جاد حداد

لماذا تستحيل علينا مقاومة إغراء الحلوى؟

28 كانون الأول 2019

10 : 33

اكتشف الباحثون أن دائرة دماغية محددة تقف وراء الأكل القهري! هل يُمهّد هذا الاكتشاف لمعالجة المصابين بآثار معاكسة للأكل المفرط؟

لماذا نتهور ونلتهم علبة المثلجات أو كيس الفشار بكل شراهة مع أننا لا ننوي ذلك في الأساس؟

يرتبط هذا السلوك بالأكل القهري والبدانة، ويعكس حالة صحية شائعة وجدّية ومكلفة وفق تصنيف "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها". في العام 2008، كشفت تقديراتها أن الكلفة الطبية السنوية للبدانة في الولايات المتحدة وحدها بلغت 147 مليار دولار.

بين العامين 2015 و2016، ذكرت المنظمة أن 39.8% من الراشدين في الولايات المتحدة مصابون بالبدانة. تزيد هذه الحالة خطر التعرض لمشاكل صحية متعددة، منها النوع الثاني من السكري، وأمراض القلب، والجلطات الدماغية، وبعض أنواع السرطان.لكن ما هي الآلية الكامنة وراء الأكل المفرط، وهل يسمح تحديدها بمساعدة المصابين بهذه المشكلة الصحية؟

نُشِرت نتائج الدراسة الجديدة في مجلة "تواصل الطبيعة"، ورصدت دائرة دماغية محددة قد تؤثر بقدرتنا على مقاومة الإغراءات.لا يؤثر الاندفاع (أي التحرك من دون التفكير بالعواقب المحتملة) بالقدرة على رفض الطعام عند الشعور بالتخمة فحسب، بل إنه قاسم مشترك بين مسائل متعددة مثل فرط المقامرة والإدمان على المخدرات. لا خطب في الاندفاع بحد ذاته، لكنه قد يؤدي إلى عواقب غير مرغوب فيها وفق الدراسة الجديدة.

أراد الباحثون أن يفهموا ما يحصل في الدماغ لإطلاق السلوك القهري، على أمل أن تُمهد نتائجهم لابتكار علاجات جديدة لمن يحاربون اضطرابات ذات صلة.

درّب الباحثون نماذج من الفئران على تلقي حبة "لذيذة ودسمة وغنية بالسكر" عبر الدوس على مقبض. كان يجب أن تنتظر الفئران 20 ثانية قبل الضغط على المقبض مجدداً. وحين كان إيقاعها أسرع من هذا المعدل، كانت تضطر لانتظار 20 ثانية أخرى. ثم ضخ الباحثون حقنة من هرمون تركيز الميلانين: إنه ناقل ينتجه الوطاء، في قاعدة الدماغ، وقد أثبتت أبحاث سابقة أنه يؤثر على السلوك القهري.

استعمل العلماء تقنية متقدمة لتنشيط مسار عصبي خاص بهرمون تركيز الميلانين، بدءاً من الوطاء وصولاً إلى الحُصين، وهو جزء دماغي مرتبط بالتعلم والذاكرة.تقول الدكتورة إيميلي نوبل، أستاذة مساعِدة في قسم المأكولات والتغذية في جامعة جورجيا، أثينا: "ثمة معطيات فيزيولوجية كامنة في الدماغ لتنظيم القدرة على رفض الأكل القهري. في النماذج التجريبية، يمكننا أن ننشّط تلك الدائرة ونتلقى استجابة سلوكية محددة".

بعد تنشيط المسار العصبي، اكتشف الباحثون أن الفئران ضغطت على المقبض بوتيرة إضافية، مع أن هذه الحركة تؤخر تسليم الحبة السكرية بعشرين ثانية، وبالتالي تكون هذه الطريقة أقل فاعلية لتلقي المكافأة.

كشفت أبحاث سابقة أن مستويات هرمون تركيز الميلانين في الدماغ تؤثر على استهلاك الطعام، لكنها أول دراسة تثبت دور الهرمون في السلوك القهري.

توضح نوبل: "اكتشفنا أن الحيوانات تصبح أكثر اندفاعاً في سلوكها تجاه الطعام عند تنشيط الخلايا التي تنتج هرمون تركيز الميلانين في الدماغ".

تكشف النتائج أن ذلك الهرمون لم يؤثر على درجة تلذذ الفئران بالطعام أو مدى استعدادها لبذل الجهود لنيله، لكنه أثّر بقدرتها على مقاومة السعي إلى تلقي المكافأة، مع أنها تعلّمت أن الضغط المتكرر على المقبض يسبب تأخيرات إضافية.

في النهاية، تستنتج نوبل: "أدى تنشيط هذا المسار المحدد من الخلايا العصبية المرتبطة بهرمون تركيز الميلانين إلى تفاقم السلوك القهري، من دون التأثير على الأكل الطبيعي لتلبية الحاجة إلى السعرات الحرارية أو الاندفاع نحو استهلاك مأكولات لذيذة. بعد اكتشاف هذه الدائرة التي تنعكس انتقائياً على الاندفاع نحو الأكل، يزيد احتمال أن نتمكن يوماً من تطوير علاجات للأكل المفرط وتسهيل الالتزام بالحمية، من دون تخفيف الشهية الطبيعية أو تناول مأكولات غير لذيذة".


MISS 3