جاد حداد

Johnny... علاقة مميزة بين كاهن وسجين سابق

12 نيسان 2023

02 : 01

في الفيلم البولندي الجديد Johnny على شبكة "نتفلكس"، يطرق الموت على باب بطل القصة، حين يصاب كاهن يدير جناحاً للمسنين بالسرطان. لكن بدل الاستسلام واحتساب أيامه المعدودة، يعطي هذا الرجل الحياة إلى شخص بحاجة إلى المساعدة.

هذه الأحداث مقتبسة من قصة حقيقية، وهي مناسبة لعرض هذا النوع من الأفلام على الشاشة. يجب أن يقدّم "باتريك" (بيوتر تروجان) خدمات اجتماعية طوال 360 ساعة في مركز للرعاية بالمسنين بعد إطلاق سراحه من السجن بسبب اتهامه بالسرقة. في المقابل، لا يملك الكاهن "جان كاتشكوفسكي" (داويد أوغرودنيك) إلا ستة أشهر تقريباً للعيش بعد إصابته بحالة حادة من مرض السرطان. يكون هذان الرجلان مختلفَين على جميع المستويات، لكن سرعان ما يجدان نقطة مشتركة وسط ظروفهما الإيجابية والسلبية المتداخلة لفهم معنى الحياة. كما يحصل في معظم الأعمال المعروضة على الشاشة، تسمح الصعاب بتطوير الشخصيات والروابط التي تجمعها دوماً.

قد يرصد محبو السينما البولندية نقاط تشابه بين هذا العمل والفيلم البولندي Corpus Christi (جسد المسيح) الذي ترشّح عن فئة أفضل فيلم دولي، في العام 2019. يتطرق الفيلمان إلى مواضيع مثل الدين والتوبة من منظور مجرم يسعى إلى بدء حياة جديدة. قد تعطي أعمال مثل الفيلم الموسيقي Les Misérables (البؤساء) و Living (العيش) فكرة عن نوع المواضيع التي يطرحها هذا الفيلم حول أهمية عيش حياة صالحة.

قد تكون توبة "باتريك" مألوفة بدرجة معينة، لذا يحصل داويد أوغرودنيك بدور "جان" على فرصة التألق كونه يخوض رحلة أكثر تعقيداً ومليئة بالتناقضات. تظهر عليه ملامح الرقي والنُبل على مر الأحداث، لكنه لا يقع في فخ المثالية المفرطة أو التضحية بالذات بدرجة مزعجة. بعبارة أخرى، لا يخسر أوغرودنيك في أي لحظة الخصائص التي تجعل شخصيته واقعية في الظروف السيئة واللحظات الإيجابية.

لكن يفتقر الفيلم في المقابل إلى التماسك لأنه لا يُحدد بطل القصة الحقيقي: هل هو "باتريك" أم "جان"؟ ستكون رحلتهما متداخلة ومصيرهما متشابكاً، لكنّ الحبكة الفردية الخاصة بكل شخصية منهما تتنافس لفرض نفسها على أحداث القصة. قد يصبح هذا التنافس مُضللاً أحياناً لأن قصة التوبة تحافظ على طابع بسيط. كذلك، قد يقع الفيلم في فخ الابتذال عند التطرق إلى القديسين والخطأة، لكنه لا يبالغ في تقديم محتوى ديني من خلال إضفاء طابع أخلاقي على جميع المواضيع أو استعمال أسلوب الوعظ المباشر. لا يبتعد الفيلم عن مشاكل الحياة ومفهوم الموت والخلاص، وهو يستفيد أيضاً من حيوية المخرج دانيال جاروسيك الذي يخوض تجربته الإخراجية الأولى بعد تقديم عدد من الأغاني المصوّرة. هو يبتكر الطرق المناسبة للتعبير عن روح الفيلم الانفعالية والقوية وتحويلها إلى مؤثرات بصرية شاعرية يسهل أن تلفت أنظار المشاهدين. يوحي عمل جاروسيك بأنه قادر على إخراج فيلم ضخم يوماً إذا حصل على سيناريو يضاهي موهبته.

أخيراً، يُحوّل الفيلم شخصيات وسيناريوات مألوفة إلى قصة مؤثرة عن المسامحة. سيكون الجانب الروحي الطاغي عليه كافياً لتجاوز عيوبه، ويأتي أسلوب الإخراج المُلهِم ليضفي عليه لمسة ساحرة.