اكتشف معنى حياتك تُحافظ على صحتك!

10 : 32

تكشف دراسة جديدة رابطاً بين الشعور بمعنى الحياة والراحة الجسدية والعقلية مع التقدم في السن. تصبح الحياة أكثر عرضة للتغيرات مع مرور الوقت. قد يفقد كبار السن أصدقاءهم وأقاربهم مثلاً، أو تبدأ مسيرتهم المهنية بالتراجع.

نُشِرت نتائج الدراسة الجديدة في "مجلة الطب النفسي العيادي"، واستنتجت أن تجاوز هذه العتبة من الحياة يُجدد حاجة الناس إلى إيجاد معنى لحياتهم.جرت الدراسة تحت إشراف باحثين من كلية سان دييغو الطبية في جامعة كاليفورنيا، ورصدت رابطاً بين معنى الحياة وتحسّن الوظائف الجسدية والعقلية والمعرفية.

يقول المشرف الرئيس على الدراسة، ديليب جيست: "يبدو الشخص الذي يكتشف معنى حياته أكثر سعادة من غيره ويتمتع بصحة أفضل".

صحيح أننا قد نفكر بالبحث عن معنى وجودنا في مراحل متنوعة من الحياة، لكن تذكر الدراسة الجديدة أن هذه النزعة تتلاشى حين تمتلئ حياتنا بعائلتنا وأصدقائنا ومشاريعنا المهنية.يوضح جيست: "في مرحلة الشباب، كما في عمر العشرينات مثلاً، لا تكون واثقاً بعد من وجهة مسيرتك المهنية أو شريكك في الحياة أو هويتك كشخص بحد ذاته. لذا تبحث عن معنى وجودك. بدءاً من عمر الثلاثينات والأربعينات والخمسينات، تصبح علاقاتك أكثر استقراراً، وقد تكون متزوجاً ولديك عائلة ومهنة ثابتة. لذا يتراجع بحثك ويتّضح معنى حياتك. لكن يتغير الوضع بعد عمر الستين. يتقاعد الناس من عملهم في هذه المرحلة وقد يفقدون جزءاً من هويتهم ويصابون بمشاكل صحية ويخسرون عدداً من أصدقائهم وأفراد عائلتهم، فيميلوا حينها إلى البحث عن معنى حياتهم مجدداً لأن المعنى الذي كانوا يعرفونه تغيّر".

مع التقدم في السن، تبرز حاجة مُلحّة إلى معرفة الخطوات اللاحقة أو طبيعة المشاعر التي تنتابنا خلال الفترة المتبقية من حياتنا.

في حالات كثيرة، يصبح إيجاد معنى الحياة شرطاً مسبقاً لبلوغ نهاية سعيدة. من دون هذا المعنى، قد يطغى الضغط النفسي وعواقبه الجسدية على سنواتنا الأخيرة والمصاعب التي ترافقها.

رصد الباحثون تلك الروابط بناءً على مراقبة 1042 شخصاً راشداً شاركوا في "تقييم الشيخوخة الناجح" بين كانون الثاني 2013 وحزيران 2014. كان المشاركون يقيمون في مراكز للراشدين في سان دييغو، وتراوحت أعمارهم بين 21 و100 عام وما فوق.أجرى الباحثــون ثلاثة تقييمات:• "استبيان عن معنى الحياة" لرصد علاقة كل مشارك راهناً بمعنى حياته، بناءً على خانتَي "البحث" أو "الوجود". طلب الباحثون من المشاركين التعبير عن موقفهم من عبارات مختلفة، على غرار "أبحث عن هدف أو مهمة في حياتي" أو "اكتشفتُ هدفاً مُرضِياً في حياتي".

• كشف كل مشارك عن وضعه الجسدي والعقلي.

• أجرى كل مشارك مقابلة عبر الهاتف لتقييم قدراته المعرفية.

عند مقارنة البحث عن معنى الحياة باكتشاف ذلك المعنى، استنتجت البيانات علاقة عكسية مفاجئة بين الظاهرتَين في عمر الستين: بلغ "وجود" المعنى ذروته في ذلك العمر، بينما تراجع "البحث" عنه إلى أدنى المستويات. في حالات كثيرة إذاً، لا يحتاج الناس إلى متابعة البحث عن معنى وجودهم لأنهم يكتشفونه بحلول عمر الستين. استعمل الباحثون نماذج إحصائية واكتشفوا أن الوضع الجسدي له علاقة سلبية بالتقدم في السن، مقابل علاقة إيجابية بوجود معنى للحياة. زادت قوة الرابط بعد عمر الستين.

كذلك، برز رابط إيجابي بين السلامة العقلية والشيخوخة ووجود هدف للحياة، مقابل رابط سلبي مع البحث عن معنى الحياة. وظهر رابط سلبي بين الوظائف المعرفية والتقدم في السن والبحث عن معنى الوجود.

تستنتج الدراسة أن إيجاد معنى الحياة استراتيجية فاعلة للتطور في عمر متقدم لأن ذلك المعنى يسهم في الحفاظ على الصحة الجسدية والعقلية. يقول المشرف الأول على الدراسة، عويس أفتاب: "بدأ مجال الطب يعترف بأهمية معنى الحياة من الناحية العيادية ويعتبره عاملاً قابلاً للتعديل، وبالتالي يمكن استهدافه لتحسين راحة الناس ووظائفهم". يضيف جيست: "يشهد هذا القطاع مرحلة مثيرة للاهتمام لأننا نحاول اكتشاف أجوبة مثبتة على عدد من أعمق الأسئلة في الحياة".

سيُركّز بحثه المقبل على مواصفات شخصية أخرى، منها الحكمة والوحدة والتعاطف، وطريقة تأثيرها على مساعي البحث عن معنى الوجود. كما أنه يريد استكشاف أي رابط محتمل بين بعض المؤشرات الحيوية للضغط النفسي والشيخوخة واكتشاف معنى الحياة.


MISS 3