ريتا ابراهيم فريد

"الحب أعمى"... قصة حقيقية

14 شباط 2020

13 : 02

حين ينبع ضوء الحب من الداخل، يأتي نقياً صافياً في الجوهر والمضمون. وحين ينظر الإنسان من خلال قلبه، تلامس حواسه أعلى مراتب الشعور.

هي قصة عاشقين كفيفين. فاطمة وربيع اللذان تزوجا في كانون الأول الماضي، ويحتفلان اليوم بأول عيد "فالنتاين" كثنائي متزوّج.

درسا في المدرسة نفسها، لكن بالكاد كانا يعرفان إسمي بعضهما. ومنذ نحو سنتين، أضاف ربيع فاطمة على قائمة أصدقائه على موقع "فيسبوك" (يستعينان بتطبيقٍ خاص لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي) وعرض عليها أن تشارك معه في ماراتون الركض ضمن فريق للمكفوفين، حيث خطّ السطر الأول من قصة حب مقبلة.

فاطمة لم تكن تعلم بأنها قد ضربت الموعد الأول مع قدرها الجميل. إذ أجابت حينها على رسالته الأولى بطريقة "رفع عتب". لكنها استغربت لاحقاً كيف أصبحا يتواصلان بشكلٍ دائم من دون أن يشعرا، ومن دون أن يعرفا لماذا يقومان بهذا الأمر.

بعد شهر التقيا في قهوة. أمسك بيدها. وهنا شعرت فاطمة أن ربيع هو الشخص الذي تريد أن تمسك بيده لكل العمر، وأن تتشارك معه حياتها.

تطوّرت الأحداث وازداد التقارب، حتى وصل بهما الأمر الى الزواج.

"الحبّ هو إحساس ينبع من داخل الانسان، ولا علاقة للنظر بهذا الموضوع أبداً"، يشير ربيع في حديث لـ"نداء الوطن" مؤكداً على أن "قلب الانسان هو الحاكم والحكم فقط". ويتابع : "الحب الحقيقي هو عندما نشعر بالشخص الآخر من خلال أحاسيسنا وقلبنا حتى لو كان بعيداً عنا، وحتى لو كنا عاجزين عن رؤيته". من جهتها، شعرت فاطمة أنّ ربيع يختلف عن كل الناس الذين عرفتهم من قبل، وتقول :"شخصيته مختلفة عن الآخرين. هدوؤه لافت جدا"، وتستطرد مؤكدة : "صحيح هذا هو الحب الأعمى. وعندما يحب شخص أحداً لا يترك مجالاً للتفكير أو لرؤية أي عيوب".


الحب حافز كلّ التحديات


يتساعد ربيع وفاطمة في كلّ الأمور المتعلقة بالمنزل، وفي أمورهما الشخصية أيضاً. يتشاركان المسؤوليات والواجبات، ما يجعل وطأتها أخف. ومن خلال الاستعانة بتطبيقٍ خاص يحدّدان لون ثيابهما. "لا شيء يقف في وجهنا. حين نريد أن نخرج للعشاء مثلاً، نطلب سيارة أجرة ونخبرهم عن حالتنا ونذهب الى المطعم الذي نريد من دون أي مشكلة"، يشير ربيع. وبالنسبة إلى"فالنتاين"، خططا لقضاء بضعة أيام في فندق ليجددا حبّهما ومشاعرهما. من جهةٍ أخرى، لا يخفي ربيع وفاطمة أنّ أهلهما قلقوا في البداية حين صرّحا لهم عن نيتهما بالزواج. "في مجتمعنا يستغرب الناس حصول زواج بين شخصين كفيفين. كثيرون يشعرون بالصدمة حين يعلمون بأننا كفيفان، ويتساءلون كيف نستطيع أن نعيش معاً معتقدين أنّ الأمر بغاية الصعوبة، لكن الحقيقة معاكسة تماماً"، تقول فاطمة التي تعتبر أن الحب بوسعه أنّ يكون الحلّ لكلّ الصعوبات، والحافز لكلّ التحديات، والقوّة لتخطّي كل العقبات. ومن هُنا تصرّح بأنها تفكر مع ربيع بالإنجاب وبتأسيس عائلة. وتؤكد قائلة : "حتى عند الأم المبصرة والأب المبصر يكون الأمر صعباً. فالأطفال مسؤولية كبيرة وغالباً ما يستعينون بشخص ما لمساعدتهم. من هنا أقول إن هذا الأمر طبيعي ونحن سننجب الأطفال كأيّ ثنائي متزوج. وتضيف : "يمكن لأولادنا أن يكونوا عيوننا التي نبصر بها. الطفل الذي ينشأ بين أبوين كفيفين يصبح وجوده مساعداً أكثر".


يتخطى حاسة النظر


لا يخفي ربيع مشاعره أبداً. يعتبر أنّ الحياة تفقد معناها من دون حب، ويؤكّد على ذلك قائلاً: "الحب الحقيقي في القلب وليس في النظر. الجمال يأتي ويذهب. المال أيضاً. لكن وحده الحب الطاهر يبقى الى أبد الآبدين. وأنا أشعر بجمال فاطمة أكثر من أن أراه، وهذا شعور يتخطى حاسة النظر". بدورها تعتبر فاطمة أنّ النظر هو شيء ثانوي أمام المشاعر والحب، "لأنّها أمور لا يمكن أن نعرفها من خلال النظر إنما فقط من خلال الاحساس.


MISS 3