رابط بين الحمية غير الصحية وفقدان البصر في عمر متقدم!

12 : 51

اكتشفت دراسة جديدة وممتدة على عشرين سنة تقريباً رابطاً بين الحمية غير الصحية وفقدان البصر في عمر متقدم. هل يجب أن نزيد تركيزنا إذاً على ما نأكله؟

سبق وأثبتت مجموعة وافرة من الأبحاث أن الحمية الغنية باللحوم الحمراء والأغذية المقلية ومشتقات الحليب الدسمة واللحوم المُصنّعة والحبوب المُكررة تسيء إلى القلب وترتبط بنشوء السرطان. لكن لا يفكر الكثيرون بأثر الحمية على نظرهم!

نُشرت دراسة جديدة الآن في "المجلة البريطانية لطب العيون" ورصدت رابطاً بين الحمية الغنية بمأكولات غير صحية والتنكس البقعي المرتبط بالسن (Macular Degeneration).

يؤثر هذا الاضطراب على شبكية العين مع التقدم في السن، فيشوّش الرؤية المركزية التي تساعد الناس على رؤية الأغراض بوضوح وأداء نشاطاتهم اليومية مثل القراءة والقيادة.

وفق "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها"، يصاب حوالى 1.8 مليون شخص في الولايات المتحدة بالتنكس البقعي في عمر الأربعين وما فوق، ويتعرض 7.3 ملايين لحالة تسبق التنكس واسمها براريق شفافة (Drusen). كذلك، يبدو أن التنكس البقعي المرتبط بالسن هو أول سبب لاختلال القراءة الدائم واضطراب الرؤية عن قرب في عمر الخامسة والستين وما فوق.

حللت الدراسة الجديدة للمرة الأولى الأنماط الغذائية ومسار نشوء التنكس البقعي مع مرور الوقت، ورصدت رابطاً بين الحمية غير الصحية وهذا المرض.

تقول المشرفة الرئيسة على الدراسة، إيمي ميلين، من جامعة "بوفالو" في نيويورك، في مجلة "ميديكل نيوز توداي": "يدرك معظم الناس أن الحمية تؤثر على خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية ومخاطر البدانة. لكن لا يفكر الناس على ما أظن بتأثير الحمية على مخاطر فقدان البصر في عمر متقدم".

صحيح أن الأبحاث السابقة كشفت روابط بين مأكولات ومغذيات معينة والتنكس البقعي المرتبط بالسن (ذكرت دراسات مثلاً أن جرعة مرتفعة من مضادات الأكسدة قد تبطئ تطور المرض)، لكن ما من أبحاث كثيرة حول الأنماط الغذائية ككل.

كذلك، ركزت الدراسات التي حللت الأنماط الغذائية على المخاطر المحتملة في مراحل متقدمة (أي حين يطرح المرض خطراً على البصر) بدل المراحل الأولى واللاحقة من المرض.

توضح ميلين: "أردنا أن نعرف مدى قدرة النمط الغذائي الفردي عموماً على توقع نشوء التنكس البقعي المرتبط بالسن في بداية المرض وفي مراحل متقدمة منه".


الحمية غير الصحية تزيد الخطر بثلاثة أضعاف!


حللت الدراسة مسار نشوء التنكس البقعي المرتبط بالسن في مراحله الأولى والمتقدمة معاً لدى مشاركين في دراسة "خطر تصلب الشرايين في المجتمعات" التي قيّمت سابقاً صحة الشرايين على مر 18 عاماً (بين 1987 و1995). استعمل الباحثون بيانات عن 66 نوعاً غذائياً مختلفاً ورصدوا نمطَين غذائيَين: نمط "حذر" أو صحي، وآخر "غربي" يشمل كمية مرتفعة من اللحوم المُصنّعة والحمراء، والأغذية المقلية، والتحليات، والبيض، والحبوب المكررة، ومشتقات الحليب الدسمة، والمشروبات المحلاة بالسكر.

صحيح أن العلماء لم يرصدوا رابطاً بين التنكس البقعي في مراحله الأولى والأنماط الغذائية، لكنهم اكتشفوا أن احتمال تطور المرض وبلوغه مراحل متقدمة كان أعلى بثلاثة أضعاف لدى من اختاروا نمطاً غذائياً غربياً. تضيف ميلين: "لاحظنا أن من كانوا غير مصابين بالتنكس البقعي أو مصابين بمراحله الأولى في بداية الدراسة واستهلكوا أغذية غير صحية بشكلٍ متكرر كانوا أكثر ميلاً إلى الإصابة بمراحل متقدمة من المرض الذي يطرح خطراً على البصر بعد مرور 18 سنة تقريباً".


الوقاية خير من العلاج!


لا يترافق التنكس البقعي المرتبط بالسن في مراحله الأولى مع أي أعراض، لذا قد لا يعرف الشخص أنه مصاب بهذه الحالة. ولا يتطور المرض ويصل إلى مراحل متقدمة في جميع الحالات، لكنّ معالجته قد تكون مكلفة وغازية في حال تطوره.

ثمة نوعان من المرض في مراحله المتقدمة، أحدهما تنكس رطب أو حديث التوعّي، ويميل الأطباء إلى معالجته عبر حَقْن عوامل نمو مضادة للأوعية.

أما النوع الثاني، فهو التنكس الجاف أو الضمور الجغرافي الذي ينشأ حين تموت خلايا المستقبلات الضوئية من دون توسّع الأوعية الدموية. ما من علاج فاعل لهذا الشكل من التنكس.

في النهاية، تستنتج ميلين: "يجب أن يدرك الرأي العام أن الحمية الغذائية ضرورية لحماية البصر، فهي تُحدِث فرقاً مهماً لتحديد وضع الرؤية المركزية في مرحلة متقدمة من الحياة. إذا كنت مصاباً بالتنكس البقعي في مراحله الأولى، من الأفضل أن تستهلك إذاً كمية معتدلة من الأغذية التي تدخل في خانة النمط الغذائي الغربي".