سيلفانا أبي رميا

"صادق... بريشتو" في USEK... بيار صادق حيّاً في معرض

19 نيسان 2023

02 : 01

بمناسبة الذكرى العاشرة لرحيل أيقونة الفنّ الكاريكاتوري وصاحب الريشة الساخرة التي رسمت يوميّات ومعاناة كل لبناني، إنطلق أمس في مقرّ مكتبة "جامعة الروح القدس- الكسليك" (حتى 18 تشرين الأول المقبل)، معرض "صادق... بريشتو" Lebanon: A Caricature History الذي يضمّ مجموعةً من أشهر أعمال الفنان الكاريكاتوري الراحل بيار صادق.



على مدى 50 عاماً متتالية، بين صحف ونشرات الأخبار، كان اللبنانيون يترقّبون بفارغ الصبر ما ستعرضه ريشة بيار صادق المبدعة حول مواضيع حفرت تاريخ لبنان بدءاً من الوجود الفلسطيني والاجتياح الإسرائيلي ومحاربته من قبل الرقابة اللبنانية، إضافةً إلى عهود رؤساء الجمهورية ومعاناة الجنوب والحرب اللبنانية، وصولاً إلى عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري وما إلى ذلك من أحداث لبنانية وعربية وعالمية لافتة.

ولطالما عكست رسوم الفنان الراحل ذات الأبعاد السياسية والاجتماعية الواقع، وتميّزت تعليقاته باللعب على الكلام الذكي والسخرية اللاذعة. كما عبّر عن وجهة نظر المواطن كما يراه بزيّه التقليدي القروي، من دون أن يترك طرفاً سياسياً إلا وانتقده، فاستطاع أن يكون وبجدارة من روّاد الكاريكاتور بعد ديران عجميان وخليل أشقر.

صادق الذي غادرنا في نيسان 2013 عن عمر يناهز الـ76 عاماً بعد صراع مع المرض، ترك وراءه أعمالاً يفوق عددها الـ30 ألف رسم، ومنذ رحيله حتى اليوم، كرّمه لبنان بسبعة معارض مختلفة كان آخرها هذا المعرض الذي نظّمته مكتبة "جامعة الروح- القدس" بالتعاون مع "مؤسسة بيار صادق" ومركز "فينيكس للدراسات اللبنانية"، الذي سبق ووقّع إتفاقيةً مع ورثة الراحل في العام 2017 تنصّ على اهتمام المركز بكل أعمال صادق ومقتنياته والحفاظ عليها كما وتبويب وتصنيف وترقيم أرشيفه وتصويره رقميّاً ليصبح بمتناول الجميع، بحسب رئيسة قسم إدارة الوثائق في مركز "فينيكس" عبير الخويري فهد.

وفي حديث مع "نداء الوطن"، شدّدت فهد على أن الهدف الأساسي من المعرض هو تكريم هذه الشخصية التاريخية التي رحلت عنّا تاركةً أثراً لا تمحوه الأيام ورسومات تحمل ألف رسالة ورسالة وتحاكي معاناة كل لبنانيّ وأفراحه وأحزانه ، وقالت إنّ: "المعرض يستهدف بشكلٍ أساسي الجيل الصاعد الذي لم يُعطَ فرصة العيش في حقبة بيار صادق ولا متابعة إبداعاته اليومية التي لطالما أضحكتنا وأزالت عن كاهلنا أعباء سياسية واقتصادية وطائفية مؤلمة، فنحن نؤمن بأن أبناء المستقبل لا بدّ لهم أن يتعرّفوا إلى هذا الفن الذي يحمل قوة وسلطة خفيّة وينطق بلسان الكثيرين".

أما عن سبب اختيار "صادق... بريشتو" عنواناً للمعرض فقالت إنّه: "يوصف بيار بريشته الصادقة التي لطالما قالت الحقيقة مهما كانت. وكان يأتمن ريشته على نقل وجع الناس وصور الفساد ونقد المسؤولين عند الحاجة".

ويتضمّن المعرض نحو 38 عملاً للفنان المحبوب، تمّ اختيارها بعناية من ضمن المجموعة الكبرى التي يحتضنها "فينيكس"، منها ما نُشر في الصحف المحلية ومنها ما عُرض على شاشات التلفزيون منذ أوائل الستينات إلى حين وفاته. وتضيف فهد: "حرصنا كذلك على عرض عددٍ من الأوسمة التي تقلّدها والجوائز التي نالها خلال مسيرته الطويلة. هدفنا إبقاء أعمال صادق تحت الضوء، مزوّدين من خلالها جيل الشباب بفكرة شاملة وعميقة عن تاريخ لبنان الحديث".







وأكدت أن المعرض سيستمرّ حتى 18 تشرين الأول المقبل، بشكلٍ مجاني، وستكون خلاله الأعمال معروضة على مرأى كل من يقرّر زيارة المكتبة، ليتسنّى للجميع رؤيتها والتمعّن بها ومحاكاتها.

وعمّا يميّز المعرض فأشارت الى أنّه "يسلّط الضوء على مجموعة مميزة للراحل حيث حرص المنظّمون على أن تحتوي على مواضيع الساعة وتحكي قصصاً لا نزال نعيشها حتى اليوم وأحداثاً وخلافات لم يبدّلها الزمن، فما قاله صادق وما انتقده لا يزال هو هو في حياة اللبنانيين اليومية".

ولأنّ الكاريكاتور فنّ قديم ونادر، كما أنه لغة عالمية يمكن فهمها والاستمتاع بها على مستوى سكّان الكرة الأرضية، تحرص الجامعة، بحسب فهد، على نقل خصائصه عبر ريشة مبدعٍ غادرنا، فيكون المعرض ملاذاً لمحبّي هذا الفن الساخر وأرشيفاً ملموساً في خدمة الباحثين والطلاب. وختمت حديثها بدعوة كل لبناني لزيارة المكتبة والتمتع بما يقدّمه المعرض من ريشة، بقي صادق وفياً لها حتى النهاية، ووثائق حية تصلح لإسقاطها على الزمن الحالي.


MISS 3