تجدّد بيروت موعدها مع ملتقى الشباب السنوي الذي أطلقه أستاذ المسرح ناجي صوراطي عام 2012 على خشبة «مسرح المدينة». وينطلق «مشكال» بدورته الـ11 في 11 أيلول المقبل، ليجمع كبار الساحة الفنية مع صغارها بين زوايا الطرب والرسم والكوميديا والمسرح، بعزيمة سيدة المسرح التي تتمسّك برسالتها غير آبهة بسوداوية المشهد السياسي والإقتصادي. وتحت عنوان «لِعب كبار»، يجتمع هؤلاء لتحفيز الهواة على التزوّد بخلفية فنية على المستوى المطلوب. وفي حديث لـ»نداء الوطن»، سردت نضال الأشقر حكايتها الطويلة مع هذا المسرح الصامد وسط شارع الحمرا والذي تمّ تجديده لاستقبال «مِشكاله» لهذا العام.
ما الذي يميّز نسخة هذا العام من «مِشكال»؟
في هذه النسخة قلَبْنا المقاييس وغيّرنا قواعد اللعبة، فأسمَينا مِشكال «لعب كبار» حيث نستضيف كبار أساتذة ومحترفي المسرح والطرب والفن ونجمعهم بالهواة ليتعلّموا منهم أسرار وأولويات وخفايا هذا العالم المميز. وعلى خشبة المسرح، سيلعب كبارنا كالصغار، ويقدّمون قطعهم الفنية بكل سلاسة وعفوية وبطريقة لذيذة تدخل القلوب.
من اخترتُم لليوم الإفتتاحي؟
ينطلق «مِشكال» في 11 أيلول المقبل مع رسّام الكاريكاتور وليد شهاب صاحب الريشة الموهوبة منذ أكثر من 10 سنوات، والذي شارك في أنشطة ومسابقات عالمية وحصد المركز الثاني في «كاريكاتوراما شودون». وسيعرض أعماله المميزة بنفحة فكاهية خاصة به، وذلك في تمام السابعة مساءً حيث يتفاعل المشاركون مع ريشته وتقنياته كما سيقوم برسمهم مباشرةً. أما وفي تمام الساعة الثامنة مساءً، فالكلّ على موعد مع حفلة «بيكار بيروت»، وهي فرقة شبابية لبنانية أسّستها هالة رمضان سنة 2018، وستؤدّي على مسرحنا الموسيقى التقليدية التراثية والطربية العربية الأصيلة تحت شعار «لا للتلوث السمعي».
ماذا ينتظر الجمهور من فعاليات أخرى؟
يوم الثلاثاء 12 أيلول المقبل، عند الساعة الخامسة من بعد الظهر، يحتضن المسرح ورشة غناء شرقي جماعي مع غادة غانم تحمل عنوان «غنّي عليها تَنجَلي». وتمتد الورشة ثلاث ساعات، متضمنةً فقرة لتحمية الصوت، ليبدأ بعدها التركيز على تقنية استعمال آلة الصوت، مع أحد أهم أساتذة الصوت والموسيقى في لبنان. وسيغنّي الموجودون بشكل جماعي أغاني لفيروز ووردة وأم كلثوم، فيما يكمن هدف غانم الأساسي منها الوصول إلى تأسيس نادي غناء للنساء من كل الأعمار. وعند الثامنة من مساء اليوم نفسه، سيكون الحضور على موعد مع ورشة عمل مع مؤسِّس «مسرح الدمى اللبناني خيال» كريم دكروب، وتتمحور حول كيفية إعداد ممثل فن الدمى كي يصبح غير مرئي. وفيها يتشارك دكروب 30 عاماً من الخبرة والشغف في هذا الفن النادر بطريقة بسيطة وتفاعلية، ويعلّمنا كيف نعطي الدمى حكاياتها وشخصياتها وننفخ فيها الحياة، على أمل أن نتمكن يوماً ما من الكشف وبكل موضوعية ووضوح عن الوجوه السياسية التي تحرّك الدمى في بلادنا وتخرّب الصورة.
