طهران ترفض تسليم الصندوقَيْن الأسودَيْن لواشنطن

176 قتيلاً في "تحطّم مشبوه" لطائرة بوينغ أوكرانيّة في إيران

13 : 07

تحطّمت الطائرة فوق أراض زراعيّة في خلج آباد في منطقة شهريار أمس (أ ف ب)

بعدما أطلقت الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة صواريخ استهدفت قاعدتَيْن يتمركز فيهما جنود أميركيّون في العراق، تحطّمت طائرة ركّاب أوكرانيّة كانت تقلّ 176 شخصاً، غالبيّتهم من الإيرانيين والكنديين فجر الأربعاء في إيران، بُعيد اقلاعها من طهران، ما أدّى إلى مقتلهم جميعاً، في حين أكدت السلطات الإيرانيّة أنّها لن تُسلّم الصندوقَيْن الأسودَيْن اللذَيْن عُثر عليهما إلى الجانب الأميركي من أجل التحقيقات، ما أثار شبهات جدّية حول علاقة الضربات الصاروخيّة الإيرانيّة بسقوط الطائرة.والطائرة من طراز "بوينغ 737" تابعة للخطوط الجوّية الأوكرانيّة الدوليّة، تحطّمت في وقت جيوسياسيّ حسّاس جدّاً، فيما حذّر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من أي "تكهّنات" في هذا الصدد. والطائرة التي كانت تقوم بالرحلة "بي اس 752"، أقلعت عند الساعة 2:40 (ت غ) من مطار الإمام الخميني الدولي في طهران متّجهةً إلى كييف، قبل أن تختفي عن شاشات الرادار بعد دقائق.

وتحطّمت الطائرة فوق أراض زراعيّة في خلج آباد في منطقة شهريار، على بُعد 45 كلم شمال غربي المطار، بحسب وسائل الإعلام الرسميّة. وبثّ التلفزيون الرسمي الإيراني صوراً من موقع التحطّم تُظهر رجال انقاذ يقومون بالتفتيش في أرض خلاء انتشر فيها الحطام وارتفع الدخان من أجزاء منها. وكانت فرق انقاذ عدّة تنقل أكياساً تحتوي على جثث أو أمتعة شخصيّة للركّاب.

وقال نائب محافظ طهران محمد تاجي زاده: "من بين الأشخاص الـ176 الذين كانت تقلّهم الطائرة، 9 كانوا من أفراد الطاقم والآخرون من الركّاب، بينهم 15 طفلاً"، فيما ذكر الإعلام الإيراني أن النيران اشتعلت في الطائرة بعد تحطّمها، إلّا أن تسجيل فيديو بثه التلفزيون الرسمي أظهر الطائرة وقد اشتعلت فيها النيران أثناء سقوطها.

وأعلنت "هيئة الطيران المدني" الإيرانيّة العثور على الصندوقَيْن الأسودَيْن للطائرة، إلّا أنّها أكدت أنّها لن تُسلّمهما إلى السلطات الأميركيّة. وقال رئيس هيئة الطيران المدني علي عابد زاده: "لن نُعطي الصندوقَيْن الأسودَيْن للمصنّع (بوينغ) والأميركيين"، بحسب ما نقلت عنه وكالة "مهر" للأنباء.

من ناحيتها، دعت الولايات المتحدة إلى "تعاون كامل" مع التحقيق في تحطّم الطائرة. وقال وزير الخارجيّة الأميركي مايك بومبيو في بيان إنّ "الولايات المتحدة تدعو إلى التعاون الكامل مع أي تحقيق في أسباب حادث التحطّم"، من دون أن يُسمّي إيران. وأعلنت شركة "بوينغ" المصنّعة للطائرة في تغريدة: "نحن على علم بالمعلومات الصحافيّة الصادرة من إيران ونجمع مزيداً من المعلومات"، مضيفةً: "نحن على اتصال بشركة الطيران المعنيّة ونقف إلى جانبها في هذه الأوقات الصعبة. ونحن مستعدّون للمساعدة بأي طريقة لازمة".

وفي كييف، أعلن وزير الخارجيّة الأوكراني فاديم بريستايكو أن الطائرة المنكوبة كانت تقلّ 82 إيرانيّاً و63 كنديّاً و11 أوكرانيّاً و10 سويديين و4 أفغان و3 ألمان و3 بريطانيين. ونشرت الخطوط الجوّية الأوكرانيّة لائحة بأسماء وتواريخ ولادة الركّاب. وأظهرت اللائحة أن أكثر من 25 من الركّاب هم دون 18 عاماً.

كذلك صرّح رئيس مجلس الأمن القومي الأوكراني أولكسي دانيلوف أن اثنَيْن من المسافرين المسجّلين على الرحلة لم يستقلّا الطائرة قبل اقلاعها، بينما أعلنت الخطوط الجوّية الأوكرانيّة تعليق رحلاتها إلى طهران، مشيرةً إلى أن طائرة الـ"بوينغ 737" صُنِعَت العام 2016 وخضعت لفحص تقني قبل يومَيْن. وقال رئيس الخطوط الأوكرانيّة الدوليّة يفغيني ديكنه: "الطائرة كانت في وضع تشغيلي"، مضيفاً: "كانت واحدة من أفضل طائراتنا مع طاقم رائع"، وذلك خلال مؤتمر صحافي في كييف حاول فيه حبس دموعه.

بدوره، كشف نائب رئيس الشركة ايغور سوسنوفسكي للصحافيين في كييف، أن الشركة لا تعتقد أن طاقم الطائرة ارتكب خطأ. وقال: "احتمالات ارتكاب الطاقم خطأ قليلة جدّاً، لدرجة أنّنا لا ننظر فيها"، فيما أمر الرئيس الأوكراني بفتح تحقيق معلناً التدقيق في "كلّ الأسطول الجوّي المدني" الأوكراني بمعزل عن أسباب الحادث. وكتب على "فيسبوك": "أطلب من الجميع عدم إطلاق تكهّنات ونظريّات غير مؤكّدة في شأن التحطّم"، في وقت قطع عطلة في سلطنة عُمان عائداً إلى أوكرانيا. كما لفت رئيس وزراء أوكرانيا أوليكسي غونشاروك إلى أن كييف تتفاوض مع السلطات الإيرانيّة للسماح لمحققين أوكرانيين بالتوجّه إلى موقع الحادث.

من جهته، أكّد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أن 63 كنديّاً قضوا في تحطّم طائرة الـ"بوينغ" الأوكرانيّة في إيران، داعياً إلى تعاون دولي لضمان إجراء "تحقيق معمّق". وقال في بيان: "هذا الصباح، أنضمّ إلى الكنديين في أنحاء البلاد كافة في صدمتهم وحزنهم لمقتل 176 شخصاً، بينهم 63 كنديّاً" في الحادث، مؤكداً أن "حكومتنا ستُواصل العمل عن كثب مع شركائها الدوليين لضمان اجراء تحقيق معمّق في حادث التحطّم، بحيث يجد الكنديّون اجابات عن تساؤلاتهم".

واثر الضربات الصاروخيّة الإيرانيّة، أعلنت الوكالة الفدراليّة الأميركيّة للطيران تعليق كلّ رحلات الشركات المسجلّة في الولايات المتحدة فوق العراق وإيران والخليج. كما أعلنت الخطوط الجوّية الفرنسيّة "اير فرانس" و"لوفتهانزا" الألمانيّة، تعليق الرحلات في الأجواء الإيرانيّة والعراقيّة.


MISS 3