جاد حداد

Partner Track... كوميديا رومانسية متخبّطة

3 تشرين الثاني 2023

02 : 00

ربما يتعلق أسوأ عنصر في أي كوميديا رومانسية بتحوّل الأبطال الرئيسيين إلى شخصيات بغيضة. إنها لحظة محورية، أو حتى ضرورية، لكن يضطر المشاهدون لتحمّلها قبل بلوغ المرحلة التي تتعلم فيها جميع الشخصيات الدروس، وتتقبل حقيقتها، ويتبادل الثنائي الأساسي القُبَل على وقع أغنية بوب ممتعة، ثم ينسى الجمهور جميع تفاصيل العمل بعد انتهائه. من دون ذلك التوتر المزعج، لا يمكن الاستمتاع بالنتيجة النهائية.

هذه هي المعضلة التي يواجهها مسلسل Partner Track (مسار الشراكة). تعرض شبكة «نتفلكس» هذه الكوميديا السطحية المقتبسة من رواية هيلين وان حول محامين يتحاربون لعقد الشراكات، لكن لا يكف البعض عن إلهاء البعض الآخر. «إنغريد» (أردين شو) هي الفتاة الذهبية المجتهدة في الشركة، فهي دائمة الاستعداد للعمل بعد انتهاء الدوام وتبذل قصارى جهدها لتنفيذ ما يطلبه منها رب عملها المزاجي (ماثيو روش)، مهما كانت طلباته شائكة أخلاقياً. هي تخبرنا في تعليقها الصوتي في بداية القصة أنها اختارت الانضمام إلى شركة Mergers and Acquisitions لأن أفضل المحامين يحملون هذا الطموح. هي تعتبر اضطرارها للتنازل عن قِيَمها، أو التضحية بأصدقاء مثل «رايتشل» (ألكسندرا تورشين) و»تايلر» (برادلي غيبسون) لضمان ترقيتها داخل الشركة، مجازفة لا بد منها في مجال العمل.

قد تُمهّد هذه الخلفية لنشوء صراع مثير للاهتمام، لا سيما حين تتزامن التطورات مع المصاعب التي تواجهها «إنغريد» للتوفيق بين طموحها وتخبّط الشركة بسبب حادثة عنصرية تورط فيها أكبر منافسيها (نولان جيرارد فانك) في منتصف الموسم. يحصل المسلسل على أفضل وأعمق مواد يمكن استغلالها لرفع مستوى العمل بسبب إحباط «إنغريد» من اعتبارها مجرّد امرأة أميركية من أصل آسيوي في المكتب، مع أنها لا تريد إلا أن يتعامل معها الجميع كمحامية. لكن يعني بلوغ هذه المرحلة أن يسود الملل في أولى الحلقات التي تقتصر على حوارات بسيطة وسطحية. حتى أن المشاهدين الفضوليين قد لا يتابعون المشاهدة بعد هذه المرحلة.

قد تزيد سهولة تقبّل عيوب «إنغريد» في العمل لو كانت حياتها العاطفية أكثر صخباً وحيوية لرفع مستوى المسلسل. لكن يفشل العمل في هذا المجال أيضاً، فيلجأ إلى حوارات روتينية على شكل «مزاح قوي» ومثلث حب غير مثير للاهتمام. من جهة، سنتعرّف على الشاب الثري «نيك» (روب هيبز) الذي يبدو مناسباً لـ»إنغريد». ومن جهة أخرى، سنقابل «جيف ميرفي» (دومينيك شيروود)، الموظف الأنيق القادم من لندن. يبدو أن «جيف» التقى بـ»إنغريد» قبل سنوات خلال حفل زفاف، وقد جعلها ذلك اللقاء تفكر به منذ ذلك الحين. لكن يصعب الاقتناع بهذه الأحداث بسبب ضعف الكيمياء بين شو وشيروود. حتى المشاهد المثيرة بالإيقاع البطيء لا تعكس التوتر الجنسي الذي يحتاج إليه هذا الثنائي طوال الوقت. لولا إصرار السيناريو على جعل «إنغريد» و»جيف» الثنائي النهائي، كان من الأسهل الاقتناع بأنها محكومة بعلاقة عاطفية أخرى مع «زي» (ديسموند شيام)، وهو ابن عميل تصطدم قِيَمه مع غياب المبادئ في الشركة. ثمة شرارة واضحة بينه وبين «إنغريد» خلال المشاهد القصيرة التي تجمعهما.

من المؤسف أن يفتقر المسلسل إلى التماسك في معظم جوانبه، لأن حبكته الأصلية وشخصياته وأدواره الثانوية تبدو واعدة في البداية. يقدّم غيبسون وتورشين وفانك أداءً ممتازاً حين تتعثر شخصياتهم وتظهر لمدة إضافية بعيداً عن شخصية «إنغريد»، ما يثبت على الأرجح ضعف الجوانب المرتبطة ببطلة القصة لدرجة أن تصبح الأقل إقناعاً بين الشخصيات كلها، مع أن المسلسل يتمحور حولها. لو كان المسلسل فيلماً مدته 95 دقيقة، كان ليضطر لمَنْتَجة قصته وحواراته المتعثرة، وكان ليجد إيقاعاً أكثر حيوية عند التنقل بين مختلف المشاهد. لكن بما أن المسلسل يمتد على عشر حلقات، يخصص صانعو العمل وقتاً مفرطاً وهو يُظهِر «إنغريد» كشابة عالقة في مستنقعات غير أخلاقية لجعل توبتها أكثر إقناعاً وإرضاءً للمشاهدين في نهاية المطاف.


MISS 3