جاد حداد

ألم العنق الحاد: مؤشر خطير؟

5 تشرين الثاني 2022

02 : 00

في حالات نادرة، قد يؤدي تمزق شريان العنق إلى جلطة دماغية. ما هي أسباب هذه الحالة وأعراضها؟



في الصيف الماضي، نُشِرت تقارير إخبارية عن شابة تعرّضت لجلطة دماغية بعد زيارتها لمقوّم العظام، فسلّطت الضوء مجدداً على حالة نادرة لكن بالغة الخطورة. تُعرَف هذه الحالة باسم "تسلخ الشريان العنقي"، وهي تشير إلى تمزق في بطانة أحد الشرايين الرئيسية التي تحمل الدم إلى الدماغ. قد ينجم هذا التمزق عن "تعديلات" أو حركات سريعة واهتزازية يقوم بها بعض مقوّمي العظام أو معالجون آخرون على مستوى العنق.

تتعدد النشاطات الشائكة التي تحمل هذا النوع من المخاطر، أبرزها القفز بالحبال المطاطية، وركوب الأفعوانية، والتجديف النهري. لكن تُسجَّل حالات التسلخ أيضاً بعد نشاطات شاقة مثل رفع الأوزان، والتمارين الجسدية المكثفة أو عالية التأثير، وحركات الرقص التي تشمل تدوير الرأس.

طبيعة المخاطر المطروحة

يقوم ملايين الناس بهذه النشاطات يومياً من دون مواجهة أي عواقب. يبقى تسلخ الشريان العنقي نادراً إذاً، وهو يصيب ثلاثة أشخاص فقط من كل 100 ألف سنوياً. لكن قد تكون هذه الحالات أكثر شيوعاً مما يظن الكثيرون. من الناحية الإيجابية، يُصلِح الجسم نفسه ويتعافى طبيعياً، كما يحصل مع عدد كبير من الإصابات.

يكون الأشخاص الأصغر سناً أكثر ميلاً إلى المشاركة في النشاطات المُسببة للتمزق، لذا يبقى تسلخ الشريان العنقي أكثر شيوعاً في هذه الفئة العمرية. حتى أن هذه الحالة تُعتبر من أبرز أسباب الجلطات الدماغية قبل عمر الخمسين. مع التقدم في السن، تصبح أنواع أخرى من الجلطات أكثر شيوعاً، لا سيما تلك التي تنجم عن انسداد شرايين الدماغ بصفائح الدهون وجلطات الدم الآتية من القلب. لكن قد يصيب التسلخ كبار السن أيضاً، فقد اكتشفت إحدى الدراسات أن شخصاً واحداً من كل 14 مصاباً بتسلخ الشريان العنقي يكون في عمر الستين وما فوق.

ما معنى تسلخ الشريان العنقي؟


يُعرَف الشريانان الممتدان من الجهة الأمامية للعنق (شرايين سباتية) والشريانان الآخران في الجهة الخلفية من العنق (شرايين فقرية) باسم الشرايين العنقية جماعياً.

يؤدي أي تمزق في بطانة أحد تلك الشرايين إلى تسرّب الدم بين طبقات جدار الشريان. رداً على هذه المشكلة، يوقف الجسم النزيف طبيعياً عبر تشكيل جلطة، لكن قد تعطي هذه العملية نتائج عكسية، فتعيق أي جلطة كبيرة تدفق الدم عبر الشريان، أو تنسلخ عنه وتستقر في شريان دماغي. قد يؤدي أي واحد من هذين الاحتمالَين إلى التعرض لجلطة دماغية.

مؤشرات تحذيرية

يُسبّب تسلخ الشريان العنقي ألماً حاداً ومتواصلاً وغير مألوف في العنق والرأس، وغالباً ما يظهر خلال النشاط المُسبّب لالتواء العنق أو بعده مباشرةً. إذا تمزّق شريان سباتي، ينتشر الألم في معظم الأوقات على جنب العنق وصولاً إلى الجبين، أو العين، أو الخدّ، أو الأسنان. أما تمزق الشريان الفقري، فقد يُسبّب ألماً حاداً في قاعدة الجمجمة والجهة الخلفية من الرأس. إذا شعرتَ بألم مماثل وظهرت في الوقت نفسه أعراض الجلطة الدماغية مثل الدوار، والرؤية المزدوجة، وحركات تشنّج العين، واختلال التوازن أثناء المشي، والتلعثم في الكلام، اتصل برقم الطوارئ فوراً. لكن يجب أن تعرف أن أعراض الجلطة الدماغية قد تتطور بعد ساعات، أو أيام، أو حتى أسبوع، على بدء أعراض تسلخ الشريان العنقي.

قد يكون ألم العنق المشتق من تسلخ شريان فقري جزءاً من الأسباب التي تدفع الناس إلى تلقي الرعاية الطبية لدى مقوّم العظام. قد يظن هذا الأخير أنه لم يسبّب التسلخ بنفسه، وهو محق على الأرجح. لكن تتفاقم المشكلة أحياناً نتيجة التلاعب بالعنق، فيزيد التمزق سوءاً أو تنسلخ الجلطة عن الشريان المتضرر، ما يؤدي إلى التعرّض لجلطة دماغية.