عماد موسى

ابراهيم شحرور: نشهد نهضةً للشعر بالمحكيّة!

4 تموز 2019

10 : 53

ابراهيم شحرور، دكتور في الهندسة المدنية، استاذ جامعي، مدير البرامج في مجلس الإنماء والاعمار ووافد حديث إلى الشعر باللغة المحكية مالكاً درجة التميّز بين مجايليه. بعد الخمسين كتبَ ونشر فأصدر الديوان الأول (أساور من تعب) في العام 2015 وأتبعه بـ"تياب القلوب... قلوب" العام الماضي.
معظم شعراء الزجل أورثوا أبناءهم مفاتيح الحضور المنبري، من خليل روكز إلى إدوار حرب وزين شعيب. أتخيلتَ نفسك وأنت في أعوام الفتوة الأولى، وحلمت بالصعود إلى المنبر الزجلي، والدفّ بين يديك، كون الإبن يتمثّل عادة بأبيه؟
أحببت ذلك ولم ألقَ التشجيع من والدي. لطالما ردّد على مسمعي أنّ إحياء الحفلات يتطلب سهراً وتعباً، وعلى الرغم من ذلك كنت أرافقه إلى الحفلات وأتعمّد الجلوس خلفه مع "الردّادي"، ولم يعنّ على بالي امتهان الزجل واحترافه ضمن جوقة. على أي حال التخصّص في مجال صعب كالهندسة يستهلك وقتك ولا يسمح لك بالتفكير بأمرٍ آخر خصوصاً أنّ الزجل مهنة تحتاج إلى تحضيرٍ وتفرّغ.
أما عن انخراطي في الحركة الشعرية الجديدة فقد انشأنا في العام 2014 مع بعض الأصدقاء مجموعةً على "الواتساب" نتبادل عبرها قصائدنا. كتابتي كانت آنذاك بمثابة تمرينٍ محفّز على الكتابة خارج هذا الإطار.
أتعتبر شعرك "قطفاً" أو صناعة؟
لا شيء اسمه "قطف" أو صناعة. كل شيء فيه صناعة حتى الفكر. البراعة أن تصنع شيئاً من دون إظهارك أنّك صانعه. يجب ألّا يظهر الغبار على يديّ النحات. العفوية مهمة لكنها لا تستطيع دائماً أن "تلِد" لك قصيدة.
أيتعبك العمل على قصيدة أم تولد في ومضة؟
ثمة قصيدة تأتي إليك من دون أي جهد (ودائماً خارج دوام العمل)، وأخرى تتعبك إذ عليك العمل عليها محواً هنا وإضافةً هناك وفق مزاجك وفحوى ما تكتب ولمن. ثم اكتشفت أن القصيدة التي تُجبرك على كتابتها ليست بأهمية تلك المولودة عفوياً، فأنت كمجبرٍ على كتابتها أشبه بمن يغتصبها.
ما نقطة التلاقي بين الشعر والرياضيات وأنت شغوف بالإثنين؟
المشترك هو التناسُق. وجمال الرياضيات أنها علم قائم على التجريد بعكس الفيزياء والكيمياء. والشعر يذهب من الملموس إلى المطلق.
هل يعيش بداخلك من سبقوك كجوزف حرب وموريس عوّاد وطلال حيدر أو أنك مُتحرّر منهم؟
جميعنا يتأثر بمن سبقنا وبمن معنا لكنّنا نحاول الابتعاد عن تأثيرهم. ويحدّد قارئ شعرك إن تمكنت من تكوين شخصيتك الشعرية المستقلّة أم لا، إذ لدى أعظم الشعراء لمسات ممّن سبقوهم. ثمة تمايز منذ البداية فموريس عواد مثلاً، شبّه عظمة سعيد عقل بالكاتدرائية فتمايز عنه بأن ذهب إلى كنيسته الخاصة (chapelle).
هل من بطريرك للشعر المحكي في عصرنا؟
لا. هناك نص جميل. قد لا تعجبني قصيدة لشاعر عريق وقد تدهشني قصيدة لشاعر مغمور.
في السبعينات وُلد شعراء الجنوب (باللغة الفصحى) هل نتحدث اليوم عن موجة اسماء للشعر المحكي أمثال جرمانوس جرمانوس وقزحيا ساسين وابراهيم شحرور؟
لا شك في وجود نهضة بالمحكية. في الفترات السابقة كان يظهر اسم أو اسمان كل عقد، مثل طلال حيدر وموريس عواد، جوزف حرب وعصام العبدالله، وقبلهم ميشال طراد...اليوم نعدّ عشرة أو خمسة عشر اسماً بالمستوى عينه.
هل تستوعب "المحكية" ما تستوعبه "الفصحى" في الشعر؟
ويمكن أكتر. هناك قصائد متى قرأتها تخلص إلى نتيجة استحالة كتابتها باللغة الفصحى. وهناك قصائد تشعرك أنها لا تكتب إلا بالفصحى. كان أنطوان مالك طوق الذي كتب بالإثنتين يقول: "هي القصيدة تأتي مرتدية ثيابها".
هل تمنيت أن تسرق أي بيت أو قصيدة لم تكن كاتبها؟
عندما تقول "يا ريتني أنا كاتبها"، فهذا دليل إعجابك بها. هناك قصيدة لقزحيا ساسين تمنيت لو ألّفتها وتقول: قلّي القصب: "قلبك عليّي إنت؟/ ونهدات صدرَك خلّ سقيوني/ ان بدّك ما إبكي، عالقليلي كنتْ/ بتشيل صابيعك من عيوني".
كوتس
• لا وجود اليوم لبطريرك للشعر المحكي
• جئت إلى الشعر بعدما تخطيت الخمسين


إطار

عَ الكورنيش

بوصل على الكورنيش قبل كْتار،
حتّى قبل بيّاع لِمْناقيش.
وقت اللي بيكون الفجر محتار:
فزعان عا بابو يْدقّ نْهار،
والليل عم بيضبضب كْلاكيش...
والعتم مش باقي بجنحو ريش.
شاف السما، عن طاولة لِقْمار،
مستعجلِه تَ تْضبّ آخر "فيش"...
والبحر لافف موجتو سيكار،
والشطّ قبلو بلّش التحشيش
عم ينطر الموجه عَ جمر النار،
متل الصبي اللي ناطر البخشيش...
وْتشرين مستأجر
شمس أيّار،
مْن الصيف يمكن
يلحقو طْراطيش.
وماخد شويّة غيم
من آذار،
مديون،
عم بيركّب طْرابيش.
بتكون بعدا نايمه
بيروت.
وْجنبي،
نهار وليل عَ الكورنيش :
في ليل عم بيقول :
" خايف موت "،
وْفي نهار عم بيقول :
" بدّي عيش "...


MISS 3