عماد موسى

سمير عطالله والحب الأخير

26 كانون الثاني 2023

02 : 00

متعة الحياة هنا، رغم سَقطِ البلد، المواعيد ولا شيء آخر. قد يكون الموعدُ مع عصفور يزقزق على شرفتك مع ابتسامة الفجر الأولى، أو يكون موعدك مع أرقام تعدك بالثروة، أو مع سيدة طالعة من فيلم إيطالي أو مع ضحكة طفلة أو مع صديق عاد من السفر ليسافر من جديد... والمواعيد غير المستحبة: الموعد في المصرف، الموعد مع قسط التأمين الصحي. موعد حُبيبات الدواء. الموعد مع طبيب الأسنان. مع الصديق سمير عطالله المواعيد ثابتة. ثماني مرّات في الأسبوع فقط لا غير. أقرأ مقالاته، متذوقاً أدبه، ولو تناول ما هو قليل الأدب في السياسة، غارفاً من منجمه ولغته وقراءاته وأسفاره وثقافته زاداً معرفياً.

وإلى المواعيد التي يضربها كاتب عمود لعماد وآلاف سواه، ثمة مواعيد إستثنائية مع عطالله كقعدة نبيذ "غير صاخبة" او من خلال اتصالات تصل فيها أصداء قهقهات إلى أسماع الراغبين بالتنصت، ومن المواعيد المباغتة صدور رواية، او مؤلّف مضيء على حقبة من التاريخ اللبناني أو كتاب سِير يتناول جنرالات تاريخيين، ليس جنرالنا بينهم، ترى من أين يستورد عطالله الوقت الإضافي ليكتب؟

سآتي بالجواب قريباً.

وفي ما يأتي ومضات من آخر المواعيد.

"ما هي خطيئتي إن كان الحب الاول قد ظهر في عمر الحب الاخير؟" سأل رودريغز دي سيلفا نفسه، بعد حبه العاصف والخاطف للارا اندريا، المذيعة البرتغالية التي نفخت في عروقه في ليلة نادرة "ذلك الدفء الأسطوري الذي يُقال أن نهر التاجو يمنحه للعشاق الجدد". رودريغز هو الراوي، وهوالمدرّس المتقاعد والشاعر شبه المنسي على احد شطآن ليبرداد. هو من "اخترعه" سمير عطالله ومنحه ليلة من العمر، ليلة رأس سنة على جزيرة لا وجود لها على الخرائط، انها جزيرة دوس سانتوس.

برعَ كثير الأسفار في المدن والكتب، في صوغ رواية برتغالية الطعم والتاريخ والقرنفل وموسيقى الفادو. وقبل إنضاج "الرواية" نجح في خداع قرّائه، بنص طويل ادّعى ترجمته وهو أبوه وأمه. النص كان حجر الأساس للرواية.

بعدما فرغت من الرواية القصيرة، بعد ظهر يوم كانوني، تساءلت: ماذا يضيف الناقد على شخصيات مشغولة بحرفية سينمائي من رواد الواقعية؟ ماذا يضيف عاشق على امرأة "يسبقها عطر ويتبعها عطر" ؟ ماذا يضيف شاعر على شعرٍ "يحار أين ينسدل"؟ أي كاتب برتغالي ذهب إلى مثل هذا التشبيه "ديكة مبتذلة، تنام واعناقها مشرئبة، مثل الأدعياء الذين يتباهون بمنديل ملون في جيب سترتهم العليا !"؟ لماذا على الصحافي أن يختصر الكتاب في عمود؟ ألِتشويق القارئ أو لسبب آخر؟ سأكتفي بأن أكون مجرّد دليل ناصح. "ليلة رأس السنة في جزيرة دوس سانتوس" رحلة إلى حلم قصير. أما كلفة الرحلة فبسعر الكتاب فقط لا غير.


MISS 3