شركة "LEGO" تتجه إلى وقف استعمال البلاستيك المُعاد تدويره

02 : 00

تُعتبر شركة "ليغو" من أكبر مصنّعي الألعاب في العالم، وقد بَنَت سمعتها بفضل قوّة قطع اللعب التي تنتجها، فهي مصمّمة كي تدوم لعقود. لكنّها معروفة أيضاً باستثمارها القوي في المششاريع المستدامة.



تعهدت الشركة بتخصيص 1.4 مليار دولار لتخفيض انبعاثات الكربون بحلول العام 2025، مع أنها حصدت أرباحاً سنوية بقيمة مليارَي دولار تقريباً في العام 2022.

هذا الالتزام ليس مجرّد حبر على ورق، إذ تدرك الشركة أن معظم عملائها يتألفون من الأولاد وأهاليهم وتعتبر الاستدامة مرادفة للسعي إلى ترك كوكب صالح للسكن للأجيال المستقبلية.

كان مفاجئاً إذاً أن تذكر صحيفة «فاينانشل تايمز»، في 25 أيلول 2023، أن الشركة انسحبت من مبادرة «تحويل القناني إلى قرميد» التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة.

يهدف هذا المشروع الطموح إلى استبدال قطع الليغو البلاستيكية التقليدية بمادة جديدة مصنوعة من قناني بلاستيك أُعيد تدويرها. لكن حين قيّمت الشركة الأثر البيئي للمشروع في مختلف سلاسل إمداداتها، استنتجت أن إنتاج القطع عبر استعمال البلاستيك المُعاد تدويره يتطلب نسبة إضافية من المواد والطاقة لجعلها مستدامة بما يكفي.

وبما أن عملية التحويل هذه كانت لتزيد انبعاثات الكربون، قررت الشركة أن تتابع استعمال موادها الراهنة المصنوعة من الوقود الأحفوري، تزامناً مع متابعة البحث عن بدائل أكثر استدامة.

يظن خبراء الاستدامة وسلاسل الإمدادات العالمية أن الخطوة التي اتخذتها شركة «ليغو» ستطلق نزعة متزايدة نحو تطوير حلول مستدامة لسلاسل الإمدادات كلها في إطار اقتصاد دائري. من المنتظر أن تتسارع هذه المشاريع بفضل إجراءات جديدة اتخذها الاتحاد الأوروبي سابقاً وولاية كاليفورنيا قريباً.

تبنّى الاتحاد الأوروبي، في حزيران 2023، أول مجموعة من «معايير تقارير الاستدامة الأوروبية» التي تفرض على الشركات المتداولة علناً في الاتحاد أن تكشف عن حجم انبعاثات النطاق الثالث (انبعاثات الكربون غير المباشرة من سلسلة القيمة الخاصة بالمنظمة وغير المرتبطة بتوليد الطاقة التي تشتريها الشركة)، بدءاً من التقارير التي تنوي إصدارها للسنة المالية 2024.

كذلك، مرّرت ولاية كاليفورنيا تشريعاً مشابهاً لمطالبة الشركات التي تجني أكثر من مليار دولار بالكشف عن النوع نفسه من الانبعاثات. يجب أن ينهي حاكم كاليفورنيا تقييم مشروع القانون قبل 14 تشرين الأول 2023 ومن المنتظر أن يوقّع عليه.

على المستوى الفدرالي، طرحت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية اقتراحاً، في آذار 2022، لمطالبة جميع الشركات العامة بتقديم بيانات عن الانبعاثات والمخاطر المرتبطة بالمناخ، بما في ذلك انبعاثات النطاق الثالث.

بعد تلقي ردود سلبية، بدأت هيئة الأوراق المالية والبورصات تعيد النظر بقواعد الإبلاغ عن تلك الانبعاثات. لكن توقّع رئيس الهيئة، غاري غنسلر، خلال جلسة استماع في الكونغرس، في أواخر أيلول 2023، أن يؤثر قرار كاليفورنيا على توجهات المنظمين الفدراليين. يبدو أن هذا التركيز المتزايد على معرفة حجم انبعاثات النطاق الثالث سيزيد الضغوط على الشركات.

نظراً إلى أهمية انبعاثات النطاق الثالث وتجاهل قياسها أو الإبلاغ عنها في معظم الحالات، من حق المستهلكين أن يشعروا بالقلق من أن تكون جهود تخفيض الانبعاثات وحماية البيئة مجرّد شعارات لا تترافق مع خطوات عملية لمحاربة التغير المناخي.

يمكن اعتبار ما فعلته شركة «ليغو» تجربة تحذيرية في مجال معقّد يتأثر بالعوامل البيئية والاجتماعية ونظام الحوكمة ولا تبدو الشركات مستعدة للتعامل معه بعد. فيما تخضع شركات متزايدة للتدقيق بسبب انبعاثات الكربون، قد تزيد الحالات التي تصطدم فيها جهود الاستدامة الصادقة بحقائق مزعجة.

يستدعي هذا الوضع تغيير مفهوم الاستدامة بحد ذاته، فلا يُعتبر مجرّد قائمة من الخطوات التي يُفترض أن يطبّقها المعنيون، بل عملية معقدة ومتواصلة تتطلب أعلى درجات الحذر والشفافية، ولا ننسى أهمية الالتزام بتحقيق مصالح الأجيال المستقبلية.


MISS 3