أدوية القلب والكلى لا تزيد مخاطر الكورونا

05 : 10

تتداول مواقع التواصل الاجتماعي في الفترة الأخيرة فكرة مفادها أن أدوية القلب والكلى قد تجعل الناس أكثر عرضة لفيروس «كوفيد - 19»، لكن يعارض تقرير طبي جديد هذه الفرضية.

يدعو الخبراء الناس إلى متابعة أخذ أدوية الضغط والكلى التي وصفها لهم الأطباء، لأن التوقف عن أخذها قد يُعرّضهم لارتفاع ضغط الدم وفشل القلب الاحتقاني وأمراض كلوية زمنة.

كان جان دانسر من قسم الطب الداخلي في "مركز ايراسموس الطبي" في "روتردام"، هولندا، المشرف الأول على التقرير الذي نُشِر في مجلة "ارتفاع ضغط الدم" الصادرة عن "جمعية القلب الأميركية".

شارك في التقرير أيضاً موري إبستاين من قسم أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم في كلية "ميلر" الطبية في جامعة ميامي، فلوريدا، ودانيال باتل من قسم أمراض الكلى وارتفاع ضغط الدم في كلية "فاينبيرغ" الطبية في جامعة "نورث وسترن"، شيكاغو.

أدلة غير متماسكة

يوضح دانسر وزملاؤه في تقريرهم أن الفكرة المرتبطة بزيادة مخاطر فيروس كورونا الجديد ومضاعفاته وحالات الوفاة المرتبطة به نتيجة أخذ بعض أدوية القلب والكلى ظهرت حين اتّضح أن مستقبلات الأنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين 2 تُسهّل دخول الفيروس إلى الخلايا السليمة.

إفترض باحثون سمّاهم دانسر وزملاؤه في تقريرهم أن أخذ حاصرات نظام الرينين أنجيوتنسين، لا سيما النوع الأول من حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين 2، قد يرفع خطر الإصابة بشكلٍ حاد أو قاتل من «كوفيد - 19».

تشير حاصرات نظام الرينين أنجيوتنسين إلى الأدوية التي يستعملها الأطباء لمعالجة ارتفاع ضغط الدم. أما النوع الأول من حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين 2، فهو يعالج ارتفاع الضغط أيضاً وقصور القلب وأمراض الكلى وحالات أخرى.


يتكلم الخبراء في تقريرهم عن دراسات أثارت المخاوف من احتمال أن تتوسع مخاطر فيروس «كوفيد - 19» الحاد بسبب علاجات معروفة لارتفاع الضغط. لكنهم اكتشفوا أن الأدلة التي تدعم هذه الفكرة غير كافية.

لكن نتيجة نشر هذه المعلومة على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي وتعميم معلومات طبية غير دقيقة على نطاق واسع، توقف البعض عن أخذ أدويته.

في ظل توسّع الارتباك والهلع في الأوساط الطبية راهناً، يبرز السؤال التالي: كيف يؤثر نظام الرينين أنجيوتنسين على الأنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين 2؟

يوضح الخبراء: "زاد ارتباك مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي وعامة الناس بسبب الميل إلى الخلط بين مثبطات الأنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين ومثبطات الأنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين 2".

إنهما نوعان مختلفان من الأنزيمات وتختلف مواقع نشاطهما أيضاً، ولن يؤثر مفعول النوع الأول على نشاط النوع الثاني بما ينعكس على طريقة التقاط فيروس كورونا الجديد.

لكن يذكر الخبراء مجموعة "تقارير محدودة" ارتكزت على نماذج حيوانية وكشفت أن النوع الأول من حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين 2 قد يؤثر على نشاط الأنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين 2 في القلب والكلى. لكن تبقى هذه النتائج متفاوتة وتختلف بحسب نظام الرينين أنجيوتنسين والأعضاء المستهدفة وتتطلب جرعات مرتفعة جداً من الدواء.

يكتب العلماء: "حتى لو كانت زيادة استجابة الأنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين 2، تحت تأثير النوع الأول من حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين 2، في الدراسات الحيوانية تنطبق على البشر تزامناً مع أخذ جرعات مرتفعة من الأدوية، لن تكون هذه العوامل كافية لتسهيل دخول فيروس كورونا الجديد".

راجع الخبراء أكثر من 29 دراسة وأكدوا في النهاية على عدم تماسك النتائج. يوضح إبستاين: "يتخذ الناس خطوة غير مبررة. منطقياً، إذا كان الدواء يسهّل اختراق الفيروس للجسم، يعني ذلك أنه يزيد خطر الإصابة بالمرض. لكنه استنتاج خطير. كانت نتائج الباحثين متفاوتة جداً وتوقفت على الأعضاء الخاضعة للدراسة والنماذج الحيوانية التجريبية واستعمال النوع الأول من حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين 2 في الدراسة. باختصار، ما من معايير متماسكة في هذه المراجع. كل ما نستطيع استنتاجه بناءً على البيانات المعروفة هو عدم وجود أدلة وافية على زيادة مخاطر "كوفيد - 19" بسبب النوع الأول من حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين 2".

في المقابل، يؤدي وقف العلاج بالنوع الأول من حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين 2 ومثبطات الأنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين إلى أضرار هائلة، لا سيما في ظل الضغوط التي تتعرض لها أنظمة الرعاية الصحية في كل مكان اليوم.

في النهاية، يستنتج إبستاين: "قد نصبح أمام مأساة مزدوجة نظراً إلى استنزاف موارد جميع المستشفيات ووحدات العناية المشددة. هذا الوضع سيزيد أعباء المراكز الطبية والمستشفيات وقد تتخذ حالات المرضى منحىً مأسوياً بالفعل".


MISS 3