جاد حداد

نصائح مفيدة حول أخذ الأسبرين يومياً

14 آب 2021

02 : 00

في أواخر الثمانينات، بدأ عدد كبير من الراشدين في منتصف العمر يأخذ الأسبرين بشكلٍ منتظم بعد صدور نتائج دراسة شهيرة أجرتها جامعة "هارفارد". يسهم الأسبرين في تجنّب الجلطات الدموية التي تعيق تدفق الدم وقد تُسبب نوبات قلبية أو جلطات دماغية. لكنّ هذا الأثر الوقائي على مستوى القلب والأوعية الدموية قد يترافق مع ثمن معيّن: زيادة مخاطر النزيف.

يقول الدكتور كريستوفر كانون، طبيب قلب في مستشفى "بريغهام" للنساء وأستاذ طب في جامعة "هارفارد": "لا بد من تقييم منافع أخذ جرعة منخفضة من الأسبرين يومياً ومخاطر النزيف". خلال العقود الثلاثة الماضية، زادت معلومات الباحثين حول منافع الأسبرين ومخاطره لدى مجموعة واسعة من الناس، بما في ذلك المصابين بمشاكل صحية معينة وكبار السن.

أسباب شيوع الأسبرين

في بداية الثمانينات، شارك أكثر من 22 ألف طبيب في "دراسة صحة الأطباء" التي عادت واكتسبت شهرة واسعة. لم يكن المشاركون مصابين بأمراض القلب ولم يصابوا سابقاً بجلطات دماغية. طوال خمس سنوات، أخذ المتطوعون 325 ملغ من الأسبرين أو دواءً وهمياً كل يومين. خلال هذه المدة كلها، تراجعت النوبات القلبية لدى مستهلكي الأسبرين بنسبة 44% مقارنةً بمن أخذوا الدواء الوهمي.

لكن برزت مجموعة من السلبيات، منها زيادة حالات القرحة النزفية وارتفاع خطر النزيف بدرجة بسيطة في الدماغ لدى مستهلكي الأسبرين. ثم كشفت الدراسات اللاحقة أن جرعة منخفضة من الأسبرين (81 ملغ) قد تُسبب النزيف أيضاً في الجهاز الهضمي، وتحديداً بعد عمر الخامسة والستين. مقارنةً بالجلطات الإقفارية، تكون الجلطات النزفية أقل شيوعاً بكثير وتشكّل 13% فقط من مجموع الجلطات. لكن يرفع الأسبرين مخاطر الجلطات النزفية لدى المصابين بارتفاع ضغط الدم تحديداً.

اليوم، يأخذ عدد كبير من الناس جرعة منخفضة يومية من الأسبرين في عمر الخامسة والأربعين وما فوق. تكون هذه الخطوة مفيدة أحياناً. لكن يُفترض أن يفكر البعض بوقف الأسبرين لأن المخاطر قد تفوق المنافع.

بغض النظر عن الفئة التي تنتمي إليها، لا تأخذ الأسبرين يومياً ولا تتوقف عن أخذه من دون استشارة الطبيب أولاً.

بين المنافع والمخاطر

يستطيع الأشخاص الذين تعرّضوا سابقاً لنوبة قلبية أو جلطة دماغية بسبب تخثر الدم (أي الجلطات الإقفارية) أن يأخذوا الأسبرين. تكون هذه الخطوة منطقية بالنسبة إلى هذه الفئة من الناس. يُعتبر هذا التدبير جزءاً من الإجراءات الوقائية الثانوية وينطبق على جميع المصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية بسبب تصلّب الشرايين، بما في ذلك الحالات الناجمة عن تراكم الصفائح في أي مكان من الجسم. لا تقتصر هذه الحالات على النوبات القلبية والجلطات الإقفارية فحسب، بل تشمل أيضاً النوبات الإقفارية العابرة (أو الجلطات المصغرة)، والخناق الصدري (ألم في الصدر بسبب تضيّق شرايين القلب)، ومرض الشريان المحيطي (نشوء صفائح في شرايين الساق). يدخل المريض الذي يخضع لجراحة تحويل مجرى الشريان التاجي أو يزرع دعامة لتجديد تدفق الدم في خانة المصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية المرتبطة بتصلّب الشرايين.

