أداءٌ ساحر وأجواء موسيقية راقية

أجنحة جبران المتكسّرة مع London’s West

12 : 55

أمضى الحضور في مهرجان بيت الدين أمسية رائعة مع فرقة London’s West end hit Musical التي قدمت رواية جبران خليل جبران "الأجنحة المتكسّرة" في مسرحية غنائيّة بموسيقى وكلمات نديم نعمان ودانا الفردان تكاد تصل الى مرتبة الأوبرا.

تصدّرت مدخل المسرح صورة جبران ولوحاته تضيئها انوار الشموع مما أضفى على المكان جواً من الخشوع أهّل الوافدين للدخول الى عالم جبران المليء بتذكارات موجعة ودموع يائسة تنوح على صبية كانت بالامس نغمة شجيّة بين شفتي الحياة، فأصبحت اليوم سراً صامتاً في صدر الأرض. التأم شمل الحضور الكثيف، فافتتح قائد الاوركسترا المسرحية بإيقاعات صاخبة، تلتها أنغام تساقطت كحبات المطر على زجاج النوافذ، واذ بجبران يجلس خلف طاولة في زاوية من المسرح يخط على الورق قصة حبه.

خفتَ صوت الموسيقى تدريجاً فقام جبران يروي حكاية شاب في الثامنة عشرة وقع في غرامٍ بائس لا شفاء منه.

وبينما يستهل جبران الكاتب الرواية، اذ بجبران الشاب يظهر على المسرح ليؤدّي دوره في حوار غنائي تقوى الموسيقى معه حيناً ثم تنساب بخفر احياناً عندما يصبح الكلام سيّد الموقف. أراد المخرج ابراز جبران الكاتب عند كل انتقال من مشهد مسرحي الى آخر، وما بينهما كان ينزوي وراء طاولته، أو يقف منفعلاً او متفائلاً مع كل تطوّر في مجريات الرواية.

تبدأ الرواية بزيارة قام بها جبران الى رجل نبيل وثري في بيروت يدعى فارس كرامة، وفي ذلك البيت الكريم تعرّف الى ابنته سلمى، وهي المرأة الوحيدة التي أيقظت روحه بمحاسنها ولمس الحب شفاف قلبيهما منذ اللقاء الاوّل. فشعر جبران بانعتاقةٍ من عبودية الحيرة الى مواكب المحبة التي ترفع الناس الى مقامٍ سام لا تبلغه شرائع البشر وتقاليدهم.

بارك فارس كرامة تلك اللقاءات بين الشابين، وفي احدى الاماسي قدم خادم المطران بولس غالب يطلب من الوالد مقابلة سيّده لامور ذات أهميّة. وعند عودته اعلم ابنته بانها عمّا قريب ستخرج الى ذراعي رجل آخر، فالمطران قد طلبها لابن أخيه منصور الطامع في ثروة أبيها.

لم يتحمل جبران الكاتب وقع تلك الصدمة فهبّ من وراء طاولته يكمل مسيرة الشّابين اللذين تعاهدا على الوفاء حتى بعد زواج سلمى، فأخذا يلتقيان في معبدٍ صغير محفور في قلب صخرة بيضاء.

مرّت أعوام خمسة واذ بسلمى تستعدّ لتصبح أماً، وفي اليوم الموعود انطرحت على مضجع المخاض والاوجاع، فانتصب الموت والحياة يتصارعان بجانب فراشها. قرّبت ولدها من ثديها ففتح عينيه للمرة الأولى ونظر في عينيها ثم اختلج وأغمضهما للمرة الأخيرة. ضمّت سلمى طفلها بحرارة وخاطبته قائلة: "قد جئت لتنتشلني من هذا الكهف المظلم"، ثم أسلمت الروح.

لو تمنّى جبران خليل جبران أن تؤدّى روايته في مسرحيّةٍ غنائيّة راقية اجتمع فيها الاخراج المتقن الى جانب التمثيل الرفيع ترافقهما أصوات اوبراليّة شجيّة، لما رغب في أفضل ممّا قدّمته هذه الفرقة.

* آخر عرض للمسرحية في «مهرجانات بيت الدين» اليوم.


MISS 3