما يتردد الناس في أخذ الستاتين خوفاً من آثاره الجانبية، لا سيما الأوجاع العضلية. صحيح أن الأعراض العضلية تنشأ في 5 إلى 15% من الحالات تزامناً مع أخذ الستاتين، لكن تتلاشى هذه المشكلة عموماً عبر تخفيض جرعة الدواء أو الانتقال إلى نوع مختلف منه. بشكل عام، تتراجع مضاعفات الستاتين وتَقِلّ خطورتها مقارنةً بالأسبرين، ومع ذلك يقلق الناس من الستاتين بدرجة إضافية. لتجنب النوبات القلبية، يبقى أخذ الستاتين أكثر أماناً وفاعلية من أخذ الأسبرين.

يستطيع غير المصابين بأمراض القلب أن يحتسبوا خطر إصابتهم بنوبات قلبية خلال فترة عشر سنوات ويتلقوا التوصيات اللازمة عبر آلة حاسبة من ابتكار "جمعية القلب الأميركية" و"الكلية الأميركية لأمراض القلب". حتى لو كان ضغط الدم ومستوى الكولسترول ضمن النطاق الطبيعي، توصي تلك الآلة بأخذ الستاتين لكل من يتراوح عمره بين 75 و79 عاماً لأن مخاطر أمراض القلب مرتبطة بالسن. لكن يستطيع طبيبك أن يساعدك على اتخاذ قرارك. للوقاية من أمراض القلب، يجب أن تُحسّن في المقام الأول خياراتك المرتبطة بأسلوب حياتك، بدءاً من تبنّي حمية غذائية صحية وممارسة الرياضة بانتظام.


MISS 3