ما علاقة الكولسترول السيّئ بالجلطات الدماغية؟

13 : 20

غالباً ما نعتبر الكولسترول السيئ مُضِراً، وهو استنتاج مبرر. يؤدي ارتفاع مستوياته في الدم إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، أول سبب للوفاة، لأنه قادر على سد الشرايين. كلما نجحتَ في تخفيض مستوى هذا الكولسترول (عن طريق الحمية الغذائية أو الرياضة أو الأدوية)، يتراجع احتمال تعرضك لنوبة قلبية. في ما يخص الناجين من هذه النوبات، توصيهم التوجيهات الصحية بإبقاء مستوى الكولسترول السيئ أقل من 70 ملغ/ديسليتر لتجنب الإصابة بنوبة قلبية ثانية.

لكن ذكرت دراستان واردتان في مجلة "علم الأعصاب"، في السنة الماضية، أن خطر الإصابة بجلطة دماغية نزفية يرتفع حين تكون مستويات الكولسترول السيئ بمعدل 70 أو أقل. إنها معلومة مقلقة حتماً، لكن لا بد من تحليل هذه النتيجة لفهم سياقها.

يقول طبيب القلب روبرت جوغليانو، أستاذ طب في جامعة "هارفارد": "يجب أن يفهم الجميع أولاً أن عدداً صغيراً من المشاركين في الدراستين كان يأخذ الدواء لتخفيض مستوى الكولسترول السيئ". في التفصيل، إقتصرت نسبة من أخذوا أدوية خافضة للكولسترول، من بين الأفراد الذين سجلوا معدل 70 كحد أقصى، على أقل من 3%. كانت مستوياتهم منخفضة طبيعياً لأسباب مختلفة، أبرزها المعطيات الوراثية أو الحمية أو المرض.

جماعات صغيرة وأحداث نادرة


تتراوح معدلات الكولسترول لدى عدد كبير من الناس بين 100 و130، ولا تُعالَج المشكلة في حالات كثيرة. من غير الشائع أن يتراجع المعدل تحت عتبة السبعين. جرت إحدى الدراستين المنشورتين في مجلة "علم الأعصاب" في الصين، وسجّل 13% من 96 ألف مشارك فيها مستوى 70 أو أقل. وفي الدراسة الثانية التي شملت حوالى 28 ألف امرأة أميركية شاركن في "دراسة صحة النساء"، اقتصرت نسبة المشارِكات اللواتي سجّلْنَ هذا المعدل على 4%.وفي الدراستين معاً، ارتبط تراجع مستويات الكولسترول السيئ بزيادة احتمال التعرض لجلطة نزفية. يتوقع بعض الباحثين أن يؤدي الكولسترول المنخفض إلى إضعاف جدران الأوعية الدموية، ما يجعلها أكثر عرضة للتمزق والنزيف.

لكن تبقى الجلطات النزفية أقل شيوعاً بكثير من الجلطات الإقفارية التي تشكّل 87% من الجلطات الدماغية في الولايات المتحدة وبلدان غربية أخرى. في الصين وغيرها من البلدان الآسيوية، تكون معظم الجلطات إقفارية، لكن تبقى الجلطات النزفية أكثر شيوعاً من الغرب، وقد تشكّل حتى 40% من مجموع الجلطات الدماغية.

أنواع الجلطات: انسداد أم نزيف؟


ثمة نوعان أساسيان من الجلطات الدماغية:

تُشكّل الجلطات الإقفارية حوالى 87% من مجموع الجلطات، وتقع نتيجة انسداد شريان متّصل بالدماغ بجلطة دموية. هي تشبه النوبة القلبية، لكنها تحصل في الدماغ. في العادة، تتشكل الجلطة في شريان مسدود أصلاً لأنه يكبح تدفق الدم. لكن قد تنطلق الجلطة أيضاً من موقع آخر في الجسم وتمر بالدورة الدموية إلى أن تترسخ في وعاء دموي سليم ومتصل بالدماغ.أما الجلطات النزفية، فتُشكّل حوالى 13% من مجموع الحالات وتنشأ حين يتسرب وعاء دموي في الدماغ أو يتمزق، أو يحصل نزيف داخل الجمجمة. يقع نوع آخر من هذه الجلطات داخل نسيج الدماغ.


الأدوية الخافضة للكولسترول السيئ

لا تُعتبر نتائج هاتين الدراستين مهمة بالنسبة إلى من يأخذون الستاتين أو أدوية أخرى خافضة للكولسترول. في التجارب العيادية التي تتمحور حول هذه الأدوية، سجّل المشاركون مستويات أقل بكثير من 70. يوضح جوغليانو الذي أشرف على عدد من هذه التجارب: "في دراسة معينة، راقبنا 975 شخصاً يتراجع لديهم مستوى الكولسترول تحت عتبة الثلاثين طوال ست سنوات. لم نرصد أي زيادة في مخاطر الجلطات الدماغية النزفية لدى هؤلاء الأشخاص". كذلك، لم تتوصل نتائج دراسات كبرى عن أشخاص يأخذون الستاتين إلى أي أدلة على ارتباط تلك الأدوية بزيادة مخاطر الجلطات النزفية. وحتى لو سُجّل ارتفاع بسيط في نسبة الخطر، يتفوق عليه التراجع الكبير في النوبات القلبية والجلطات الإقفارية. يجب ألا يقلق أحد إذاً من ارتفاع خطر إصابته بالجلطات الدماغية بسبب تراجع مستويات الكولسترول السيئ طبيعياً لدى عدد صغير من الأفراد. مع ذلك، يجب أن يحرص الجميع، بغض النظر عن معدل الكولسترول لديهم، على فحص ضغط دمهم وتجنب التدخين والإفراط في شرب الكحول لتقليص خطر إصابتهم بجلطة دماغية.


MISS 3