كذلك، سيكون الممثل والمخرج والمؤلف السوري الكبير فايز قزق، الذي عُرف بالكثير من الأدوار التمثيلية في «الزند» و»للموت 3» وغيرها، ضيف المسرح يوم الأربعاء 13 المقبل الساعة الثالثة من بعد الظهر في «ماستر كلاس مع فايز قزق» حول مفهوم الإرتجال كمنهاج علمي في عمل الممثل المتدرّب. فيما خصّصنا الأمسية لتكون تحية إلى روح الفنان المسرحي مجدي بو مطر الذي غادرنا العام المنصرم عن عمر 47 عاماً، وذلك عبر مسرحية «مجدي بو مطر، شعلة نار» من كتابة وتمثيل ندى حمصي وإشراف المخرجة لينا أبيض.
وتُختتم فعاليات «مِشكال» يوم الخميس 14 أيلول الساعة الثامنة مساءً مع الضحك والفكاهة في «الستاند أب كوميدي» «مش أبيض» لعلاء أبو دياب. ويبلغ سعر البطاقة لهذه الحفلة 5 و10 دولارات أميركية.
من اختار البرنامج لهذا العام؟
جرت العادة أن يكون «مِشكال» على «مسرح المدينة» مساحة حرة للشباب لتقديم مواهبهم وإيصال فنهم وكلمتهم، فيقومون هم بالتنظيم والتحضيرات والتنفيذ من الألف إلى الياء. لكن الأمور اختلفت هذا العام، حيث قرّرنا أن نستضيف الكبار في مجالنا ليكونوا قدوةً لهؤلاء الشباب ويتفاعلوا معهم في مختلف المجالات، الأمر الذي وفّر الكثير من التحضيرات كونهم يأتوننا محمَّلين بخبراتهم ومعداتهم وبرامجهم.
أخبرينا عن التحضيرات؟
بدأت التحضيرات منذ أشهر عدة، حيث قرّرنا ترميم المسرح وإجراء الإصلاحات اللازمة له ليستقبل «مِشكال» وكباره بحلّة جديدة تليق بهم. فقد قمنا بتوسيع خشبة المسرح، مع العلم أنه الأكبر في لبنان، وبدّلنا السجاد الموجود، وعملنا على تحسين تقنيات الصوت والإضاءة وطلاء الجدران. كما طالت التحسينات «قاعة نهى الراضي» والمسرح الصغير الذي سيحتضن هذا العام مفاجأة كبيرة تنتظر جمهور «مِشكال».
كيف يستطيع «مِشكال» الإستمرار وسط التحديات؟
يقول الشاعر الإسباني أنطونيو ماتشادو: «ليس هناك من طريق، الطريق نشقّه ونحن نمشي»، هذه العبارة بالذات تترجم عنوان ووضع «مِشكال» و»مسرح المدينة» معاً. نحن مستمرون ونمشي منذ سنين بالرغم من كل العقبات، همّنا ألّا نتوقف أو نستسلم، وذلك بفضل رسالتنا وبتمويل أفراد من المجتمع المدني ما زالوا يؤمنون بنا وبالمسرح.
لكن وللأسف، نحن أمام حائط مسدود يحتاج خرقه الكثير من الإيمان في بلد منهار بنظامٍ فاسد وفقر وبطالة وغياب كافة حقوق المواطن. وفي وسط هذا السواد، يلمع دور المسرح ليكون مساحة للتنفس والتعبير والتحليق بالحلم نحو الأعلى. وعلى الرغم من غياب دور الحكومة ووزارة الثقافة عن صورة الدعم المادي والمعنوي للمسرح، لا نزال مستمرين حتى الساعة بمسارحنا الأربعة التي جدّدناها أخيراً ضمن إمكاناتنا وهي «قاعة نهى راضي» و»قاعة جون ليتل وود» للتمرين، والمسرحَين الكبير والصغير.
