شربل داغر

أسئلة برسم القيّمِين على جائزة "البوكر"

5 أيلول 2022

02 : 01

جائزة "البوكر" للرواية العربية أحدثت فعلاً قوياً في الثقافة العربية، ما يمكن أن يكون فاصلاً بين ما قبلها وما بعدها. هذا لا يختلف فيه اثنان، إلا إذا كان الشاكي متضرراً مباشراً منها، من عدم الفوز بها.

فقد استفاد من الفوز بها روائيون وروائيون عرب، ما سهّل رواج رواياتهم في أكثر من طبعة عربية، وربما أجنبية. هذا ما كشف أيضاً عن مواهب جديدة، غير معروفة، فأخرجَها من عتمتها إلى فسحة ضوء منيرة.

إلا أن آثار هذه الجائزة عربياً لا تزال من دون أرقام، ومن دون درس. فالمتابع، أو الدارس، لا يعرف أرقام المبيعات، أو عدد الطبعات العربية، أو وقعَ الرواية الفائزة التجاري والنقدي بعد صدور ترجمات لها إلى هذه اللغة أو تلك. كما لا يملك معلومات أو تحاليل عمّا يصيب الروايات التالية للفائزين بالجائزة...

هناك أسئلة غيرها بالطبع... ولا أريد من طرحها التأكدَ من حسن اختيار أعضاء لجان التحكيم، ولا من توفّقهم في اختياراتهم النهائية. بل أريد التعرف إلى مفاعيل هذه الجائزة في الثقافة العربية عموماً، وفي قطاع الرواية بطبيعة الحال. فإذا كان الفائز بها يتنعّم بمقادير من النجاح المالي والاعتباري بعد الفوز بها... وإذا كان الناشر يستفيد حكماً من عائدات الفوز... فإن الأسئلة تبقى معلقة، من دون جواب، حول مدى تأثير الجائزة على سوق الرواية ومكانة الروائيين. يضاف إلى ذلك أن عدداً من النقاد العرب قد تحدثوا عن أفضليات وتوجهات (غير مرغوب فيها) في خيارات الروايات الفائزة. من بينها ألا تتعرض الرواية المرشحة للفوز إلى قضايا شائكة وإشكالية في مجتمعاتها، أو إلى ما يَمنع الرواية فيها. ومن بين أفضلياتها وخياراتها (المرغوب فيها) أن تتوكّل الروايات الكشف عن جوانب اجتماعية مستورة، أو عن أحوال غريبة، أو عن شخصيات شديدة الهامشية...

هذه الأسئلة وغيرها تحتاج إلى تحقيقات ومراجعات. لكن بعض الأسئلة لا يحتاج إلى جواب، ما دامت الأعمال الفائزة قد شملت روائيين من بلدان عربية كثيرة. كما شجعت الجائزة روائيين غير مشهورين أو مكرسين، فتكون "البوكر"، في هذا، راعية مواهب، لا تابعة مواهب أكيدة.

فالأكيد وراء خيارات الفائزين هو النجاح الجماهيري، بدليل اختيار صحفيين بين أعضاء لجان التحكيم، ما يعني - مبدئياً - قربهم من انتظارات الجمهور. والجماهيرية هذه تعني - في ما تعنيه- اختيار أعمال حكائية الطابع، من دون الانتباه إلى أدبيّتها بالضرورة.

أسوق هذا الكلام من قبيل العناية بهذه الجائزة، وبدرس مفاعيلها وتأثيراتها. هذا ما على الجائزة أن تقوم به، بنفسها ومع غيرها، وبالاستناد إلى جهات دولية متمرسة في هذه الأعمال، ومشهود لها بالنزاهة.


MISS 3