جورج بوعبدو

رندة كعدي: ليس هناك أجمل من أن يُكرّم المرء في وطنه

4 آذار 2023

02 : 02

«نداء الوطن» إلتقت الممثلة القديرة رندة كعدي التي علّقت على تكريمها ضمن فعاليات «بيروت الدولي لسينما المرأة» ومواضيع أخرى خصّت بها الدراما اللبنانية والنقابات الفنية.



فور علمنا باختيارك لتكوني مكرّمةً، راودنا شعور يردّ الروح لممثل لبناني إجتهد وقدّم وأفنى عمره في خدمة الدراما من جهة، وازداد إيماننا بشريحة من المنظّمين الجادّين المصرّين على رفع مستوى السينما وإعادتها إلى مكانها الصحيح من جهة أخرى. كيف تصفين لنا شعورك حيال هذا الأمر؟

احتلّ هذا الخبر مكانة خاصّة في قلبي، فليس هناك أجمل من أن يكرّم المرء في وطنه وبين أحبّائه.

نحن جيل من الممثلين عانى الأمرّين، تعبنا كثيراً في حمل قضيّة الدراما اللبنانية، ولم نستطع تنفيذ رؤيتنا كما خطّطنا لها لعدم تأقلمنا مع الجيل القديم في صناعة الدراما وهذا ما أخّرنا ومنعنا من تنفيذ ما نطمح إليه من أعمال وأدوار. ناهيك عن الأزمات المتتالية والحروب التي أثقلت كاهلنا، فلم يكن لدينا متنفّس سوى "تلفزيون لبنان" و"المؤسسة اللبنانية للإرسال"... فوسائل الإعلام كانت قليلة والإنتاج كان ضئيلاً ولا مجالات متاحة للجميع.

كذلك، غزت الدراما الأجنبية المدبلجة بيوتنا فأصبحنا بذلك سجناء المنزل، وهذا ما أبعدنا عن الساحة لسنوات. باختصار الدرب لم تكن معبّدة كما يجب، واليوم أشكر القيّمين على مهرجان "بيروت الدولي للسينما المرأة" لمنحي هذه الثقة بعد سنوات من الكدّ والتعب والتضحية.

أين أصبحت القضية التي تشبّثت بها لسنوات. وهل ما زالت الدراما اللبنانية تشبهنا؟

خضت تجارب كثيرة في أعمال درامية مختلطة لاقت نجاحاً عربياً منقطع النظير. ولكن أين نحن من هذا؟ أين الدراما اللبنانية التي تشبهنا وتلمس واقعنا؟ اليوم، أصبحت الأعمال تجارية بحتة لا تحاكي المجتمع. أكثر ما يحزّ في قلبي أننا بارعون كممثلين لبنانيين في مسلسل أساسه أجنبي. وهذا ينطبق أيضاً على الممثل السوري والدراما السورية.

الفن رسالة، نهدف من خلالها إلى توصيف حالة المجتمع وملاحقة القضايا الصغيرة منها والكبيرة وطرحها على الشاشة أمام الرأي العام وإلا فلن نكون مرآة لمجتمعاتنا.

مررت في حقبة ذهبية إذ شكلت لك الشاشة الصغيرة جسر عبور إلى جمهور عريض أحبّك في مسلسل "أحلى بيوت راس بيروت" للكاتب الراحل مروان نجّار. ماذا يعني لك هذا العمل وهل نحن بحاجة الى نوع كهذا من الأعمال اليوم؟

كم نحن بحاجة الى عمل لبناني يحمل القضية اللبنانية مثلما حملها مسلسل "أحلى بيوت راس بيروت"، فكلّما أعيد عرضه شاهده الناس وتعلّقوا به من جديد، وهذا ليس لأنني ممثلة بارعة استطاعت نيل استعطافهم فحسب، بل لأن كلّ شيء كان يشبهنا كلبنانيين من النواحي كافة.

هل سألت نفسك لماذا أتى هذا التكريم الآن. هل تفاجأت به؟

لست أدري لماذا لم تتح لي فرص المشاركة في أعمال كثيرة لا سيّما السينمائية منها، وكان لي أخيراً مشهد منفرد أي لمحة قصيرة بفيلم "الحلال" مع المخرج أسد فولادكار، مع العلم أنني خضعت لجلسات "كاستينغ" كثيرة. هذا لا ينفي حضوري ومحبة الجمهور لي في أدوار الأم التي لعبتها وكنت مثالاً للمرأة والأم المهمّشة التي تشكل نصف المجتمع والتي كسرت من خلالها الصورة النمطية للمرأة. أنا متفاجئة اليوم من هذا الإختيار الذي أفرحني كثيراً وجنى لي أخيراً ثمار جهود وتضحيات بذلتها في سبيل الدراما.

ماذا تعني لك كلمة نجمة والألقاب التي ترمى على الممثلين، هل تقع في مصلحتهم أو هي سيف ذو حدّين؟

غريبة هذه الألقاب، فلبّ الدراما يتمثل بالعمل الجماعي لإنجاحها، لا بصناعة نجم والإهتمام به لامتلاكه مواصفات جمالية لا تمثيليّة. أنا أعارض وبشدّة إطلاق لقب نجم على أي من الممثلين لأنني بذلك أكون قد أضعت له مستقبله. فالكثير من الممثلين أخذتهم الشعارات وأضواء الشهرة وباتوا يرفضون العروض وبهذا يكونون قد فقدوا جوهرهم وبريقهم.

لماذا يختفي في لبنان بريق الممثل الناجح مع تقدّمه في السنّ؟

بعض المنتجين لا يبحثون جدّياً عن الممثل الهرم المخضرم بل يريدون الشاب عارض الأزياء والشابة الجميلة، فالأدوار القديمة التي تصنع التغيير في المجتمع تغيّرت وباتت الأخرى السطحية مسيطرة. وكلّما تقدّمنا في السن وازدادت خبراتنا التمثيلية وضعنا المنتجون جانباً على عكس دولة مصر العربية، حيث نرى يسرى مثلاً وغيرها من النجوم الذين لا يزالون في الصفوف الأمامية مكرّمين وموجودين بقوّة.

ماذا تتمنّين من القيّمين على الدراما اللبنانية؟

أن نرى جيلاً شاباً يجيد الكتابة وصناعة السيناريو والحوار، وأن تصبح الدراما اللبنانية جزءاً من الإقتصاد كونها قطاعاً يعوّل عليه ويؤمن فرص عمل لشريحة كبيرة من الممثلين والمخرجين والتقنيين.

نرى اليوم مسلسلات مشتركة قلّما نجد فيها ممثلاً لبنانياً. هل فقد لبنان مكانته الدرامية؟

ألوم الدولة والنقابات التي يجب عليها تأدية دورها كما يجب من خلال تأسيس بنى تحتية للعمل الدرامي وفرض الممثل اللبناني على المنتجين الذين يعملون على أرضنا. لم نلمس حتى الساعة أيّ تحرّك فعليّ من أي نقابة معنية وكل الجهود التي يتكلّمون عليها غير موجودة أصلاً، وعلى وزارة الثقافة التحرّك قبل فوات الأوان.





MISS 3