جاد حداد

Beckham... ديفيد وفيكتوريا بيكهام كما لم نشاهدهما من قبل

14 تشرين الأول 2023

02 : 00

يتألف الوثائقي Beckham من أربعة أجزاء تمتد على أربع ساعات، وهو من إخراج فيشر ستيفنز. يعرض العمل قصة طفل بسيط وُلِد في لندن ثم عاد وأصبح واحداً من أشهر لاعبي كرة القدم في العالم، حتى أنه تحوّل إلى شخصية مشهورة عالمياً مع زوجته، نجمة البوب فيكتوريا بيكهام، التي عُرِفت سابقاً باسم «بوش».

تبدأ الحلقة الأولى بظهور ديفيد بيكهام أمام خلايا النحل التي يحتفظ بها الآن في منزل عائلته الريفي في منطقة «كوتسوولدز» البريطانية. سنشاهد مقاطع مأخوذة من 1300 أو 1400 فيديو صوّرها والده تيد من أيام طفولته. يروي الأب وابنه قصة حياة بدت مُصمّمة منذ البداية لإرسال ديفيد، في عمر الثانية عشرة أو الثالثة عشرة، إلى مدرب فريق «مانشستر يونايتد»، السير أليكس فيرغسون، الذي عرض على ذلك الفتى التوقيع على عقد فوري.

في أول يوم من موسم الدوري الإنكليزي الممتاز في العام 1996، سجّل بيكهام هدفاً لصالح «مانشستر يونايتد» من منتصف الملعب، وكانت تلك التسديدة كفيلة بتداول اسمه حول العالم وسبباً لشهرته الدولية.

بعد مرور بضعة أشهر، كان بيكهام يشاهد التلفزيون مع زميله في الفريق، فشاهد لقطة لفرقة «سبايس غيرلز» وأشار إلى الفتاة التي كانت تسمّي نفسها «بوش» وأعلن فوراً أنه سيتزوج بها. بعد فترة قصيرة، وقع البلد كله تحت سحر علاقتهما الرومانسية. يقول بيكهام عن تلك الفترة: «لقد انجذبتُ إليها بكل بساطة». وتقول فيكتوريا بدورها إنها انجذبت إليه، مع أنها توضح في الوثائقي أن كرة القدم لا تهمّها بأي شكل، لكنها تهتم بزوجها كثيراً. يتذكر ديفيد أنه اقتنع، منذ بداية فترة المواعدة بينهما، بأنه وجد المرأة المناسبة وتوقّع أن تتطور علاقتهما بسرعة.

باختصار، كان ديفيد يتسلل من معسكر التدريبات ويقود سيارته لأربع ساعات من لندن لرؤية فيكتوريا لعشرين دقيقة فقط. اشتهرت صورته وهو يلفّ وشاحاً حول سرواله أثناء تواجده معها في البلد، وأثارت تلك الصورة ضجة واسعة في تلك الفترة. وفي الليلة التي سبقت مباراة حاسمة في كأس العالم 1998 ضد الأرجنتين، كانت فيكتوريا تشارك في جولة مع فرقة «سبايس غيرلز»، فاتصلت بديفيد لتخبره بأنها حامل بطفلهما الأول.

كان ما حصل في اليوم التالي نقطة محورية في أحداث الوثائقي: يعرف الإنكليز، أو محبو كرة القدم، أو من شاهدوا تلك المباراة خلال التسعينات، حقيقة ما حصل حينها. ارتكب لاعب خط الوسط الأرجنتيني دييغو سيميوني خطأً بحق بيكهام وطرحه أرضاً، فركله ديفيد فوراً على ربلة ساقه. سقط سيميوني أرضاً بطريقة استعراضية وهو يمسك ساقه، فحصل بيكهام على بطاقة حمراء من الحَكَم وغادر المباراة التي خسرت فيها إنكلترا في ركلات الترجيح وخرجت من البطولة.

