"يضطرب منير (سنتان ونصف) حالما يدخل إلى عيادة الطبيب، ثم يفقد صبره في غرفة الانتظار ويتّجه إلى المَخْرج بشكلٍ متكرر. سرعان ما تبدأ الأزمة الحقيقية عندما يناديه الطبيب، فيصرخ ويركل في جميع الاتجاهات. هو يخاف من طبيب الأطفال لدرجة أن يحتاج إلى شخصَين لخلع ملابسه وتثبيته أثناء الفحص الطبي. إنها لحظات صعبة له ولعائلته وللطبيب أيضاً".
تتعدد الأسباب التي تفسّر هذا الهلع. خلال أول سنتين من عمر الطفل، غالباً ما ينتهي الموعد الطبي بتلقيه لقاحَين. وبالإضافة إلى هذه المواعيد المبرمجة، لا مفر من أن يواجه الطفل مشكلة صحية في مرحلة معينة ويشعر بالألم بسبب التهاب الأذن، أو الخناق الصدري، أو التهاب المعدة والأمعاء... يحتفظ الطفل بذكرى ذلك الألم، ثم يربطه لاحقاً بزيارة الطبيب.
كلّميه لتبديد مخاوفهلا ينسى الطفل الانزعاج الذي يشعر به إذا أصيب بحالات متكررة من التهاب الأذن مثلاً. يمكنك أن تبددي مخاوفه عبر التكلم معه صراحةً. بدءاً من عمر السنتين أو الثلاث سنوات، يتذكر الطفل الأماكن والوجوه والأحداث. من الأفضل إذاً ألا تفاجئيه وتضعيه أمام الأمر الواقع. قبل الموعد مع الطبيب، اشرحي له وجهته وسبب ذهابه إلى العيادة وما سيفعله هناك. يبقى التواصل مع الطفل من أهم عوامل النجاح، ويكون اختيار الكلمات مهماً أيضاً: ركّزي على الجوانب الإيجابية وأخبريه مثلاً بأن الطبيب يريد التأكد من صحته الجيدة. إذا لم يتفاجأ الطفل بما ينتظره، يمكنه أن يستبق الأحداث أو يشارك في الفحص عبر رمي خافض اللسان في سلة المهملات مثلاً.
لا تكذبي عليهيمكنك أن تفصّلي مسار الموعد الطبي وخطوات الطبيب بكلمات بسيطة، أو استعملي كتاباً حول هذا الموضوع لشرح ما ينتظره. يحتاج الطفل إلى معرفة تفاصيل الموعد، واضطراره لخلع ملابسه، ونزع حفاضه، أو فحص منطقته التناسلية عند الحاجة. يعرف الطفل تفاصيل جسمه ومن حقه أن يطّلع على طريقة فحصه. لا يعني ذلك أنه سيوافق على مقابلة الطبيب بسهولة، إذ يمرّ الطفل في هذا العمر بمرحلة الاعتراض على كل شيء. خلال حوارك معه، سيخبرك حتماً بأنه لا يرغب في رؤية الطبيب. لكن لا تتفاوضي معه بل أبلغيه بأنه سيذهب في مطلق الأحوال واشرحي له أهمية هذه الخطوة. سرعان ما يرضخ الطفل بعد لحظات. في جميع الأحوال، لا تكذبي عليه لأي سبب! على صعيد آخر، قد تستفيدين من تحويل الموعد الطبي المرتقب إلى لعبة ممتعة. يحب الصغار تقليد الطبيب، وقد تساعدهم هذه اللعبة على استرجاع الهدوء والتحكم بوضعهم. باختصار، يجب أن يستعد الطفل مسبقاً لما ينتظره لتجاوز موعد الطبيب بأفضل طريقة.
