العميد المتقاعد مارون توفيق خريش

كيف تتحوّل الإنتخابات إلى أزمة نظام؟

11 تموز 2023

02 : 00

قبل أن نطرق صلب الموضوع، لا بدّ من الإشارة إلى معنى بعض المفردات التي ستستخدم في سياق المقال.

أولاً، الأزمة. فهي حسب التحديد الأحدث لها في موسوعة ويكيبيديا تكون ناتجة عن حدث طارئ غير متوقع ولا محسوب، ويكون هذا الحدث داهماً وفوق طاقة النظام على استيعابه ومعالجته بالوسائل المتاحة. ومن أسباب تفاقم الأزمات، الإفراط في الثقة غير الواقعية، واستمرار خداع الذات بالتفوق، فضلاً عن سوء تقدير قدرات الطرف الآخر والتقليل من شأنه، ما يسفر عن سوء تقدير للموقف برمته.

ثانياً، النظام. فهو مجموعة المؤسسات السياسية التي تكوّن الحكومة وتنظّم عملها. وهو بالوقت نفسه مجمل التصرفات الدستورية والقانونية والإدارية والسياسية التي تقوم بها المؤسسات من خلال الأفراد، لكي تنتج انتظاماً عاماً يؤدي إلى الإستقرار العام في كل القطاعات.

فكيف ندّعي بأن لدينا أزمة في انتخاب رئيس للجمهورية؟ فالانتخابات لها موعد محدد وإجراءات دستورية واضحة، وفي حال عدم مخالفتها يمر الاستحقاق بشكل طبيعي. ومن هنا، يمكن الاستنتاج أنّ تصرف الحاكمين الذين منحهم الشعب الوكالة، ليس حسبما يقتضيه النظام بل بما تقتضيه مصالحهم الشخصية والفئويّة. وهم يفاقمون الحال بخداع أنفسهم وخداع الناس ويعتبرون انهم متفوّقون على الآخرين.

والحل واضح ويقضي بتطبيق المادة 49 من الدستور وجمع المجلس والشروع بالانتخاب في دورات متتابعة إلى أن يحصل أحد المرشحين على الأكثرية أي النصف زائداً واحداً. فلا لزوم للدعوة إلى حوار للاتفاق على اسم الرئيس لأنّ الدستور لا ينص على ذلك. والواضح أنّ الطريقة التي يتبعها رئيس مجلس النواب نبيه بري ونواب «الممانعة» لن تفضي إلى إنتخاب رئيس، إلا إذا اذعن الطرف الآخر لإرادة رئيس المجلس وفريقه وحلفائه كون هؤلاء سوف يعمدون بعد كل دورة أولى إلى تعطيل «النصاب المزعوم».

وبما ان الدستور ينص على أنّ مجلس النواب هو السلطة الصالحة لتفسير نصوصه فليعمد المجلس بالطرق الدستورية قبل بدء دورات الإنتخاب إلى طرح الموضوع والبتّ به بالتصويت عليه، وذلك لأنّ هذا الأمر لا يعتبر من باب التشريع بل من باب النظام المتعلق بعقد الجلسة وحسن سير العملية الانتخابية. عندها فليخرج من القاعة من يخرج لأنّ الحصول على النصف زائداً واحداً أي 65 صوتاً سيكون كافياً للفوز. بغض النظر عن عدد النواب المتواجد في القاعة.

المسألة متعلقة بالديمقراطية وبتطبيق الدستور، فنص الدستور واضح وحُكم التعطيل بالثلث لا يمت إلى الديمقراطية بصلة.

وما يحصل الآن هو افتعال أزمة نظام دون محاولة تطبيقه وترسيخ النظام الطائفي لأجيال وأجيال وجر البلاد إلى نزاعات دائمة.


MISS 3