عماد موسى

من إليسا إلى نسناس

17 نيسان 2020

10 : 00

العام 1054 وقع الطلاق بين الكنيستين الغربية والشرقية في القسطنطينية. وصار لنا، نحن الأرثوذكس، جمعة آلامنا وسبت نورنا وفصحنا المجيد، كما انفرد إخوتنا الكاثوليك والموارنة بفصحهم وأحد شعانينهم. وجامعنا المشترك كلبنانيين فيروز حين ترتل باليونانية.

وشكّل سقوط القسطنطينية،عاصمة الأمبرطورية البيزنطية في العام 1453 نهاية حقبة مسيحية، وتاريخاً مفصلياً على الصعيد الإسلامي والعالمي، وصار يُكتب قبل سقوط القسطنطينية وما بعدها.

كما أن نهاية الحرب العالمية الأولى في العام 1918 كانت نقطة تحول في التاريخ المعاصر، فما قبل ذاك العام شيء وما بعده شيء مختلف.

وليست الحروب وحدها التي تقسم التاريخ والحقبات بين "قبل" و"بعد". فقد عاش أجدادنا والآباء ونحن لاحقاً تتابع عصور الترامواي والسيارة والطائرة والميترو والصاروخ، وعاشوا وعشنا قبل الطاعون وبعده وقبل الجراد وبعده وقبل الحمى المالطية وبعدها وقبل الكوليرا وبعدها، وها نحن نعيش ما بين حقبتين: قبل الكورونا وبعدها، ولكل حقبة سماتها.

قبل الكورونا كنّا نشكر الله أن ثورة 17 تشرين حصلت في عهد العماد عون وإلا ما كنا لنعرف وين رح نصير.

بعد الكورونا ( والمقصود معها) صرنا نشكر الله أن الكورونا لم "تضربنا" في عهد الياس سركيس.كنا متنا.

قبل الكورونا كنّا نخاف من قذيفة، من غارة، من حادث سيارة، من هزة أرضية، من اجتياح، من رصاص ابتهاج.

في زمن الكورونا أبو الغضب، بشحمه ولحمه وعضله وشراسته، يرتعب من عطسة.

قبل الكورونا مجموع تعويضك لآخرتك.

بعد الكورونا مجموع تعويضك جاب آخرتك.

قبل الكورونا، كنا نشاهد جبل شيخ الجبل في "الهيبة".

في زمن الكورونا صرنا نكتفي برؤية الهيبة في جبل.

ما قبل الكورونا بزمن بعيد ارتفعت المتاريس والحواجز، بين الأحياء والمناطق، في زمن الكورونا حواجز من نوع آخر: عالمطبخ ما بتفوت. عالصالون ما بتقطعي.

قبل الكورونا كان البوليس يسأل عن الميكانيك، مع الكورونا بيسألك عن الكمامة.

قبل الكورونا كان المؤمنون يقفون بخشوع أمام مزارات مار الياس والقديسة رفقا بعد الكورونا صاروا يصلّون أمام ATM بلوم، وSGBL ومعبد BBAC

ما قبل الكورونا كل يومين كيس زبالة.

في زمن الكورونا كيسان كل يوم.

قبل الكورونا كنت اعتدت مشاهدة نشرة الثامنة عالـ " أل بي سي" مع الكورونا صرت أشاهد نشرتين: نشرة الأخبار ونشرة ندى أندراوس عزيز بقلب النشرة.

قبل الكورونا ومع الكورونا وبعدها كانت الأحلام، وتبقى مباحة للجميع، فقراء وأغنياء، مع الفارق أن "قبل" الكورونا، كنا يا صاحبي نحلم، ربما، بإليسا أو بآن هاثاوي أو بإحدى جميلات جيمس بوند، مع الوباء صرنا جميعنا نحلم بالتتالي: ليلة بروي نسناس وليلة بمي خريش وليلة الأحد نحلم بالجنرال الياس حنا.


MISS 3