كذلك، يستطيع كل من يتأكد من إصابته بهذه الأمراض عبر تقنيات التصوير الطبية أن يأخذ الأسبرين على الأرجح. تشمل هذه الفئة أكثر الأشخاص عرضة لمشاكل القلب استناداً إلى أدلة واضحة على وجود صفائح في شرايينهم. تشمل الاختبارات المحتملة فحص الكالسيوم في الشريان التاجي، أو التصوير بالأشعة المقطعية لسبب آخر (قد يخضع المريض للفحص مثلاً بسبب سرطان الرئة أو الانسداد الرئوي)، أو تصوير شرايين العنق بالموجات فوق الصوتية. لا تثبت دراسات كبرى أن الأسبرين يساعد هذه المجموعة من الناس. قد تفوق منافع الدواء المخاطر المحتملة في هذه الحالة، لكن يتوقف الحُكم النهائي على وضع كل فرد.

يكون استعمال الأسبرين ممكناً أيضاً لدى مرضى السكري. بشكل عام، يجب أن يفكر الناس بين عمر الأربعين والسبعين بأخذ جرعة منخفضة من هذا الدواء إذا كانوا معرّضين للإصابة بأمراض القلب. يمكنك احتساب احتمال إصابتك بأمراض القلب والأوعية الدموية المرتبطة بتصلّب الشرايين خلال فترة عشر سنوات عبر حاسبة ابتكرتها "جمعية القلب الأميركية" و"الكلية الأميركية لأمراض القلب" على موقع www.health.harvard.edu/heartrisk. تُعتبر نسبة الخطر مرتفعة إذا بلغت 20% وما فوق.

يمكن اعتبار الأشخاص المعرّضين للتخثر والنزيف جزءاً من الفئة المرشّحة لأخذ الأسبرين أيضاً. في المقابل، يُفترض ألا يأخذ الناس الأسبرين يومياً إذا كانوا غير مصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية المرتبطة بتصلّب الشرايين أو غير معرّضين للنزيف. تشمل الفئة الأولى كل من يحمل تاريخاً بالنزيف في الجهاز الهضمي أو أماكن أخرى من الجسم (نزيف حاد في الأنف مثلاً أو ظهور دم في البول)، والمصابين بقرحة في المعدة أو قلة الصفيحات الدموية أو اضطرابات بسبب تخثر الدم، والفئة التي تأخذ مضادات التهاب غير ستيرويدية بانتظام، مثل المصابين بالتهاب المفاصل أو أمراض التهابية مؤلمة أخرى. يتعلق استثناء واحد بالمجموعة التي تبلغ نسبة تعرّضها لأمراض القلب والأوعية الدموية المرتبطة بتصلّب الشرايين 20% وما فوق خلال فترة عشر سنوات، إذ تفوق المخاطر القلبية والوعائية في هذه الحالـــة احتمال حصول نزيف. يمكن تخفيض مخاطر النزيف في الجهاز الهضمي حينها عبر أخذ نوع من مثبطات مضخة البروتون، مثل الأوميبرازول (بريلوزيك)، إلى جانب الأسبرين.

أخيراً، من الأفضل ألا يأخذ الناس الأسبرين يومياً إذا كانوا فوق عمر السبعين وغير مصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية المرتبطة بتصلّب الشرايين نظراً إلى ارتفاع خطر النزيف مع التقدم في السن. لم ترصد أحدث دراسة حول أشخاص بعد عمر السبعين أي منفعة بارزة بل استنتجت أن خطر النزيف يزداد لديهم. إذا بدأتَ تأخذ الأسبرين في منتصف العمر، قد يكون قرارك صائباً في تلك الفترة. لكن حين تبلغ 70 عاماً، قد تفوق مخاطر النزيف بسبب أخذ الأسبرين اليومي أي حماية يعطيها الدواء ضد النوبات القلبية أو الجلطات الدماغية. من الأفضل إذاً أن تراجع طبيبك قبل أن تتابع أخذ الأسبرين.


MISS 3