نتيجةً لذلك، أصبح بيكهام أكثر رجل مكروه في إنكلترا. هو يقول اليوم: «يا ليتنا نستطيع أخذ حبة بسيطة لمحو هذا النوع من الذكريات. لقد ارتكبتُ خطأً غبياً سرعان ما غيّر حياتي». قبل أن يبدأ بالاختباء بعيداً عن الأنظار، راح غرباء يصرخون في وجهه ويبصقون عليه. لقد لامه جميع من في البلد على خسارة إنكلترا المهينة، بدءاً من مدرب المنتخب الإنكليزي وصولاً إلى رئيس الوزراء توني بلير، والصحافة، ومحبّي كرة القدم عموماً. حتى أن إحدى الحانات في لندن علّقت دمية مخيفة ترتدي طقم بيكهام في المنتخب الإنكليزي. في غضون ذلك، أرسل الناس رصاصاً في البريد إلى مكاتب «مانشستر يونايتد»، وراح عشرات آلاف المشجعين يشتمونه عند تقديمه في المباريات خارج أرض فريقه أو كلما لمس الكرة. وعندما حضرت فيكتوريا لمشاهدة زوجها وهو يلعب، راح عشرات آلاف المشجعين يرددون عبارات بذيئة ذات إيحاءات جنسية ضدها. يتذكر ديفيد أيضاً تهديدات القتل التي تلقاها والداه ويعترف بأنه لا يزال نادماً على كل ما حصل رغم بلوغه 47 عاماً اليوم.

لا يتميز الوثائقي بعرض هذه الأحداث ولقطات من الأرشيف عن جميع التطورات الآنف ذكرها فحسب، بل إنه يسلّط الضوء أيضاً على نفسية ديفيد وفيكتوريا حين يتكلمان عن موضوع حرصا على تجنّبه طوال عقود. من الواضح أن تلك المرحلة وتداعياتها المطوّلة تركت أثراً عميقاً في داخلهما. أصيب ديفيد بالاكتئاب، وتعترف فيكتوريا الآن بأنها لا تزال ترغب في «قتل هؤلاء الأشخاص» لأنهم اخترقوا خصوصيتها، وطاردوها هي وعائلتها، وأجبروهما على توحيد صفوفهما والتمسك بزواجهما.

يوحي الوثائقي بأن استرجاع مستوى ديفيد في أرض الملعب كان العلاج الذي شفاه من جروحه، لكن من الواضح أن قوة ذلك الزواج هو الأساس في حياة الثنائي. هما يتكلمان معاً في الوثائقي أو بشكلٍ منفصل، فيوافقان على بعض الأمور ويختلفان في مسائل أخرى، ويسخران من بعضهما أحياناً، ولا يترددان في الكشف عن بعض الأسرار الشائكة. هذا ما حصل مثلاً حين أخبر ديفيد زوجته بأنه لم يستطع حضور ولادة ابنهما الأصغر، كروز (لديهما أربعة أولاد)، بسبب مشاركته في جلسة تصوير مع بيونسيه وجينيفر لوبيز. وفي اعتراف آخر، طلب ديفيد من فيكتوريا أن تصفف شعره حين كانت مستلقية على سرير المستشفى، بعدما تلقّت إبرة الظهر وأنجبت للتو، كي يتمكن من التكلم مع الصحافيين عن المولود الجديد. هما يتكلمان أيضاً بكل صدق وحذر عن شائعات الخيانة خلال الأوقات العصيبة التي مرّا بها في بداية الألفية الثالثة.

سنكون في النهاية أمام قصة حب مثالية نشأت وسط مخالب الشهرة، والثروة، والنجاح. لكن لا يتعلق العامل المفاجئ فعلياً بزواج واحد من أشهر الرياضيين المعاصرين بواحدة من أشهر نجوم البوب المعاصرين، بل بحجم القوة والتفاني الذي يتمتع به هذا الثنائي لتحويل إعجاب أولي وشبه طفولي إلى علاقة حب قوية وزواج مستقر وعائلة قادرة على تحمّل جميع الصعاب.


MISS 3