مايز عبيد

الرفاعي إلى مثواه الأخير: جريمة بأبعاد عائلية

27 شباط 2023

02 : 00

جانب من التشييع

كُشف النقاب أخيراً عن قضية اختفاء الشيخ أحمد شعيب الرفاعي، التي ضجّ بها لبنان طوال الأيام الماضية، ورُسمت سيناريوات عدّة حولها، لا سيّما سيناريو الخطف لأهداف مذهبية طائفية، وسط اتهامات البعض للأجهزة الأمنية باختطافه لأنّ الشيخ كان معروفاً بمعارضته للمحور الإيراني في خُطبه، دُحضت جميعها بعد كشف ملابسات الجريمة.

سيناريو واحد كان المثبت، أنّ الرجل خُطف قبل أن يتعرّض لجريمة نكراء أودت بحياته، على أيدي أقربائه، وفي مقدّمهم الإبن الأكبر لرئيس بلدية القرقف يحيى الرفاعي، المدعو علي، والأهداف محلية تتعلّق بخلافات سابقة؛ لا سيّما وأنّ الشيخ الرفاعي كان من أشدّ المعارضين لرئيس البلدية وسياسته منذ سنوات، ولطالما هاجم الأجهزة الأمنية عبر صفحته على الفايسبوك لأنّها لا ترد على الشكاوى التي يتقدّم بها بحقّ رئيس البلدية واتهامه له بوضع اليد على أملاك البلدة العامة، وقد رفع بحقه أكثر من دعوى قضائية لاستخدامه سلطته ونفوذه لمصالحه الخاصة، وثمّة دعاوى متبادلة بين الطرفين، بينما كان ينوي الشيخ أحمد الترشّح للإنتخابات البلدية في حال حصلت كما يؤكد قريبون منه، وكان يجمع حوله معارضي الرئيس الحالي يحيى الرفاعي والمنزعجين من سياسته في البلدة.

عند الساعة الثالثة من فجر الأحد، عثرت القوى الأمنية على جثة الشيخ الرفاعي مدفونة في منطقة قريبة من عيون السمك، في حفرة قدّرت بـ 3 أمتار، وفوقها أكياس وأغصان شجر للتمويه. واستُقدمت جرّافة لحفر المكان الذي دُفن فيه. وفي تفاصيل الجريمة بحسب معلومات أمنية لـ»نداء الوطن»، فقد تعرّض الشيخ أحمد لكمينٍ مُحكم، وفارق الحياة بعد ساعتين تقريباً من خطفه، بعد تعذيبه وإطلاق النار عليه، قبل نقل جثّته إلى منطقة عيون السمك ودفنه في الحفرة التي أعدّت مسبقاً لهذه الغاية، بما يشبه التخطيط الإحترافي والمؤامرة التي أخذت وقتاً لترتيبها.

وصلت جثة الرفاعي إلى منزله في القرقف عند الساعة 3 بعد الظهر تقريباً، وخرج الناس لملاقاتها، مستنكرين الجريمة البشعة التي ارتكبها أقرباؤه بسبب خلافات اجتماعية على قضايا تتعلّق بالبلدية وبمشاعات في القرية تعود لسنوات وكان الشيخ الرفاعي يعارضها باستمرار. وبقيت القرقف في حال ترقّب ولم تحصل أي ردود فعل غاضبة باتجاه منازل وممتلكات عائدة لرئيس البلدية رغم أنّ نجله علي اعترف بتنفيذ الجريمة بمساعدة أشخاص من أقربائه.

وأقيم للراحل مراسم تشييع شعبية وسط محبّيه وقد قدّروا بالمئات وغصّت بهم شوارع وطرقات وأزقّة القرقف، حيث انطلق الجثمان من منزل ذويه، بعدما استلمه ذووه من مستشفى طرابلس الحكومي، وقد أقيمت عليه الصلاة في جامع الشيخ أحمد الرفاعي الكبير، قبل أن ينطلق الموكب إلى جبّانة القرقف القريبة، حيث ووري الجثمان الثرى وسط إطلاق أعيرة نارية كثيفة.

وكان الجيش اللبناني نشر عناصره وآلياته في القرقف اعتباراً من بعد ظهر السبت وضرب طوقاً أمنياً حول مبنى مدرسة ومجمع الأندلس الذي يملكه رئيس البلدية وحول منزله أيضاً. وطالبت العائلة بالقصاص العادل للقتلة في حين صدر عن شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي بيان إضافي أكدت فيه أنّه «وفي إطار التحقيقات المجراة من قبل شعبة المعلومات في الجريمة، تمكّنت من توقيف جميع المتورطين وعددهم 5 أشخاص جميعهم من عائلة الرفاعي، قاموا بتنفيذ عملية الخطف والقتل والدفن بعد تقسيم الأدوار في ما بينهم ضمن خطة قام رئيس بلدية القرقف الشيخ (ي. ر.) ونجله (ع. ر.) بإعدادها ميدانياً ولوجستياً منذ حوالى الشهر، بعدها تمت الاستعانة بـ 3 أشقّاء من أقاربهما وهم: (ع. ر.)، (ي. ر.)، (ا. ر.) لتنفيذ عملية الخطف. فيما تبيّن أنّ باقي الموقوفين وهم اللبنانيون: (م. م.)، (خ. ر.)، (م. ر.) نجل رئيس بلدية القرقف، (و. ب.) ليسوا على علاقة أو علم بالجريمة، وتمّ إخلاء سبيلهم بناء على اشارة القضاء المختص. وبعد تفتيش منزل رئيس بلدية القرقف، عُثر على مستودع يحتوي على كمّية كبيرة من الأسلحة المتوسطة والقذائف والذخائر والصواعق والقنابل والمتفجّرات نوع (اي ان اي) تمّت مصادرتها تمهيداً لإجراء التحقيق بشأنها بالتنسيق مع القضاء المختصّ».


MISS 3